عندما كنت في الثانوية كان يوجد معنا طالب اسمه محمد يجلس في مقدمة الفصل. عندما جات وقتنا للخروج واكل الطعام، ذهبت لأعرف سر هذا الطالب فأحضرت طعام لي وله، وذهبت للجلوس معه ودار بيننا حوار عميق بدأته بسلام كيف حالك، الحمدالله انا بخير هل تريد شيئا؟ قلت: ماذا بك فانا فقط اريد الجلوس معك، ولقد احضرت لك الطعام معي تفضل. اخذ الطعام وقال: شكرا على الطعام. جلسنا نأكل الطعام وبدأت بالحديث قائلا: لماذا لا تتأتى معنا لتلعب وتأكل! لماذا انت دائما في الصف تجلس وحدك؟، قال وهو حزين جداً: لا أأتي معك لأنني أخاف من ردت فعلكم أخاف من ان تتنمروا على او تجرحوني بكلامكم بسبب حالي، اما عن الطعام فانا لا املك المال لشراء الطعام. ما هو حلمك؟ قال:شكرا لك : كل ما افعله من اجل ان احقق حلمي واحصل على النسبة المطلوبة للبعثة ودراسة الطب في الخارج، فهاذا سيغير حال اسرتي كثيرا. وسيفرحون امي وابي كثيرا فلا أستطيع ان اراهم هكذا، لذلك انا اعمل جاهدا ولا ابالي باي شي من اجل تحقيق هذه الحل فهو حلمي وحلم عائلتي. بعد مرور يومان تفاجأ الجميع بعدم حضور محمد، يوم بعد يوم حتى مر أسبوع واحد ولم يحضر محمد، فاخبروني انه يسكن اخر بيت في حي قديم جدا. اخبرت والدي ان يصطحبني الى هناك. وصلنا الى بيت محمد، قال: تفضل يا ولدي ابني قادم بعد قليل. ذهب والدي وإلا بدقائق يأتي محمد، عندما رآني كان منصدم جدا. ولا يستطيع الذهاب للعمل وامي أيضا لا تستطيع الذهاب لأنها تعتني بوالدي فطررت لترك المدرسة والعمل منذ الصباح الى المساء لكي احصل على المال الذي يكفينا للعيش ولدواء والدي، فبادرت وقلت له: انا من سأتكفل بكل شي، سأعطيك سعر الدواء وابي سيجلب لكم طعام يكفيكم ل ثلاثة شهور وعنما يطلبونا شي في المدرسة سو احضر لك معي. عندما تحقق حلمك رد لي جميلي، بعد سكوت طويل ومحاولات مني لإقناعه وافق بعد ذلك، بشرط ان يرد لي كل شي عندما يكون بحال جيد. رجع محمد الى المدرسة وكنت لأول مره أرى محمد متفائل الى هذه الحد فكانت الابتسامة تملأ وجهه، وكنت سعيد عند رايته، ولأول مره يأتي محمد بملابس جديده وطعام ويخرج للعب معنا، كان ذلك من اسعد اللحظات التي احسست انني استطعت رسم البسمة على وجهه هذه الطالب المسكين. فلا اخبركم عن فرحة والديه وفرحته في ذلك اليوم فقد حقق اول حلم يحلم به وها هو ينطلق نحو حلمه. فذهب ودرس واجتهد وتخرج. ورجع وكان يحمل بيده شهادة الماجستير في الدكتوراه، واستطاع شراء بيت فخم وسيارة فارهه. وفي يوم من الايام اتصل بي وأخبرني انه يريد ان يلتقي بي وتواعدنا في مطعم للقاء. فهذا الشي الوحيد الذي سيرد لي الجميل الذي فعلته معه.