"القاعدة: إرادة العموم من الألفاظ الدالة عليه" مدلول القاعدة: إذا ورد لفظ من ألفاظ العموم وشككنا في أن المراد الجدي هو العموم أيضا أو لا، فالأصل المطابقة بين المدلول التصوري والمراد الجدي، كما أن هذه الأصالة تجري لو علمنا بالمدلول التفهيمي وشككنا في كونه مراداً جداً، ( ) والعلامة، وجمهور المحققين. وقال السيد – رحم – (في الذريعة إلى أصول الشريعة، ص 201) وجماعة: إنه ليس له لفظ موضوع إذا استعمل في غيره كان مجازا، بل كل ما يدعى من ذلك مشترك بين الخصوص والعموم. ونص السيد على أن تلك الصيغ نقلت في عرف الشرع إلى العموم، كقوله بنقل صيغة الامر في العرف الشرعي إلى الوجوب. وإنما يستعمل في العموم مجازا. فالعامّ: هو اللّفظ الموضوع للدّلالة على استغراق أجزائه أو جزئيّاته، كما عرّفه شيخنا البهائي رحمه اللّه في «الزّبدة»: ص 125. واحترز بقيد الموضوع للدلالة عن المثنّى والجمع المنكر وأسماء العدد، فإنّها لم توضع للدلالة على ذلك وإن دلّت. وهذا اصطلاح، وإلّا فلا مانع من جعل العشرة المثبتة أيضا عامّا كما يشهد به صحّة الاستثناء. فالعامّ على قسمين إمّا كلي يشمل أفراده أو كلّ يشمل أجزائه. والعامّ المعهود الغالب الاستعمال في كلامهم هو المعنى الأوّل، ولذلك ذكروا انّ دلالة العموم على كلّ واحد من أفراده دلالة تامّة، وليست من باب الكلّ، ويظهر الثمرة في المنفي. بمعنى الكلي المجموعي، بخلاف المعنى الأوّل، نظير ضربت العشرة وما ضربت العشرة. " ( ) الأول أن الألفاظ التي يدعى وضعها للعموم تستعمل فيه تارة وفي الخصوص أخرى. لعلم ذلك إما بالعقل، إذ لا مجال للعقل بمجرده في الوضع، وإما بالنقل، والآحاد منه لا تفيد اليقين. ولو كان متواترا لاستوى الكل فيه" ( ) ويرد على ذلك بوجهين: أولا: أنه مصادرة وخلط بين العام والخاص. وثانيا: بما في الكفاية بقول الشيخ(قد)" والجواب عن الأول أن مطلق الاستعمال أعم من الحقيقة والمجاز والعموم هو المتبادر عند الإطلاق وذلك آية الحقيقة فيكون في الخصوص مجازا إذ هو خير من الاشتراك حيث لا دليل عليه. وعن الثاني منع الحصر فيما ذكر من الأوجه فإن تبادر المعنى من اللفظ عند إطلاقه دليل على كونه موضوعا له وقد بينا أن المتبادر هو العموم. " ( ) وعن الكفاية أيضاً قوله "قد عرف العام بتعاريف، وقد وقع من الاعلام فيها النقض بعدم الاطراد تارة والانعكاس أخرى بما لا يليق بالمقام، فإنها تعاريف لفظية، تقع في جواب السؤال عنه ب‍ (ما) الشارحة، لا واقعة في جواب السؤال عنه ب‍ (ما) الحقيقية، كيف؟ وكان المعنى المركوز منه في الأذهان أوضح مما عرف به مفهوما ومصداقا، المقياس في الاشكال عليها بعدم الاطراد أو الانعكاس بلا ريب فيه ولا شبهة يعتريه من أحد، كما هو أوضح من أن يخفى" ( ) والتعريفات من زبدة الأصول: "قيل: العام هو اللفظ المستغرق لما يصلح له، ونقض عكسا بالمسلمين والرجال إن أريد بالموصول الجزئيات، فتعين الأعم، فانتقض طردا بزيدين وزيدين والجمل وعشرة، وقد يسدد بتمحلات. وزاد الفخري بوضع واحد لئلا يختل طردا بالمشترك، وقد يقال: وعكسا أيضا الغزالي: اللفظ الواحد الدال من جهة واحدة على شيئين فصاعدا، وطردا بالمثنى والجمع المجرد، وقد يصلح بتكلفات. الحاجبي: ما دل على مسميات باعتبار أمر اشتركت فيه مطلقا [ضربة]، وقال: يخرج ب‍ " اشتركت " عشرة، و " بمطلقا " المعهود، وب‍ " ضربة " رجل، وقد يذب عنه بتعسفات. العلامة: هو اللفظ الواحد المتناول بالفعل لما هو صالح [له] بالقوة مع تعدد موارده، ويرد سبق الصلوح العموم مع انتقاض عكسه بالأطفال وعلماء البلد والموصولات كالذي يأتي، وبأسماء الشرط ك‍ " مهما تأكل " لتناولها قوة ما لا يتناوله فعلا، ويمكن توجيهه بتكلف. ولا يبعد أن يقال: هو اللفظ الموضوع للدلالة على استغراق أجزائه أو جزئياته. " ( ) وقد عرفه السيد الصدر (قد) بأنه " الاستيعاب المدلول عليه باللفظ" ( ) إن ذلك لوجهين: 1 - إن المعنى المرتكز في ذهننا لمفهوم العام هو أوضح بكثير من التعريف المذكور وغيره، فنقول مثلا: إن مفهوم العشرة لا يصدق عليه عنوان العام بالوجدان، ولكن رغم ذلك يشمله التعريف، فلا يكون طاردا للأغيار، بينما مفهوم كل عين يصدق عليه عنوان العام بالوجدان، ولكنه لا يصدق عليه التعريف. 2 - إن حقيقة العام لا حاجة إلى تحديدها لعدم ترتّب أثر عليها، فإن الأحكام - التي هي من قبيل هل العام حجة في الباقي ونحو ذلك - مترتّبة على مصاديق العام وأفراده، مثل العلماء، وكل رجل، وهكذا، ومعه فيكون المهم الحصول على مفهوم جامع لهذه المصاديق ليمكن ترتيب الأحكام عليه، وليس من المهم في ذلك المفهوم الجامع أن يكون حقيقيا، بل يكفي أن يكون صالحا للاستعانة به إلى توجيه الأحكام على الأفراد" ( ) " قوله: فإنها تعاريف لفظية الخ: قد مر في مبحث مقدمة الواجب تفصيل القول في عدم مساوقة التعريف اللفظي لما يقع في جواب ما الشارحة فراجع ما هناك. قوله : باختلاف كيفية تعلق الأحكام به الخ : أي باعتبار موضوعية للحكم يلاحظ على نحوين لا أن النحوين يتحققان بتعلق الحكم به لاستحالة اختلاف المتقدم بالطبع من ناحية المتأخر بالطبع ، وهذا المعنى الكذائي محفوظا وإن ورد عليه اعتبارات مختلفة فقد يرتب الحكم عليه بلحاظ تلك الكثرة الذاتية كما في الكل الافرادي فجهة الوحدة وإن كانت محفوظة فهي ملغاة بحسب الاعتبار في مقام الموضوعية للحكم وقد ترتب الحكم عليه بلحاظ تلك الوحدة كما في الكلي المجموعي فالكثرة وإن كانت محفوظة كيف والمفهوم متقوم بها لكنها ملغاة في مرحلة موضوعية المعنى لحكم واحد حقيقي كيف ويستحيل تعلق حكم وحداني بالحقيقة بموضوعات متعددة ، وفي الشق الأول وإن كان الانشاء واحدا إلا أنه حيث كان بداعي جعل الداعي بالإضافة إلى كل فرد من أفراد العام فهو مع وحدته مصداق للبعث الجدي بالإضافة إلى كل فرد فرد وأما مع قطع النظر عن الموضوعية للحكم فلا معنى للأصالة والتبعية فان نسبة الوحدة من جهة والكثرة من جهة إلى المعنى على حد سواء ليس إحديهما أصلا بالإضافة إلى الأخرى وهكذا الأمر بالنسبة إلى الاستيعاب والبدلية فان وحدة المفهوم والكثرة بالذات المقومتين للعام محفوظتان غاية الأمر أن الكثرة ملحوظة بنحو الشمول والاستيعاب بحيث يكون الكثير بتمامه إما موضوعا للحكم ، أو جزء موضوع الحكم أو بنحو يكون كل واحد من الكثرات على البدل موضوعا للحكم وإلا فالعام المتقوم بوحدة مفهومية وكثرة ذاتية أمر جامع بين أنحاء العموم . قوله: لعدم صلاحيتها بمفهومها للانطباق الخ. فان قلت: استغراق العشرة بلحاظ الواحد فان كل مرتبة من مراتب الأعداد مؤلفة من الآحاد والواحد ينطبق على كل واحد فالعشرة توجب استغراق الواحد إلى هذا الحد وعدم انطباق العشرة بما هي على الواحد غير ضائر أن مفهوم كل عالم لا ينطبق على كل عالم، بل مدخول الأداة بلحاظ السعة المستفادة منها فاللازم انطباق ذات ما له الاستغراق والشمول لا بما هو مستغرق وإلا فليس له إلا مطابق واحد. قلت: الفرق أن مراتب الأعداد وإن تألفت من الآحاد إلا أن الواحد ليس مادة لفظ العشرة كي يكون له الشمول، بل العشرة له مفهوم يباين سائر المفاهيم من مراتب الأعداد حتى مفهوم الواحد بخلاف الرجل الواقع بعد كل فإنه صالح للانطباق على كل رجل في حد ذاته وبواسطة الأداة صار ذا شمول واستغراق بحيث لا يشذ عند فرد ولعله قده أشار إلى ما ذكر بقوله فافهم. " ( ) نتيجةً هو ناظر على نحو الوحدة العامة مرة على الشمولية (الاستيعاب) ومرة على البدلية (الإفراد)، فإذاً هو شمول المفهوم لجميع الأفراد على نحو الجامع للكثرات إن صح التعبير. فالشيخ جعل معيارين وهما كثرة الذات وتكثر العدد. " وعلى كل حال فلا ينبغي الارتياب في أن حقيقة العموم - وهو الإحاطة والاستيعاب للأفراد بنفسها من المعاني الواقعية التي لا تحتاج في تصورها إلى تحقق شيء آخر من الجهات الخارجة عن هذا المعنى من حكم أو مصلحة أو غير ذلك، بل لو لم تكن تلك الجهات الخارجية أيضا كان المجال لتصور هذا المعنى وهو الإحاطة والشمول للأفراد، ومن هذه الجهة نقول أيضا بعدم اقتضاء مجرد الاستيعاب للأفراد والإحاطة والشمول لشيء من الاستغراقية والمجموعية، وان مثل هذين الامرين انما هو من الاعتباريات الطارئة على العموم بنحو العرضية المقابل للبدلية بملاحظة امر خارجي في البين من مثل الحكم والمصلحة، وان الاستغراقية انما هي بملاحظة كون الملحوظ بنحو الاستيعاب متعلقا لأحكام متعددة ومصالح كك حسب تعدد الافراد، في قبال المجموعية التي هي أيضا بملاحظة كون الملحوظ بنحو الاستيعاب متعلقا لحكم واحد شخصي غير قابل للانحلال ومصلحة كك،