تعتبر الأسرة من أهم المؤسسات التي تلعب دورا حاسما في تقويم سلوك الأبناء و ابعادهم عن الانحراف. و تشكل بيئة آمنة و داعمة لنموهم الشخصي و الاجتماعي. فإنها ستساهم بشكل كبير في تشكيل شخصية الطفل و تعزز من قدرته على التصدي للضغوطات و الإغراءات التي قد تؤدي إلى انحراف سلوكه. ومع التغيرات التي عصفت بالأسرة في العصر الحديث وأثرت على تماسكها وحجمها ووظيفتها إلا انها ما تزال هي العامل الأساسي في حياة الطفل، ولهذه الأهمية فإن بعض علماء الاجتماع والتربية قد لخصوا دور الأسرة في تنمية المنظومة الخلقية والقيمية لدى الأبناء بما يلي: - إعادة بناء القيم داخل الوسط الأسري، يقول الدكتور محمد إقبال محمود: ʺفالابن الذي ينشأ في بيت يهتم فيه الأبوان بالاطلاع و مناقشة أمور الحياة و التعليق عليها يشب مثلهما مولعا بالإطلاع على حقائق الحياة، لأن ذلك قد ينعكس سلبا على حياة المراهق و يخلق منه شخصية شخصية عدوانية، و بالمقابل تقديم المكافآت و التحفيزات ، و نضيف هنا أهمية ما يسمى التربية بالقدوة النموذجية، و التي لها تأثير كبير على توازن نفسية و سلوك المراهق، و يمكن أن نقدم هنا جملة من الأساليب على النحو التالي: أ‌- تنبه الوالدين إلى ضرورة اجتناب البذيء من الألفاظ، إذ الأصل أن مثل هذه العبارات تنبع من نفوس جميلة، و هي تعبير صادق عن نبل كامن في النفس، و لها الأثر البليغ في نفس المتلقي، و بثها فيه بصورة غير مباشرة. مما يجعله يتعود على ذلك و يكتسبه بطريقة آلية، و يرتقي بنفسيته في معارج الطمأنينة. و لا يخفى أهمية الالتزام و تأدية الشعائر و ما يخلفه ذلك من استقامة و صلاح في نفوس النشء، تنعكس آليا في حياة أبنائه، قال: ʺ و أعمال الإسلام بأنواعها كلها قضايا ذات صلة بإصلاح القلبʺ . و حضور مجالس العلم و المذاكرة و الدروس، و على مرأى منهم، لأن آفته كبيرة إلا أن تعمل بما تقوله أولا، كتعويدهم على حضور الدروس الدينية و العلمية و الثقافية، و تغذية الرصيد اللغوي، د‌- الاجتهاد في تعويد المراهقين منذ سن مبكرة على حب القراءة و المطالعة في أوقات العطل، و خلال أزمنة الفراغ، ذ‌- تعويدهم على الاهتمام بالرياضة، ذلك أن الرياضة تعد بحق ʺ أحد المجالات الرئيسية التي يتجه إليها الشباب في أوقات فراغهم كمتنفس طبيعي لطاقاتهم و حيويتهم. و بدلا من الاتجاه إلى مجالات أخرى قد تكون ضارة بالنسبة للشباب، و هذه النشاطات سواء ما تعلق منها بالمطالعة أم بالرياضة يجب أن تكون تحت رقابة أبوية واعية لئلا تنحرف عن الغاية السليمة، و تتحول على النقيض من ذلك إلى مجالس اللهو، و إلى أشكال من الطيش. ر‌- اجتهاد الوالدين في اقناع أبنائهم بمضرة الإسراف في استعمال الأنترنت، و شغل النفس بما لا يجدي، و تكمن قوة الإقناع في توفير البدائل المجدية التي تشغل أوقاتهم، و منها تجهيز رحلات ترفيهية للنزهة و الترويح عن النفس، كزيارة معالم حضارية و تاريخية، أو أماكن العلم و الثقافة و نحوها، و توفير هذه البدائل يفتح عقل المراهق على أن الحياة أوسع من تصوره الضيق الذي يضل محصورا في الانكباب على مواقع التواصل الاجتماعي، و في الوقت نفسه يستطيع الأب إقناع أبنائه المراهقين بحدود التعامل مع هذه الفضاءات، و بيان الوجه الإيجابي فيها. ز‌- حرص الوالدين و خاصة الأب –باعتباره الأكثر احتكاكا بالوسط الخارجي- على تنبيه ابنه المراهق إلى حدود الاختلاط في الوسط العام و في الوسط المدرسي، و ذلك من خلال توجيه النصح المقنع، و بأسلوب يتقبله الطفل المراهق، و هنا يقدم الباحث شيفر وملمان جملة من المقترحات الواقعية كالتعرف على أصدقاء إبنه، و لمعرفة مدى تحصيله،