يشهد العالم حالياً تطوراً غير مسبوق في جميع مجالات الحياة بكل مكوناتها وتفاصيلها وبرز مؤخرا اهتمام ملحوظ بمجال الإدارة وتطورها على اعتبار أن التطور الإداري أصبح جزءًا لا يتجزأ من نهضة الشعوب، ونظرا للتناقص المستمر والندرة في الموارد ، وإدراكاً للدور الذى تقوم به المنظمات في تشكيل أبعاد التنمية والنهضة في المجتمع ، كان لابد من إدارة المنظمات العمل على تحقيق الاستخدام الأمثل للموارد ، ويعد المورد البشرى أحد أهم عناصر ومكونات المنظمات، وأصبح استثماره حاجة لا غنى عنها في إدارة المنظمات، وتكمن أهمية المورد البشرى باعتباره الروح المحركة للمنظمات والقيام بجميع المهام والواجبات والوظائف المطلوبة ومن هنا ظهر الاهتمام بسلوك الأفراد في المنظمات باعتبار أن تنميتهم وتحفيزهم في ظل ظروف عمل مستقرة يعد أساساً لنجاح المنظمات في تحقيق أهدافها وتحسين وزيادة مخرجاتها(محمود،وتواجه المنظمات العامة في الوقت الراهن العديد من التحديات والمتغيرات التي فرضت عليها ضرورة أن تواكب متطلبات التطور والحداثة والديناميكية والتنافسية ، وهو أمر لن يتأتى إلا من خلال العلاقة الإيجابية والمتوازنة بين الإدارة والعاملين، حيث يجدر الإشارة أن الاهتمام بالعنصر البشري هو أساس وضمانة التميز للمنظمات العامة المعاصرة وأهم مقوماتها ((Akbarian,2015.2013) ، فالعدالة التنظيمية بمثابة محرك أساسي يعمل على تعزيز العلاقة بين المرؤوسين وقياداتهم ويدفع للأداء المتميز ، ۲۰۱۹)ويعتبر النمط القيادي للمدير أحد أبرز المتغيرات التي تؤثر في إرساء الشعور بالعدالة التنظيمية ، فتطبيق هذه العدالة التنظيمية يرتكز على تبني القيادة سياسات أخلاقية ترتكز على قيم العدل والنزاهة والشفافية وتوضيح الدور ، 2021). وبدراسة سلوك الافراد داخل المنظمات باعتباره مطلبا هاما في علم السلوك التنظيمي ظهرت نظرية العدالة التنظيمية لما تحويه من انعكاسات على مستوى إشباع الفرد لرغباته وتوقعاته التي يطمح إليها ، فهي تشكل بعدًا هاما لدافعية الفرد نحو الإنجاز والشعور بالاستقرار والرضا ، وفى المجموع نستطيع أن نقول أن العدالة التنظيمية تؤثر في توجه الأفراد نحو تحقيق أهداف المنظمة. ويعد (آدمز Adams) أول من ساهم في بلورة مفهوم العدالة التنظيمية حيث أظهر في نظريته حول المساواة إدراك الأفراد للعدالة التنظيمية من خلال المقارنة بين مدخلاتهم ومخرجاتهم في العمل والمقارنة بالآخرين ، ومن هنا ظهر أول بعد فيها وهو العدالة التوزيعية ، ثم توالت الدراسات الأخرى ومن خلال نظرتها في تفسير إدراك الأفراد للعدالة في العمل لتظهر أبعاد أخرى للعدالة التنظيمية وهى العدالة الإجرائية وعدالة التعاملات، فأصبحت مكونات العدالة التنظيمية ثلاثة أبعاد رئيسية اعتمدت عليها معظم الأبحاث والدراسات لمعرفة مدى إدراك الأفراد للعدالة في المنظمات، ويرجع الاهتمام بمفاهيم العدالة التنظيمية لعدة أسباب منها التخلي عن السياسات التنظيمية الهدامة القائمة على البيروقراطية والظلم وتهديد العاملين وانتهاج سياسات أخرى أخلاقية تتسم بالعدالة والدعم التعظيمي بما يكفل الاستمرارية والفعالية التنظيمية فى الأجل البعيد ، 2020).تترك العداله التنظيمية بمكوناتها المادية و المعنوية بصماتها على المؤسسة و تكسبها سمة شخصية تميزها عن غيرها، كما توفر الإطار الذي يوضح طريقة أداء العمل، والمعايير التي يتم من خلالها ربط الأ افراد بهذه المؤسسة وتعمل أيضاً على تحفيزهم لأداء أعمالهم بإتقان ورفع مستوى التزامهم و كذلك مستوى رضاهم ، مما يؤدي إلى توحد و تضامن أفر اد المؤسسة نحو تحقيق الأهداف؛ 2020).إن العوامل و المتغيرات النفسية و الاجتماعية التي تؤثر تنظيميا تزايدت وتداخلت بشكل كبير خاصة في العقدين الأخيرين ، دعم و تأكيد الذات ، 2019) .فالناظر يرى صور الانحراف كثيرة وعميقة ومتعددة الأمثلة وبينه فيما تبديه من ممارسات ظاهرة ومستترة حتى أن الإنسان إذا أمعن في جميع هذه المتفرقات وأكثر من حشد الأمثلة والصور ظهرت حينئذ صورة مزعجة تجعل اليأس يدب إلى النفوس ويوهن من عزائمها.