بالرغم من طول انتظار صدور نظام المحاكم التجاریة، إذ یعتبر نقلة نوعیة ھامة في تطور القضاء التجاري بالمملكة لما یشتمل علیھ من أحكام تھم التجار والمتعاملین معھم والقضاء التجاري والحیاة التجاریة من جانب، فإن نظام المرافعات الشرعیة یبقى مطبقاً على القضایا المنظورة أمام المحاكم التجاریة، كما یطبق بعد ذلك على الدعاوى التجاریة بما لا یخالف طبیعتھا وفیما لم یرد بھ نص خاص في نظام المحاكم التجاریة. النظام من 96 مادة مقسمة على أحد عشر باباً. ومع أنھ ألغى كل ما یتعارض معھ من أحكام، إلا أنھ لم یلغي المواد الموضوعیة الساریة حتى الآن في نظام المحكمة التجاریة الصادر عام 1351ھـ، وأھمھا المادة الثانیة المتعلقة بتحدید الأعمال التجاریة الأصلیة والتبعیة. ویمكن القول بأن ھذا النظام قائم على مرتكزات أساسیة أھمھا على سبیل المثال لا الحصر، تشجیع اللجوء للوسائل السلمیة لحل المنازعات، الاھتمام بالقواعد العامة في القانون التجاري كالإعذار والتقادم وإمكانیة الإثبات بكافة الوسائل وإمكانیة النفاذ المعجل في بعض الحالات فمن حیث السرعة وتوفیر الوقت والجھد من جانب، وسھولة الإجراءات من جانب آخر، فقد تم تسھیل التواصل والتنسیق بین الدوائر من خلال تألیف المحاكم التجاریة من دوائر ابتدائیة واستئنافیة في ذات المحكمة، على خلاف المعمول بھ من فصل المحاكم الابتدائیة عن محاكم الاستئناف، ومنعاً لتأخیر الفصل في الدعوى بسبب المشاكل المتعلقة بعناوین التبلیغ، فقد تم التوسع في ذلك من خلال إمكانیة التبلیغ على العنوان الالكتروني الموثق أو المختار، الواردة في النظام، كما یمكن للطرف اختیار عنوان محا ٍم لتلقي التبلیغات علیھ. أو الإیمیل الموثق أو المختار. ولتوفیر الوقت والجھد في القضایا التي قد یحكم فیھا بعدم الاختصاص النوعي، وفي ذات السیاق، فإنھ یلزم المدعي تقدیم جمیع الطلبات والمستندات في صحیفة الدعوى بدلاً من تجزئتھا أثناء الجلسات، وفي المقابل یقوم المدعى علیھ بتقدیم جمیع دفوعھ ومستنداتھ والإثباتات قبل موعد الجلسة الأولى بیوم واحد على الأقل. مع جواز سماع الدعوى بشكل شفھي إذا رأت الدائرة ذلك، فإنھ یجوز تألیف دائرة ابتدائیة مكونة من قا ٍض فرد تختص بنظر الطلبات المستعجلة، ومن أجل عدم تأخیر النطق بالحكم حتى كتابتھ وإیداع مسودتھ في بعض الدعاوى التي ستحددھا اللائحة التنفیذیة، فقد أُجیز النطق بالحكم قبل إیداع المسودة، وأُل ِزمت المحكمة بضرورة تسلیم الأطراف نسخة من الحكم خلال مدة لا تتجاوز 20 یوماً من تاریخ النطق بھ. مع ضرورة ویفصل في الطلب خلال 10 أیام. ولأھمیة الدور الذي تلعبھ الوسائل السلمیة لحل المنازعات في سرعة فصلھا، فقد أعطى النظام مساحة للأطراف من أجل حل النزاع بالمصالحة أو الوساطة،  أما من حیث الكفاءة في التعامل مع العملیة القضائیة، فضلا عن إمكانیة الاستعانة بخریجي ودارسي الشریعة والأنظمة كأعوان للقضاة، المدارك وصقل المھارات من جھة أخرى. ولأھمیة إدارة واحترام الجلسات وإجراءات الدعوى وحث الأطراف على الالتزام بواجباتھم أثناء العملیة القضائیة، ویعد أمرھا في ذلك نھائیاً، وفي سیاق الحدیث عن كفاءة العملیة القضائیة، فإن من أھم ممیزات النظام الاھتمام البالغ بإرادة وحریة أطراف الدعوى، والاتفاق على أن یكون حكم الدائرة الابتدائیة حكماً نھائیاً، وإمكانیة الاتفاق على قواعد محددة في الإثبات، ولأھمیة التكنولوجیا ومواكبة التطور التقني، فقد أجاز النظام أن تتم أي من إجراءات الدعوى بشكل إلكتروني، كتقدیم الدعاوى والطلبات وقیدھا ونظرھا، وإمكانیة الترافع عن بعد وتبادل المذكرات وإصدار الحكم والاعتراض علیھ. وذلك من أجل التفرغ للقضایا الكبیرة والمعقدة.  ولتعزیز ودعم الشفافیة ولما للاطلاع على الدعاوى التجاریة من أھمیة للتجار وغیرھم، فقد أتیح للعامة إمكانیة الاطلاع على بیانات الدعاوى التجاریة وأوراقھا ومستنداتھا نظیر مقابل مادي، السریة على بعض الأوراق والمستندات، بل أقر النظام نشر الأحكام التجاریة النھائیة لما في ذلك من أھمیة في إثراء الحقل القضائي والقانوني ومساعدة الباحثین على معرفة الواقع القضائي التجاري والتعلیق على الأحكام والاستفادة منھا. وتقدیراً لخصوصیة الحیاة التجاریة وظروف التجار وانشغالاتھم، مع عدم الحاجة إلى تزكیة الشھود في الدعوى، وفي ضوء الممیزات التي أقرھا النظام، ومن أجل استقرار المعاملات وتخفیف العبء عن كاھل القضاء التجاري، فقد قرر النظام قاعدة ھامة ھي )تقادم الدعوى التجاریة(، مالم یقر المدعى علیھ بالحق أو یتقدم المدعي بعذر تقبلھ المحكمة. ولأن أصل القانون التجاري نابع من الأعراف التجاریة ومن الصعوبة بمكان تقنین جمیع المعاملات التجاریة ورغبة من المنظم في سد أي فراغ تنظیمي، وجودھا على من یتمسك بھا. كما أتیح في بعض الدعاوى التي ستحددھا اللائحة التنفیذیة وجوب قیام المدعي بإخطار المدعى علیھ )قاعدة الإخطار أو الإعذار( كتابةً بأداء الحق المدعى بھ قبل 15 یوماً على الأقل من إقامة الدعوى، فقد تم ذكر حالات تكون فیھا الأحكام والأوامر مشمولة )بالنفاذ المعجل( بقوة النظام، وھي في حالة أن الحكم أو الأمر صادر في دعوى مستعجلة، وفي حالة أوامر الأداء المذكورة في النظام. كما یجوز للمحكمة بنا ًء على طلب المحكوم لھ أن تقرر شمول الحكم بالنفاذ المعجل في حالة ترتب على تأخیر التنفیذ ضرر جسیم، أو كان الحكم مبنیاً على الإقرار بالحق أو ورقة عادیة لم ینكرھا المحكوم علیھ. ھذا وقد حصل تغییر فیما یتعلق بالاختصاص النوعي في المعاملات المختلطة التي تكون تجاریة لطرف ومدنیة لطرف آخر، وكانت المطالبة الأصلیة تزید عن 100 ألف ریال. أما لو كانت قیمة المنازعة العقدیة أقل من 100 ألف ریال، عن اختصاص المحاكم التجاریة. من أجل تخصیص القضاء التجاري – قدر الإمكان – للقضایا التجاریة البحتة الناشئة بین التجار. كما تختص المحاكم التجاریة بنظر الدعاوى والمخالفات الناشئة عن تطبیق الأنظمة التجاریة كنظام الشركات والإفلاس والملكیة الفكریة وغیرھا من الأنظمة التجاریة الأخرى. وأخیراً،