تلك هي عصاي عرفتها او قبل حملتها منذ عام 1930 هي بعينها لم احمل سواها قط من ذلك وكيل النيابه في مدينه طنطا من ذلك التاريخ وهي تلازمني كانها جزء من ذراعي تنتقل معي وتسير من مصر الى مصر ولا تجر مني ولا تزهد في صحبتي. ان عصاي معي دائما قانعة بحياتها الهادئة المتواضعة بجواري تسمع كل ما يدور حولي وتهز راسها في يدي عجبا اوسخرا او صبرا وتهتم كثيرا وتهمس قليلا ما من شك عندي في انها تريد احيانا ان تتكلم ولكنها تصمت ادبا لاني لم ادعها إلى الكلام لقد لحظها الكثيرون من قديم و اشار اليه احيانا بعض الكتاب والرسامين وحياها بعض الاصدقاء بقولهم لي أهي دائما معك لا تفارقك. قالت هل رايت هذه المكتبة العامرة بالكتب كيف تحولت اخيرا الى حانوت للمرطبات؟ ان صاحبها هو صاحبها لم يتغير ولكنه قلب نفسه بكل بساطة من كتبي الى حلواني وعندما سئل في ذلك قال : الناس لا يريدون اليوم عصير الذهن انهم يريدون عصير الليمون قلت هذا صحيح مع الاسف وهي ظاهرة خطيرة تستحق العناية والعلاج فانصرف الناس عن غذاء العقل نكبه كبرى لأمة في طريق التحضر وما قيمة التعليم في امة اذا كانت نتيجته تخريج زبائن للمشارب لا للمكاتب ؟ لاخير ولا نفع في أرقى المدارس والجامعات اذا خرج منه الطلاب يلعنون كتبهم و يختمون بالشمع الاحمر على رؤوسهم بينما الطالب الذي ينشا في حب المطالعة والاطلاع تنشأ في عين الوقت جامعة كبرى في نفسه تزوده بالمعارف المتجددة طوال ايام حياته ذلك واجب المدرسة الأول : تعلمنا حب القراءة وتمرن عضلاتنا الفكرية على هضم اغذية العقل ثم تدفعنا إلى الحياة نزدرد ثمرات الذهن. قالت العصا : حقا ان الانسان يولد زبوناً بالفطرة لعصير الليمون ولكنه لابد ان يعد إعداداً ليصير زبوناً لعصير الذهن.