كلاهما عقل يبتغي الحقيقة حيث كانت، ولا يقيم فوقه أو بين يديه بابًا مغلقًا دون قبس من النور يريه ما لم يكن رآه، أو يزيده بصيرة بما رآه يخشى الغزالي فتنة الجدل على الثراثرة المتحذلقين كما يخشاها على العامة المقلدين؛ فهم كالعامة المقلدين أو شر منهم في مصابهم بمضار الجدل، قال في الجزء الأول من الإحياء: «وأما المبتدع بعد أن تعلم من الجدل ولو شيئًا يسيرًا؛ وأحال بالقصور على نفسه، وقدَّر أن عند غيره جوابًا ما هو عاجز عنه، (ان المنطق هو بحث عن الحقيقة وأن الجدل بحث عن المصلحة أو الرغبة المتنازع عليها)) وبين كيف كان الجدل الخطابي صناعة وحرفة عند بني إسرائيل و بعض الأمم البيزنطية وأفاض الحديث في مذهب الإمام الغزالي من المنطق حيث رجحه لأولي العلم وطالبيه بينما خشي أثره على العام والثراثرة المتحذلقين وأيده ابن تيمية الذي يرى على غير المتوقع منه وهو إمام أهل السلف أن المنطق ((سليقة في العقل الإنساني ومن كان هذا رأيه فمحال أن يقال عنه أنه يلغيه ويحرمه لأنه لا يلغي الفطرة ولا يحرم تركيبا أودعه الله نفوس خلقه )).