يُعدّ مبدأ رقابة المحاكم على دستورية القوانين قائماً في الولايات المتحدة منذ 1776، حيث بدأت المحكمة العليا الاتحادية بالبتّ في مثل هذه القضايا. وقد أكّد القاضي مارشال حينها على واجب القاضي في تطبيق القانون، لكن بشرط التأكد من دستوريته أولاً، فإذا تعارض القانون مع الدستور، وهو القانون الأعلى الذي ينظم السلطات الثلاث ويحدد حدود سلطاتها، فإن السلطة القضائية لا تتعدّى حدود وظيفتها المنصوص عليها في الدستور نفسه. في الولايات المتحدة، إذا ما ثبت عدم دستورية قانون ما، تمتنع المحكمة عن تطبيقه دون إلغائه، ويبقى الأمر كذلك حتى تقرّ المحكمة العليا بعدم دستوريته. أما في فرنسا، فقد أقرّ دستور الجمهورية الخامسة لسنة 1958 (المادة 161 المعدّلة سنة 2008، والقانون العضوي لسنة 2009)، مبدأ الرقابة على دستورية القوانين عبر الدفع بعدم الدستورية أمام القضاء العادي أو الإداري (محكمة النقض أو مجلس الدولة)، الذي يحيل الأمر إلى المجلس الدستوري للفصل. وقد تبنّى الدستور الجزائري المُعدّل (2016 و 2020) هذا النهج، مُنظّماً آلية الدفع بالقانون العضوي لسنة 2018. يُسمح بالدفع بعدم الدستورية من قبل الخصوم (وليس القاضي) أمام القضاء العادي أو الإداري، باستثناء القضاء الجزائي الابتدائي، مع إمكانية إثارته أمام محكمة الجنايات الاستئنافية. يُشترط أن يكون الدفع بمذكرة مسببة منفصلة، وتفصل الجهة القضائية (محكمة أو مجلس) فوراً بقرار مسبب في إحالة الدفع إلى المحكمة العليا أو مجلس الدولة، بعد استطلاع رأي النيابة العامة. يُرفض أو يُقبل إرسال الدفع بناءً على شروط: تعلّق الحكم التشريعي أو التنظيمي بالنزاع، وعدم التصريح السابق بمطابقته للدستور (إلا بتغيّر الظروف)، و جدية الوجه المثار. في حالة القبول، تُرجّأ الجهة القضائية الفصل حتى إعلامها بقرار المحكمة العليا أو مجلس الدولة أو المجلس الدستوري. تُرسل جميع الوثائق خلال 10 أيام، ولا يُقبل الطعن في قرار الإرسال. تُفصل المحكمة العليا أو مجلس الدولة خلال شهرين بقرار يُبَلّغ الجهة القضائية والأطراف. في حالة الرفض، تُرسل نسخة من القرار المسبب إلى المجلس الدستوري. يُرجّأ الفصل في الطعن – إلا في حالات استثنائية – إلى حين صدور قرار البتّ في الدفع. يُبلغ المجلس الدستوري رئيس الجمهورية ورؤساء المجلسين والوزير الأول، الذين يمكنهم تقديم ملاحظات. جلسات المجلس علنية، ويُسمح لمحامي الأطراف وممثل الحكومة بتقديم ملاحظات شفهية. يُصدر المجلس قراره بعد المداولة، وينشر في الجريدة الرسمية ويُبلغ الجهة القضائية خلال 8 أيام. يفقد النص غير الدستوري أثره من التاريخ الذي يحدده المجلس، والقرار ملزم لجميع السلطات. ويجوز للمجلس تصحيح الأخطاء المادية في قراره.