الاتجاهات النقدية في علم الاجتماع المعاصر واليسار الجديد . او رفض التنظير القائم، على ان الملمح المشترك بينها جميعا هو بروز عنصر النقد كعنصر اساسي في محاولة تجديد علم الاجتماع وتحريره. ويتراوح هذا النقد ما بين نقد فكرة او مفهوم او قضية نظرية، أو خاصية نوعية في ظاهرة او عملية اجتماعية، وبين رفض النظام القائم برمته ، وهناك اخرون يرون ان اي موقف نقدي من النظم الاجتماعية يعتبر موقف راديكالياً حتى ولو كان هذا النقد لايؤدي الى اكثر من الدعوة لمجرد احداث بعض الاصلاحات التكنوقراطية. ولهذا يرى من اهتم بالاتجاه من الكتاب العرب ان يقتصر تعريف الراديكالية على الموقف النقدي من المسلمات والاسس التي تنهض عليها النظريات السوسيولوجية التقليدية وما يرتبط بها من مناهج، وهذا التعريف يتفق تقريبا مع المعني الأكثر استخداما للراديكالية. ففي دائرة معارف العلوم الاجتماعية تحدد الراديكالية بوصفها مركبا متفاعلا لمكونات ثلاثة يتمثل الأول وهو الأكثر أهمية في وجود موقف أو اطار فكري نحو نظام محدد في مجتمعمن المجتمعات أو نحو النظام العام social للمجتمع في كليته وشموله. ويتركز الثاني في وجود فلسفة محددة وبرنامج عمل للتغيير الاجتماعي يضع في حسبانه التبديل لكل ماهو قائم واستبدال غيره به. وهذا التحديدان السابقان يساعدان في استخلاص عدد من الأمور الهامة: 1-ان ليس كل محاولة نقدية -مهم كانت حدودها ومبتغاها –تعد راديكالية ، فالاطار التصوري ، والموقف من الواقع القائم والرغبة في التغيير ، في ضوء تغليب العام على الخاص والاجتماعي على الفردي ، 3-وان التعرف الحقيقي للتنمية-في ضوء معنى التنمية وتوجهاتها العلمية –لايمكن ان يكون تعريفا راديكاليا . فلا توجد تنمية حقيقية غايتها المحتفظة على اوضاع التخلف كلها أو حتى بعضها . وهي انه مادامت الجهود النقدية المعاصرة لم تطرح بديلا نظريا لما هو قائم في تراث علم الاجتماع. لكن اما تمسكت بالماركسية قديمة او حديثة ، ولهذا يعتبر تعبير راديكالية تعبيرا مجازيا لفظيا اكثر من انه اشارة الى موقف سوسيولوجي نظري متكامل العناصر. ويصبح الاصطلاح مقبولا فقط اذا قصد به اجرائيا الجهود القائمة –الماركسية الجديدة والنقدية بوجه عام-. والتي لاتشكل ملامح اتجاهات اساسية نقدية حتى ولو صنفت-لفظيا- على انها راديكالية. وأما الماركسية الجديدة Neo-marxist فهي بالاساس تنطلق من الاطار التصوري والمنهجي للماركسية ، وايضا من القوانين العامة للتطور الاجتماعي وتأتي حداثتها من انها تعيد قراءة الماركسية، ومن خلال المعطيات الجديدة –تفصيلا-التي يفرزها الواقع الاجتماعي المتغير في هذا المجتمع او ذاك ونظرا لاستلهامها للاساس المعرفي والايديولوجي العام للماركسية فهي ايضا رافضة،