فتنبعث منهم شعور بالفخر والإنتماء الذي يساعدهم على البقاء دائمًا متألقين في عيون الجميع. فما هي تجليات التعبير عن الأحاسيس الوطنية في شعر الثالوث الشابي وشوقي ودرويش؟ وما مظاهر استنهاض الشعراء لهمم الشعوب المستعمَرة الجـــــــــــــــــــوهر: من بينها تعبير أبو القاسم الشابي عن حبه العميق لوطنه تونس، فعلاقته بوطنه تتجاوز الاعتراف بمجرد وجوده فيه، يرى الناقد التونسي عبد السلام المسدي أن الشعور الوطني عند الشابي يصل إلى حد الذوبان والانصهار في الرمز الوطني الأوفى، ومن هذا الشعور يتناغم الشاعر مع رمز عاطفته في علاقاتٍ من الحب والإخلاص والنضال والفداء. غير أن هذا الملفوظ النفسي يتجاوز شخص الشابي إلى أمير الشعراء أحمد شوقي الذي عبر عن هيامه بوطنه وشوقه إليه شوق أهل المشيب إلى الشباب فجعله حلما يؤوب إليه بعد طول غياب وإبعاد، لما يشعر به من قداسة الوطن ونفاسته في نفسه، وما كان لهذا الإحساس ليتوقف عند مرتبة العشق الساذج الذي يتلذذ بالأخذ ومجرد القرب من الحبيب بقدر ما ارتقى إلى مرتبة الاستعداد للتضحية بالدماء والنفس، إذ استعار في شعره صورة العاشق العذري الذي يتلف روحه في سبيل حبيبه وذاك في قوله: فالوطنية بذلك سواء عند الشابي او شوقي أو درويش إحساس مقدس لا تضاهيه أي قيمة أخر فهو الذي يستمد نفاسته من مشاعر الحب وقداسته من مبادئ الدين ووجاهته من القيم الإنسانية عامة. غير أن الشاعر الوطني قد تجاوز حدود التعبير الذاتي إلى التصوير الموضوعي للاستعمار واقعا ومتوقعا. فكيف رسمت صورة المستعمِر والمستعمَر معا؟ وهو ما صوره محمود درويش سدوا عليّ النور في زنزانة + فتوهجت في القلب شمس مشاعل. حتى الحيوان والجماد لا بد أن ينال حظه منه من الدمار والخراب والقتل. إن هذه الصور هي صنيعة كيان استعماري قد تشرب روح العدوان والغدر على الضعفاء فما عاد يكترث بغير مصالحه وحاجاته من النهب والاستغلال لخيرات البلاد وجهود العباد. ولا هو ممن يقنع بالكلام دون الفعل ليكتفي به متغنيا فحسب رغم خطورته ، إذ لا يستجيب القدر إلا لمن تحلى بحب الكرامة والعزة وشهامة النفس لا ذلك المتخاذل والمتكاسل عن نصرة بلاده ونفسه، يقول الشابي: ألا انهض وسر في سبيل الحياة + فمن نام لم تنتظره الحياة ولم يقف الشاعر عند مرتبة التوجه إلى الشعب بل توجه في الوقت نفسه إلى المستعمر متوعدا إياه بالويل والحسرة لما كسبت يمينه من جرائم وفظاعات، فحذره قائلا: حذار فتحت الرماد اللهيب + ومن يبذر الشوك يجن الجراح الشعراء شوقي ومحمود درويش كانا صوتاً للحرية والثورة، حيث أن الشعر الوطني كان يستشرف أفاق الخصوصية بأعين متفائلة، إن الشاعر الوطني في النهاية هو أديب ملتزم بأحزان شعبه، وإيقاعاً موسيقياً حماسياً، يصدع به الناس في ساحات القتال، وينشده الوطنيون في مناشيرهم السياسية. وذاك هو دور الكلمة الصادقة التي تخترق الحواجز لتستقر في النفوس المؤهلة لحملها ألما واملا. نسجها الشعراء على نحو من الإبداع الفني والإيقاع الموسيقي ما جعله لحنا تطرب له النفوس المقهورة فتترنم به ناسية أوجاعها وغازلة نسيج أحلامها المؤجلة إلى أمل قريب من التحرر والخلاص. إظافات 4- النبرة الشعرية: يعتمد الشعر الوطني على نبرة شعرية متفاوتة تجعله ينطوي على العديد من الأحاسيس والمشاعر، الأهداف تبين الخصائص الفنية للشعر الوطني استجلاء معاني الوطنية ( صورة الوطن – التعلق به الدفاع عنه – الولاء له…) أنا ياتونس الجميلة في لج ج الهوى قد سبحت أي سباحة قد تذوقت مره و قراحه وقد يصل هذا التعلق حد البكاء تأثرا بما إليه وضع الوطن والغيرة على ترابه من تدنيس المستعمر : – إنَّما عبرتي لخطب ثقيل قدعرانا و لم نجد من أزاحه و من مظاهر التعلق كذلك الاستعداد للتضحية من أجل الوطن في كل الأحوال و بكل الطرق ظالم مستبد لا يعترف بحق غيره في الحياة (حبيب الظلام عدو الحياة) سفاح يتلذذ بسفك الدماء والدوس على آلام الضعفاء : سخرت بانات شعب ضعيف * وكفك مخضوبة من دماه متهور يبالغ في استخدام القوة الإسكات صوت الحرية البسوا روحه قميص اضطهاد… ج – صورة الشعب لم تكن صورة الشعب أقل سوء من صورة المستعمر فهو ضحية و لكنه مسؤول عما آل إليه في نفس الوقت ومن ملامح هذه الصورة نذكر: تحني لمن كبلوك الجباه) الكشف عن حقيقة المستعمر : ( ألا أيها الظالم المستبد …) دعوة أبناء شعبه إلى المقاومة و استرجاع الحقوق المغتصبة : ترغيبهم في الحياة الحرة التي تخلو من كل مظاهر الظلم أو الضعف برسم صورة الوطن ه – أهم القيم الإنسانية في شعر الثاني