كما تقول السيدة ليند، وتجفف عينها المُخْمرتين بمنديل طب جدًّا. « ألم يكن من حسن حظي ياماريلا أني أخذت معي اليوم إلى مدرسة منديلًا إضافيًّا؟ لقد تملكني شعور مُسبق أنه سيكون لازما)» «ما حسبتك يومًا مولعة إلى هذه الدرجة بالسيد فيلبس، كي تحتاجي منديلين من أجل تجفيف دموعك لمجرد أنه راحل، «لا أظنني بكيت لأني كنت مولعة به حقًّا، وكتبه على السبورة بدون مدّة على الألف، وكم كان يقول إنه لم يعرف مطلقًا مخلوقًا أغبى مني في مادة الهندسة، وما بالك بجين أندروز التي ظلت تردّد أمامنا لشهر كامل أنها ستبلغ قمّة السعادة عندما يغادرنا السيد فيلبس، بل وادّعت أنها لن تذرف دمعة واضطرت إلى استعارة منديل أخيها. ولكنها لم تكن قد أحضرت متديلها معها، ألقى السيد فيلبس خطبة وداعية جميلة استهلّها بقوله: بالإضافة إلى أنه كان بتكلم وهو دامع العينين ياماريلا. ليتك تعرفين كم أحسست بالندم والأسف على جميع تلك الأوقات التي ثرثرت فيها أثناء الدرس، ورسمت له صورًا مضحكة على لوحي، إذ لا أعتقد أن لديها ما يُثقل كاهل ضميرها. بكت البنات طيلة طريق العودة من المدرسة إلى البيت. كلما حدّق بنا خطر الابتهاج. مع ذلك ألا توافقيني الرأي أنه لا يمكن للمرء الانحدار في حزنه إلى أعماق اليأس وهو على أبواب شهرين من العطلة المدرسية؟ بالإضافة إلى أننا صادفنا في طريقنا المدرس الجديد وزوجه وهما قادمان من المحطة. ورغم حزني على فراق السنيد فيلبس، لم أستطع منع نفسي من الاهتمام قليلًا بمقدم مدرس جديد. أكان بإمكاني ألّا أهتم ياماربلا؟ إن زوج المدرس ياماريلا جذابة جدًّا، تقول السيدة ليند إن زوج المدرس ي نيوبريدج هي قُدوة سيئة لأنها تتهندم وفق أحدث الأزياء الدارجة. قالت جين أندروز إن الأكمام المنفوخة دنيوية كثيرًا بالنسبة إلى زوج مدرّس، أمّا أنا فلم أعلّق بأي كلام نابٍ ياماريلا، لأني أعرف ما معنى تشوّق الإنسان إلى الأكمام المنفوخة، كما أنها لم يعض على كونها زوجًا للمدرّس سوى مدة قصيرة. ألا يستدعي هذا ضرورة خلف لأعذار لها؟ علمت أنهما سيقيمان عند السيدة ليند إلى أن يجهز منزل إذا كان هناك أي سبب آخر استحثّ ماريلا على الذهاب في ذلك المساء إلى منزل السيدة ليند، كانت الأشياء التي ردّت إلى السيدة ليندفي تلك الليلة كثيرة جدًا. لكنها تلك الليلة رُدّت إليها من قبل الذين استعاروها بأنفسهم. جاء إلى أفونلبا أرملًا. تنويع جديد في النكهات المّودّة الناجمة عن طول تآلفهم مع مدرّسهم العجوز الطيب، تنعّمت أفونليا باستقبال تنويعات من مختلف الفرق. واستمعت إلى نخبة وافرة من المرشحين الذين وفدوا إلها أحدًا تلو أحدٍ على سبيل التجربة. أمّا تلك الطفلة الصغيرة ذات الشعر الأحمر، فقد كانت لها هي أيضًا آراؤها الخاصة بهم. ولطالما ناقشت هذه الآراء بإسهاب مع ماثيو، انطلاقًا من حُرمة التعرض للمدرسين بالنقد شكلًا أو مضمونًا. «لا أعتقد أن السيد سميث كان سيفي بالغرض يامائيو» أعلنت آن حكمها النهائي عليهم. «تقول السيدة ليند إن أداءه كان ركيكًا جدًا. وبعكس السيد تيري الذي كان صاحب خيال مُفرط الخصوبة، مثلما جنح بي خيالي في حكاية الغابة المسكونة. لكن مداومته على قصّ الروايات المضحكة التي كانت تجعل الناس يضحكون، وكانا مفعمين بالحماس النبيل التقيّ تجاه المهمة التي اختاراها. وأحب كبارها وصغارها ذلك الشاب المرح البشوش وتلك السيدة الدمثة المتألقة التي أخذت على عاتقها أمّا أن التي أحبت السيدة آلن من كل فلها. «إنيا تقوم الأن بتعليم صفّنا. وكما تعلمين باماريلا هذا ما كنت أعتقده دائمًا. فأنا ماهرة في طرح الأسئلة. «لا أشكّ في صدق كلامك، إذ لا علاقة له بالدرس. ابتسامة السيدة آلن جذابة جدًّا، ولو كان لدي ابتسامة جذابة لربما استطعت التأثير على الناس تأثيرًا صالحًا. فقد قالت السيدة ألن إنه علينا التأثير على الناس في سبيل توجيههم نحو الخير. تكلمت كلاما لطيفًا جدًّا عن كل شي ياماريلا. «أرى أنه ينبغي لنا دعوة السيد والسيدة ألن إلى تناول العشاء في القريب العاجل» قالت ماريلا متفكّرة. «لقد دُعيا إلى معظم البيوت عدا بيتنا. أعتقد أن يوم الأربعاء القادم سيكون وقتًا مناسبًا. ولكن لا تخبري ماثيو بأي شيْء لأنه إذا علم بقدومهما لقد ألِف ماثيو صحبة لسيد بنتلي كثيرًا، أيمكنني خبز كعكة عندما تحين تلك المناسبة ياماريلا؟ تعرفين أني أصبحت أجيد صنع لكعك الآن، وأنا أودّ القيام بعمل شي ما من أجل السيدة الن. وكانت ماريلا عازمة على ألا تهزمها أية ربّة بيت أخرى في أفونليا. فقد أسهبت في مساء يوم الثلاثاء بالتحدّث عن المناسبة مع ديانا، وهما تجلسان ساعة الشفق على الحجارة الكبيرة الحمراء عند نبع خرير الحورية، وتُشكّلان أقواس قزح صغيرة في الماء بوساطة الأماليد الصغيرة المغمّسة ببلسم شجر التنوب. «أصبح كل شيء جاهزًا ياديانا عدا كعكتي التي سأصنعها في الصباح، وبسكويت الخميرة الذي ستصنعه ماريلا قبل تناول الشاي مباشرة. أؤكد لك ياديانا أنني وماريلا قضينا يومين حافلين بالعمل، وسنقدّم نوعين من الهلام: أحمر وأصفر، وبسكويت كما سبق أن قلت، ماذا لولم تنجح! حلمت ليلة أمس أني كنت طاردة من جميع الاتجاهات بغول مخيف له رأس على شكل كعكة مُطَبَّقة كبيرة» فهو غالبًا ما يخذلك عندما تتحرقين شوقًا لنجاحه» أجابت أن وهي تتنهد وتلقي في الماء فرعًا غمسته جيدًا بالبلسم. «على كل حال ليس أمامي إلّا الاتكال على الله، أوه. وتلتقطه لتتخذه وشاحًا؟» تويع حدي النه «كل ليلة، ونهضت آن مع شروق الشمس لأن حماسها طغى حتى على سلطان النوم. لكنها اعتبرت هذا العرض المرضي عَرضًا تافهًا، وهكذا، . لكن أتظنينها متنتفخ؟ ماذا لولم تكن الخميرة صالحة؟ لقد استعملت الخميرة الجديدة، بما أن كل مي صار مغشوشًا. ماذا لولم ينتفخ القالب ياماريلا؟ «لدينا الكثير من الطعام، انتفخ قالب الكعك. وخرج من الفرن خفيفًا وهشا كالرغوة الذهبية. اصطبغت أن بحمرة الحبور، وطبقته بعد أن حشته بالهُلام الأحمر، وربّما ترغب في تناول قطعة أخرى. «أيمكنني تحضير الطاولة وتزيينها بأوراق السراخس والورود البرّية؟» «أعتقد أن كل هذا كلام فارغ» قالت ماريلا وهي تنفخ من منخريها. القد قامت السيدة باري بتزبين طاولتها، «ووجّه إليها المدرّس وزوجه الكثير من المديح، » أجابت ماريلا، التي كانت مصرّة إصرارا أكيدًا على ألا تتفوق عليها السيدة باري أو أي شخص آخر. «ولكن لا تنمي أن تتركي مكانًا مناسبًا يتسع لوضع الأطباق والطعام» 282 فاقت ما كانت قد قامت به السيدة باري من جهود. وجعلت من تلك المائدة مشهدًا يسرّ العين بما توفّر لها من أزهار وسراخس وذوق فني رفيع وما إن جلس المدرّس وزوجه إلى تلك المائدة حتى هتفا معربين عن تقديرهما لجمالها. «إنها من عمل آن» قالت ماريلا الصارمة حتى في تحقيق العدالة. كانت تلك الدعوة قد سببت له إرباكاً وعصبية لا يمكن وصفهما، لكن أن نجحت في التعامل معه، بل إنه تحدث مع المدرّس باهتمام، ورغم أنه لم يوجّه كلمة واحدة إلى السيدة آلن، ورفضت السيدة آلن تناول شيْء منها، بعد أن أُنجمت بالكثير من تلك المأكولات المُحيّرة بتنوعها. خبزتها أن خصيصًا من أجلك. » قالت السيدة ألن ضاحكة وهي تقطع لنفسها قطعة مثلثة. وجاراها في ذلك كلُّ من المدرّس وماريلا. لكنها لم تفه بكلمة واحدة، وسارعت بابتلاعها فورًا. وما إن رأت ماريلا ذلك التعبير العجيب حتى قامت «ماذا أضفت لكعكنك؟» «لا شيء غير ما هو وارد في الوصفة ياماريلا. «أوه» أليست طيّبة المذاق؟» طيبة المذاق! إنها بكل بساطة رهيبة. أرجوك ياسيدة ألن لا تأكلي المزيد منها. «بالفانليا، «لا شيْء سوى الفانليا. » «خميرة. وعليها ورقة لاصقة كُتب عليها بخط أصفر: وشمّتها. ولكن بالله عليك يا أن ألم تشمّها؟» بعد قليل، » قالت أن ناشجة بدون أن ترفع رأسها، فجميع الأخبار تنتشر بسرعة في أفونليا. وسأضطر إلى إخبارها الحقيقة. وغيد. الصبية في المدرسة لن يكفّوا أبدًا عن الضحك على ما حدث. أوه ياماريلا، سأقوم بذلك بعد مغادرة المدرّس وزوجه، تعرف بنقًا يتيمة حاولت تسميم الناس الذين أحسنوا إلها. لكن عقار تسكين الأوجاع ليس سامًا، وإن لم يكن بوساطة إضافته إلى الكعك. «ماذا لوقفزت من مكانك وأخبرتها أنت بنفسك. قفزت أن من مكانها، «ياطفلتي الغالية) لا يجدربك البكاء هكذا، «أوه، آلن» انصاعت أن مسلمة قبادها للسيدة آلن، وهي تشكر العناية الإلهيّة على ستره. 286 وعندما غادر الضيوف شعرت أن أنها استمتعت بأمسيتها أكثر ممّا كانت تتوقّع إذا أخذت تلك الحادثة الرهيبة بعين الاعتبار. «ماريلا، «لم أرفي حياتي من يضاهيك في ارتكاب الأخطاء يا آن. «نعم، » أقرّت أن بحزن. «ولكن ألم تلاحظي بي أمرًا مشجعًا ياماريلا؟ أنا لا أرتكب نفس الخطأ مرتين» جديدة. «أوه ألا ترين وجهة نظري ياماريلا؟ إن هناك حدودًا للأخطاء التي يرتكبها المرء.