فيقول في نفسه : لأبلغن هذين القصرين فاسأل لمن هما ؟ فإذا قرب لأحدهما، رأى مكتوبا على أحدهما : " هذا القصر لزهير بن أبي سلمى فيجده شابًا كالزهرة الجنية، قد وهب له قصر من ونية، وكأنه ما لبس جلباب هرم، ولا تأفف من البرم وكأنه لم يقل في الميمية : سئمت تكاليف الحياة ومن يعش ثمانين حولا لا أبا لك يسام ولم يقل في الأخرى : ألم ترني عمرت تسعين حجة وعشرا تباعا عشتها وثمانيا ؟ فيقول : جير، جير ! أنت أبو كعب وبجير ؟ فيقول : نعم. فيقول : بم غفر لك وقد لا يحسن منهم العمل ؟ فيقول : كانت نفسي من الباطل نفورا، فصادفت ملكا غفورا، وكنت مؤمنا بالله العظيم ، ورأيت فيما يرى النائم حبلا نزل من السماء، فمن تعلق به من سكان الأرض سلم، ولو أدركت محمدا لكنت أول المؤمنين، وقلت في الميمية : فلا تكتمن الله ما في نفوسكم يؤخر فيوضع في كتاب فيدخر ليخفى، ومهما يكتم الله يعلم ليوم حساب أو يعجل فينقم فيطلع فيرى إبليس لعنه الله وهو يضطرب في الأغلال والسلاسل ومقامع الحديد تأخذه من أيدي الزبانية، فيقول : الحمد لله الذي أمكن منك يا عدو الله وعدو أوليائه لقد أهلكت من بني آدم طوائف لا يعلم عددها إلا الله،