الشابيثر الاول : 1-أصل كلمة قانون: كلمة قانون معربة يرجع أصلها إلى اللغة اليونانية، مأخوذة من كلمةKANUN و معناها العصا المستقيمة وتستعمل مجازا للدلالة على الاستقامة في القواعد والمبادئ القانونية وقد انتقلت إلى عدة لغات مثلا الفرنسيةDroit، تستخدم لقياس مدى احترام الفرد لما نصت عليه القاعدة القانونية. تستخدم في المجال القانوني كمعيار لقياس مدى احترام الفرد لما تأمره به القاعدة القانونية أو تنهاه عنه، فإذا سار وفقا لمقتضاها كان سلوكه مستقيما كالعصا، وإن هو تمرد على حكمها كان سلوكه منحنيا غير مستقيم. 2- الاستعمالات المختلفة لكلمة قانون يستعمل مصطلح قانون للتعبير عن مجموعة من المعاني، فقد يستعمل للإشارة إلى القواعد التي تحكم سلوك الأفراد وتنظم علاقاتهم في المجتمع كما يستعمل في مجال العلوم الطبيعية والاجتماعية. أولا- استئثار علم القانون لمصطلح قانون: يتخذ كل علم قوانينه الخاصة به المعبرة عن الارتباط القائم بين ظواهره، بالمقابل استأثر علم القانون بكلمة قانون واتخذ منها اسما له هنا مصطلح قانون يستعمل للدلالة الى القواعد التي يجب على الافراد احترامها، يمكن أن يكون هذا الاستعمال عاما)أ( أو خاصا)ب(. أ- المعنى العام لمصطلح قانون : يستعمل هذا المصطلح استعمالا عاما للدلالة على مجموعة القواعد التي تحكم سلوك الآفراد وتنظم علاقاتهم في المجتمع على نحو ملزم، بغض النظر عن مصدرها من جهة، أو كونها مكتوبة أم لا من جهة أخرى. ب- المعنى الخاص لمصطلح قانون : يستعمل أيضا مصطلح قانون للدلالة على معاني أخرى منها: ب- 1 استعمال مصطلح قانون في معنى التشريع: يقصد بالتشريع مجموعة القواعد القانونية التي تضعها السلطة التشريعية في صورة مكتوبة، دون غيرها من القواعد التي تنشأ من المصادر الآخرى. وبالرغم من الاختلاف الواضح بين المصطلحين، يلاحظ استخدام لفظ قانون لمعنى التشريع، فيقال مثلا قانون العمل، الخ مع أن الآصوب والآدق أن يستعمل مصطلح التشريع. وبالمقارنة مع اللغة الفرنسية نلاحظ أنها أفردت مصطلحا مميزا لكل منهما، فاستعملت لفظ droit لمعنى التشريع ولفظ loi لمعنى قانون. ب- 2 استعمال مصطلح قانون في معنى التقنين: يستخدم مصطلح قانون للتعبير عن التشريع الذي يعتبر القواعد القانونية التي تصدر من السلطة التشريعية، كما يستخدم للدلالة على التقنين، فهو مجموعة من قواعد التي تنظم نوعا من الروابط في فرع من فروع القانون مثلا: القانون المدني، هنا الذي معناه مجموعة من قواعد قانونية مجمعة في Code يستعمل للدلالة عن كلمة تقنين كتاب. هنا يلاحظ أيضا أن معظم التشريعات العربية تخلط في استعمال المصطلح فكثيرا ما تستعمل مصطلح قانون للدلالة على التقنين أو العكس، أما في اللغة الفرنسية فقد احسن استعمال اللفظ فهو يطلق عليها عبارة Code مثلا Code pénal ثانيا- استعمال مصطلح قانون في مجال العلوم الطبيعية والاقتصادية: يحكم العلوم الطبيعية والاقتصادية مجموعة من القواعد التي يتوصل إليها الباحثون وتهدف هذه القواعد إلى تفسير الظواهر الطبيعية المختلفة التي تتم دراستها على حدى. ويتم تفسير تلك الظواهر على أساس مبدأ جوهري هو مبدأ السبب. لهذا تستعمل مصطلح قانون ، مثلا قانون الجاذبية الآرضية، 3- خصائص القاعدة القانونية نشير هنا إلى أنه مهما يكن نوع القواعد القانونية، ومهما يكن القسم الذي تنتمي إليه فكلها تشترك في مجموعة من الخصائص المتمثلة في: • القاعدة القانونية قاعدة تنظم سلوك الفرد داخل المجتمع أولا- المقصود بالسلوك: يشترط في السلوك المقصود هنا أن يكون ظاهرا معلنا وليس خفيا، لأن القانون لا يهتم بنا يدور في نفوس الآفراد من نوايا ومشاعر إلا في حدود ضيقة، بل يتكفل فقط بما يظهر على شكل أفعال مادية . ثانيا- القانون والجماعة: القانون والجماعة لفظان متلازمان، فالقانون ثمرة المجتمع ينشأ تلقائيا من معيشة الناس بعضهم مع بعض، فحيث توجد جماعة يوجد القانون . ثالثا- القانون ضرورة اجتماعية: يعتبر القانون ضروري لحفظ أمن واستقرار المجتمع وبعث الطمأنينة بين أفراده، ولكي يؤدي الفرد وظيفته في المجتمع ينبغي أن يوجه له خطاب لتنظيم سلوكه بما أتت به القاعدة القانونية. إذن القاعدة القانونية بمعنى آخر تحدد ما للشخص من حقوق وما عليه من واجبات، وبذلك تقض ي على مبدأ الذاتية الذي يؤدي إلى الفوضى في المجتمع، أين كل فرد يسعى إلى تحقيق حاجياته ولو على حساب أشخاص آخرين. • القاعدة القانونية قاعدة عامة ومجردة أولا-معنى التجريد والعمومية: التجريد معناه أن القاعدة القانونية لا تتعلق ولا تخاطب شخصا معينا بالذات)أي لا يذكر اسمه(، ولا واقعة محددة بذاتها. بل تتعلق بالشروط اللازم توفرها في الواقعة التي تنطبق عليها، والآوصاف الواجب أن تتوفر في الشخص المخاطب بها. أما العمومية فهي نتيجة لتجريد تلك القاعدة القانونية، فهي تطبق على كل الآشخاص الذين تتوفر فيهم الصفة أو الشروط 1، فالقاعدة القانونية مجردة عند نشأتها وعامة عند تطبيقها ثانيا- الحكمة من عمومية القاعدة القانونية وتجريدها: تحقق هذه الخصوصية المساواة بين الناس أمام القانون وتمنع التحيز لمصلحة شخص معين من جهة. كما تعتبر ضمانة لحريات المواطنين وصيانتها من استبداد الحكام من جهة أخر. • القاعدة القانونية قاعدة ملزمة مقترنة بجزاء تعد خاصية الالزام إحدى الخصائص الآساسية للقاعدة القانونية، وحتى تكون القاعدة القانونية أداة لتقويم الفرد داخل المجتمع، يجب أن تكون هذه القاعدة ملزمة مقترنة بجزاء. أولا- معنى الالزام والجزاء: تبين القاعدة القانونية للأشخاص الحدود والقيود الواجب الالتزام بها، بمعنى آخر تبين لهم الحقوق التي يتمتعون بها والواجبات التي تقع عليهم بالمقابل. وفرض احترامها لا يكون إلا بطابع الإلزام الذي تتصف به هذه القاعدة. فيعتبر الإلزام محركا للقاعدة القانونية، فبدونه تصبح القاعدة القانونية مجرد نصيحة. نقصد بالإلزام إذن هنا جبر الافراد وإكراههم على احترام القاعدة القانونية تحت طائلة فرض الجزاء عليهم عند مخالفتها. ونعني بالجزاء الآثر الذي يترتب وفقا للقانون على مخالفة القاعدة القانونيةاستعمال القوة المادية التي تمتلكها الدولة لقمع المخالفين للقانون أو لجبرهم . على إصلاح الضرر وأداء التعويض عند الاقتضاء. يشترك الجزاء في كل القواعد القانونية في مجموعة من الخصائص، مهما يكن نوعها أو الفرع الذي تنتمي إليها وتتمثل في: أ- الجزاء حال: معناه أن الشخص عند مخالفته للقاعدة القانونية وعدم الامتثال لها، تطبق عليه العقوبة وهو على قيد الحياة أي دنيوي. ب -الجزاء ذو طابع مادي: معناه أن هذا الجزاء يمس الشخص المخالف إما في جسمه أو ماله. ت- الجزاء تختص بوضعه وتوقيعه السلطة العامة: إذ لا يجوز للأفراد العاديين ممارسة الجزاء وإلا كنا أمام شريعة الغاب. 4-أنواع القواعد القانونية: شأن تقسيمات القانون التي تعرف دوماً جدالاً حادا فقد شكلت مسألة أنواع القواعد القانونية أيضا نقاشا دائما بين فقهاء القانون، فمنهم من تناولها من حيث طبيعتها القانونية عامة و خاصة ومنهم من تناولها من حيث صورتها (مكتوبة و غير مكتوبة و منهم من تناولها من حيث تنظيمها للحقوق (موضوعية و إجرائية - شكلية)، ومنهم من تناولها بالنظر لقوتها الإلزامية (أمرة و مكملة)، تبيان هاته القواعد مع التركيز على التقسيم الأخير. أولا: القواعد العامة والقواعد الخاصة: القواعد العامة: و هي تلك القواعد التي يتضمنها القانون العام بفروعه المختلفة، و التي تتولى تنظيم علاقات الدولة بالأفراد، وكذا علاقات الدولة بفروعها، أي علاقة الدولة بجماعاتها الإقليمية. القواعد الخاصة: و في مجموعة القواعد التي يعملها القانون الخاص بفروعه المختلفة، و التي تتولى تعليم علاقات الأفراد فيما بينهم، أي في السلوكات اليومية لهم أو تصرفاتهم القانونية (بيع، ثانيا: القواعد الموضوعية والقواعد الإجرائية (الشكلية): • القواعد الموضوعية: وقصد بها كل القواعد التي تقدر حقا أو تفرض التزاما، فهي إذن تتعلق بموضوع العلاقة القانونية بين طرفين أو مجموعة أطراف، ففي عقد البيع (م 351 في ق م) مثلا فإن القاعدة الموضوعية تقرر حقوق وتفرض التزامات متقابلة من حيث التسليم وتسلم الثمن والبضاعة. • القواعد الإجرائية (الشكلية) : وهي تلك القواعد التي تحدد كيفية المطالبة بالحقوق أو تبين كيفية القيام بالإلتزام و الوسائل اللازمة لذلك، وأكثر هذا النوع من القواعد يتضمنه قانون الإجراءات المدنية والإدارية من حيث طرق مباشرة الدعوى المدنية، والجهة القضائية المختصة بذلك، وكذا قانون الإجراءات الجزائية من خلال تبيان طريقة رفع الدعوى العمومية وإجراءاتها وكذا طرق الطعن المتاحة. ثالثا: القواعد المكتوبة والقواعد غير المكتوبة • القواعد المكتوبة: وهي تلك القواعد التي تصدر في شكل تشريعات وقوانين كالقانون المدني، القانون التجاري أو في شكل نصوص قانونية كالمراسيم أو الأوامر أو القرارات أو اللوائح. والنصوص مكتوبة وتنشر في الجريدة الرسمية لإعلانها للأفراد . • القواعد غير المكتوبة : وهي مجموعة القواعد القانونية غير الصادرة عن السلطة المختصة بالتشريع أي السلطة التشريعية، وإنما جرت العادة على تكرارها فأصبحت من القواعد العرفية و اكتسبت بذلك نوعا من الإلزامية، وقد نصت على العرف المادة (01) من القانون المدني الجزائري. رابعا: القواعد الآمرة و القواعد المكملة • القواعد الآمرة: و هي القواعد القانونية التي لا يجور للأفراد الاتفاق على مخالفتها و إلا وقع اتفاقهم ذلك باطلاً، فهذه القواعد هي التي تبين للأفراد السلوك الواجب اتباعة بصيغة الأمر أو النهي أو الوجوب، و لا تترك لهم حرية مخالفته (السلوك( و إلا لحق بهم الجزاء المقرر لمخالفتها (القواعد القانونية )، ذلك أن مضمونها يتعلق بالمصالح الأساسية للمجتمع. و انطلاقا مما تقدم فإن القواعد الأمرة تتسم بما يلي: • ارتباطها بشكل مباشر أو غير مباشر بالمصالح الأساسية للجماعة و الأفراد. لهم إلا الخضوع لها والتسليم بها. • أنها تطغى على معظم قواعد القانون الموضوعية منها والإجرائية. • القواعد المكملة: و هي القواعد التي ترك المشرع للأفراد إمكانية اختبار نموذج أخر للسلوك غير ذلك الذي نورده هاته القواعد دون اعتبارهم قد خالفوا القانون في ذلك، لعدم ارتباطها بالمصالح الأساسية للجماعة بما يلي: • ارتباطها بمصالح الأفراد الخاصة لا بمصالح الجماعة. 5-أقسام القانون رغم اختلاف الفقهاء اجمع الجميع ومند عهد الرومان على تقسيم القانون إلى خاص و عام للتمييز بين الدولة و السلطان و بين الأفراد الداتيين، و معياره يرتكز على وجود الدولة أو عدمه كطرف في العلاقات القانونية فان كانت صاحبة السيادة اعتبر قانونا عاما وان لم تكن اعتبرت قانونا خاصا. • فروع القانون العام ينقسم القانون العام إلى قانون عام خارجي)أولا( وقانون عام داخلي )ثانيا( أولا- القانون العام الخارجي )القانون الدولي العام (:هو مجموعة من قواعد قانونية تنظم العلاقات بين الدولة في وقت السلم أو في وقت الحرب وعلاقتها بالمنظمات الدولية وعلاقات المنظمات الدولية فيما بينها. أ- في وقت السلم: يبين من هم أشخاص القانون الدولي، الشروط التي يجب أن تتوفر في الدولة حتى يعتبر شخص دوليا، ينظم المعاهدات أو الاتفاقيات التي تبرمها الدول ، يحدد حقوق الدول ووجباتها تجاه الدول الآخرى، كما يبين طرق التمثيل الدبلوماسي، الخ. ب- في وقت الحرب: ينظم إجراءات إعلان الحرب من دولة على دولة، يحدد الوسائل المشروعة وغير المشروعة لهذه الحرب، الخ . ثانيا- القانون العام الداخلي: هو مجموعة من القواعد القانونية التي تنظم العلاقات بين الدولة أو أحد فروعها مع أشخاص أخرى حين تكون لها سيادة أو امتيازات السلطة العامة ، بذلك ينقسم القانون العام الداخلي إلى: أ- القانون الدستوري: هو مجموعة من القواعد القانونية الملزمة التي ينظم شكل الدولة وسلطاتها، وهيئاتها العامة والعلاقة فيما بينها. يمثل القانون الآسمى للدولة ومن موضوعاته نذكر: • شكل الدولة ونظام الحكم. التنفيذية والقضائية(، العلاقة التي تربط بينها واختصاص كل منها. حق الانتخاب. الخ( المنصوص عليها في الدستور الجزائري . ب- القانون الإداري : هو مجموعة القواعد القانونية المتميزة غير المألوفة في القانون الخاص، ومن موضوعاته: _تنظيم الإدارة المركزية الإدارية والادارة اللامركزية . _نشاط الإدارة )الضبط الإداري والمرفق العام (. _المنازعات الإدارية. الخ ت- القانون الجنائي: هو مجموعة القواعد التي تحكم الجرائم، العقوبات المقررة لها والإجراءات الواجب إتباعها من يوم وقوع الجريمة إلى إصدار الحكم النهائي، لذلك ينقسم القانون الجنائي إلى قانون العقوبات وقانون الإجراءات الجزائية. فالقسم العام يبين القواعد العامة للمسؤولية الجزائية )تعريف الجريمة، الظروف المشددة والظروف المخففة، العقوبات بصفة عامة(. كيف تكو ن المحاكمة - فروع القانون الخاص أولا-القانون المدني: يعتبر أهم فروع القانون الخاص، وه و الشريعة العامة للقانون الخاص ، ينظم نوعين من العلاقات الخاصة بالإفراد، الآولى تتعلق بالفرد مع أسرته وتسمى "قانون الآحوال الشخصية"، المواريث. الخ. _قواعد الآحوال العينية: تشمل الروابط المتعلقة بالأموال وتنقسم الى: _الحقوق الشخصية)الالتزامات(:يقصد بها الحقوق المالية المترتبة لصالح شخص يسمى الدائن على شخص آخر يسمى المدين، الحق الآول يسمى الدائنية أما الحق الثاني يسمى الالتزام . _الحقوق العينية: هي تلك العلاقات التي بمقتضاها تنشأ سلطة مباشرة لشخص ما على شيء معين وهذه الحقوق نوعين: _حقوق عينية أصلية : تتمثل في حق الملكية، حق الانتفاع وحق الارتفاق. _حقوق عينية تبعية : تسمى بالتأمينات العينية تتمثل في حق الرهن الرسمي، حق الرهن الحيازي ، حق الامتياز وحق التخصيص. ثانيا- القانون التجاري: هو مجموعة من القواعد القانونية التي تحكم العلاقات التجارية )التجار و الآعمال التجارية(ومن بين أهم موضوعاته نذكر: _ الشروط الواجب توفرها في شخص ما حتى يكون تاجرا، النتائج المترتبة على هذه الصفة، كضرورة مسك الدفاتر التجارية، ضرورة القيد في السجل التجاري . _ تنظيم الشركات التجارية بأنواعها المختلفة إنشاؤها، نشاطاتها وكيفية انقضائها. _ الإفلاس، رابعا- قانون العمل: مجموعة من القواعد القانونية التي تنظم العلاقة بين العمال وأصحاب العمل، ومن موضوعاته : _وضع حد أدنى لأجور العمل. _تحديد السن القانوني للعمل. _حمايتهم من التعسف أومن الفصل التعسفي. الخ. وتشمل: التجهيز، الرهن، وعقد التأمين. وضمن موضوعاته: _ جنسية الطائرة ، النظام القانوني لطاقمها ، عقد النقل الجوي، مسؤولية الناقل التأمين الجوي . - الجنسية ) قواعد تحدد الجنسية، أنواعها كيفية اكتسابها، الخ( - تنازع القوانين أي القانون الواجب التطبيق على العلاقة ذات العنصر الآجنبي. - تنازع الاختصاص أي الحالات التي يختص فيها القضاء الوطني في النظر في المنازعات ذات العنصر الآجنبي. يقيد القاضي عند فصله في أي نزاع معروض أمامه، يسري القانون على جميع المسائل التي تتناولها نصوصه في لفظها أو في فحواها. وإذا لم يوجد نص تشريعي، حكم القاضي بمقتضى مبادئ الشريعة الإسلامية، فإذا لم يوجد فبمقتضى العرف. فإذا لم يوجد فبمقتضى مبادئ القانون الطبيعي وقواعد العدالة تنقسم بذلك مصادر القانون حسب نص هذه المادة إلى مصادر رسمية أصلية ومصادر رسمية احتياطية إلى جانب المصادر التفسيرية. أولا: التشريع كمصدر رسمي أصلي للقانون: باعتباره المصدر الرسمي الآول. نظرا لتقديم هذا المصدر واعتباره أصليا. • تعريف التشريع تعدد التعاريف المقدمة للتشريع قد يقصد منه معنيين إما المعنى العام الواسع، أو المعنى الخاص . - المعنى العام للتشريع يقصد به إما قيام السلطة المختصة في الدولة بوضع مجموعة من القواعد المكتوبة في حدود اختصاصاتها ووفقا للإجراءات المقررة لذلك. يستعمل مصطلح التشريع في مفهومه الواسع تارة للدلالة إما على مصدر القواعد القانونية المكتوبة، وتارة أخرى للدلالة على القواعد المستمدة من هذا المصدر - المعنى الخاص للتشريع يقصد بها مجموعة القواعد القانونية التي تضعها السلطة التشريعية في الدولة في حدود الاختصاص المخول لها دستوريا . - خصائص التشريع نستنتج من خلال مختلف التعاريف المقدمة للتشريع الخصائص التي تميزه والتي تتمثل أساسا في: • التشريع يتضمن قواعد قانونية: هذه قواعد تنظم سلوك وعلاقات الافراد في المجتمع، قواعد عامة ومجردة وخاصة هي قواعد ملزمة مقترنة بجزاء. • قواعد مكتوبة: تعتبر قواعد التشريع قواعد مكتوبة، وتعتبر هذه الخاصية من أهم خصائص التشريع لما لها من مزايا المتمثلة في: - الكتابة تقطع كل مجال للشك، -الكتابة تضمن الدقة والوضوح في القواعد بذلك تضمن الاستقرار والعدالة بين الآفراد . • قواعده القانونية تصدر عن السلطة المختصة: تحديد السلطة المختصة في وضع التشريع يختلف باختلاف الدول والدساتير. • أنواع التشريع: • الدستور. هو التشريع الأعلى في الدولة و هو يحدد شكل الدولة و نظام الحكم فيها و سلطاتها السياسية و التشريعية و التنفيذية و القضائية وحدود كل سلطة و علاقاتها بالأخرى ، كما يبين الحقوق الأساسية للأفراد . • التشريع العادي والعضوي: هي مجموعة القواعد القانونية التي تضعها السلطة المختصة المتمثلة في السلطة التشريعية في حدود اختصاصها المبين في الدستور ولقد حدد المشرع الجزائري في المادة 140 من الدستور الجزائري المجالات التي يشرع فيها البرلمان بتشريعات عادية والتي تتمثل في29 مجال. كما حددت المادة 141 منه المجالات التي يشرع فيها البرلمان بتشريعات عضوية ويختلف التشريع العادي عن التشريع العضوي في عدة نقاط نذكر منها: -التشريع العضوي عبارة عن إجراء تشريعي لتكملة قواعد الدستور وإدخالها حيز التنفيذ. -يخضع وضع التشريع العضوي لنفس المراحل التي يخضع لها التشريع العادي، إلا أن للتشريع العضوي مرحلة أخيرة لا يخضع لها التشريع العادي وهي مرحلة رقابة مطابقة النص مع الدستور من طرف المجلس الدستوري، وهذا ما نصت عليه الفقرة الآخيرة من المادة 141 من الدستور الجزائري التي نصت على ما يلي يخضع القانون العضوي لمراقبة مطابقة النص مع الدستور من طرف المجلس الدستوري قبل صدوره. -المجالات التي يشرع فيها البرلمان بتشريعات عادية، أوسع من تلك التي يشرع فيها بتشريعات عضوية. • التشريع الفرعي أو اللوائح: التشريع الفرعي أو اللوائح تسمى أيضا بالتنظيمات، -السلطة المختصة بوضع هذه التنظيمات: السلطة المختصة بوضع التشريع الفرعي هم رئيس الجمهورية، الوزير الآول اللذان لهما سلطة تنظيمية عامة، الو راء الذين تثبت لهم سلطة تنظيمية محصورة في اختصاص كل منهم يضاف إلى هؤلاء سلطات إدارية أخرى مثل :الولاة، رؤساء البلديات، رؤساء المصالح التي خولت لها سلطة تنظيمية محدودة بموجب تفويض تشريعي. - أنواع اللوائح: تنقسم اللوائح إلى: ويجب أن لا تتضمن هذه اللوائح أي تعديل وإلغاء لقواعد التشريع. ب-اللوائح التنظيمية: هي القواعد اللازمة التي تضعها السلطة التنفيذية تنظيما لمرافقها والمرافق العامة في الدولة كونها هي التي تقوم بإدارتها، هنا السلطة التنفيذية لا تتقيد بأي تشريع صادر عن السلطة التشريعية، بل تكون مستقلة. لهذا أطلق على هذه اللوائح إسم اللوائح المستقلة. والصحة العامة مثل: اللوائح المنظمة للمرور، اللوائح المنظمة للمحلات المقلقة للراحة أو المضرة بالصحة، ثانيا-المصادر الإحتياطية للقانون: نصت على المصادر الإحتياطية للقانون المادة 01/02/03 من القانون المدني الجزائري وهي الشريعة الإسلامية، العرف، مبادئ القانون الطبيعي و قواعد العدالة، و فيما يلي نتناول جوانب من هذه المصادر على النحو التالي: • الشريعة الإسلامية: يُقصد بالشريعة الإسلامية ما شرَّعه الله سبحانه و تعالى لعباده من الأحكام على لسان الرسول محمد- صلى الله عليه و سلَّم- سواء أكان ذلك عن طريق القرآن، أو عن طريق السنة القولية (أي أحاديث الرسول - صلى الله عليه و سلَّم - التي قالها في مختلف المناسبات و الأغراض . سلَّم - مثل أدائه الصلوات و مناسك الحج . إلخ) أو التقريرية ( أي ما أقرَّه الرسول- صلى الله عليه وسلَّم- بما صدر عن بعض أصحابه من أقوالٍ أو أفعالٍ بسكوته عنها و عدم إنكاره لها . إلخ( و يُشترط في تطبيق مبادئ الشريعة الإسلامية باعتبارها مصدرًا احتياطي للقانون شرطين: يتعلق الأول بالموضوع محل النزاع، و الثاني بانطِباقها أوانسجامها مع المبادئ العامة للقانون، فالقاضي يعتد بالشريعة الإسلامية كمصدر احتياطي ما لم تتعارض مع المبادئ الأساسية للقانون الوضعي، و ذلك حفاظًا على تجانس وانسجام التشريع. نتائج الأخذ بمبادئ الشريعة الإسلامية كمصدر احتياطي للقانون : الوقف، المواريث الوصيَّة، الأحوال الشخصية . -العرف: يقصد بالعرف اعتياد الآشخاص على اتباع سلوك معين في مسألة معينة، بحيث يستقر الشعور لدى الجماعة باعتباره سلوكا ملزما مستتبعا بتوقيع الجزاء عند مخالفته. -أركان العرف: نستنتج أركان العرف من خلال التعريف المقدم له ، أو اعتياد الناس إتباع مجموعة من الافعال والتصرفات التي تخص أحد أمور حياتهم في المجتمع، الثبات، العموم والشهرة وهو عنصر داخلي نفسي. • مبادئ القانون الطبيعي و قواعد العدالة: ق.م. ج، حيث لا يُمكن للقاضي الرجوع إلى هذا المصدر بالنسبة للنزاعات المطروحة أمامه إلاَّ في غياب نص تشريعي، حكم من أحكام الشريعة الإسلامية، أو قاعدة من قواعد العرف، لأنه لا يُمكن الإحاطة بكل الاحتمالات التي قد تحصل مستقبلاً، وهذا ما يعبر ويدل عن قصور التشريع. مبدأ حسن الجوار، مبدأ حسن النية في إن إحالة القاضي على مبادئ القانون الطبيعي و قواعد العدالة - في غياب المصادر السالفة الذكر – يؤدي إلى تكليفه و إلزامه )القاضي ( بالإجتهاد في البحث عن حل للنزاع المعروض عليه حتى لا يتُّهم بإنكار العدالة. إن إنكار العدالة جريمة بمفهوم القانون، وتعني امتناع القاضي، صراحة أو ضمنًا، الفصل في الدعوى المعروضة أمامه أو تأخير الفصل فيها دون مبرِّر قانوني، وهو ما يجعله تحت طائلة نص المادة 136 من قانون العقوبات. ثالثا-المصادر التفسيرية للقانون نعني بالمصادر التفسيرية تلك المراجع التي يستأنس بها القاضي لفهم القواعد القانونية، وإزالة أي غموض أو لبس وتتمثل غالبا في الفقه والقضاء . • الفقه: يقصد بالفقه مجموعة الآعمال التي أنتجها رجال القانون على شكل آراء وشرح وتعليقات وبحوث قانونية هذا من جهة، أرسطو، أفلاطون، بول وسانت أغستين، وأبرز أعمالهم مدونة جستنيان الشهيرة التي تعتبر حجر الزاوية في مجموعة القوانين الرومانية التي على أساسها تشكلت النظم القانونية الحديثة في أوروبا كالنظام القانوني اللاتيني والجرماني وحتى الآنقلوسكسوني. ونفس الوضع بالنسبة للشريعة الإسلامية حيث تطور دور الفقه نتيجة لتوسع الدولة الإسلامية هذا ما يفسر ظهور المذاهب المختلفة كالمالكية، الحنفية والحنبلية. لكن في العصر الحديث أصبح الفقه مصدر تفسيري . -القضاء : يقصد بالقضاء مجموعة المبادئ القانونية المستخلصة من أحكام المحاكم، ومجموعة الآعمال القضائية الصادرة عن الجهاز القضائي. كما قديقصد منه الجهاز الفني المتمثل في مرفق العدالة . ففي القانون الروماني والشريعة الإسلامية اعتبر أحد مصادر الالزام، أما في الشرائع الحديثة أصبح في أغلبها مصدر تفسيري ، في حين في بعضها الأخر يعتبر مصدرا رسميا مثل النظام القانوني الآنقلوسكسوني. 7-نطاق تطبيق القانون إن الغاية الأساسية من وضع القواعد القانونية هو تنظيم حياة الأفراد في المجتمع، و منع حدوث الفوضى وسيادة ذلك أن القانون لا قيمة له إلا بتطبيقه. وسنتطرق إلى نطاق تطبيق القانون من حيث الأشخاص أولاً، و من حيث المكان ثانيا، على النحو التالي: أولا-تطبيق القانون من الأشخاص : سبق القول أن من خصائص القاعدة القانونية العمومية و التجريد، هذه الخاصية تجعل من قواعد القانون واجبة التطبيق في حق جميع الأفراد على قِدم المساواة. إن دراسة تطبيق القانون من حيث الأشخاص تتمُّ انطلاقًا من خلال المبدأ المستفاد منها هو "افتراض العلم بالقانون"، و الذي يقودنا في النهاية إلى المبدأ الأصل ف هذا الصدد و هو مبدأ "عدم جواز الإعتذار بالجهل بالقانون". • مضمون مبدأ عدم جواز الإعتذار بالجهل بالقانون: نظرًا للأهمية البالغة لهذا المبدأ في العمل و الحياة اليومية للفرد فقد نصَّ عليه المشرع الجزائري وكرسه في أسمى النصوص التشريعية وهو الدستور، حيث تمَّ النص عليه في المادة 78/01 والتي تنص على مايلي: لايعذر أحدٌ بجهل القانون". و يُرادُ بمبدأ "عدم جواز الإعتذار بالجهل بالقانون"، عدم إمكان أي شخص أن يتذرع بعدم علمه بالحكم الذي تتضمنه القاعدة القانونية أو جهله بوجود القاعدة مطلقًا لإعفاءه من تطبيقها، إلاَّ أنَّ هذا الشخص يكون في هذه الحالة مقصِّرًا، وبذلك يُطبَّقُ حكم القانون في حقه عقابًا له على تقصيره في بذل العناية للعلم به، ومن ثمة احترامه وعدم مخالفته، وبعبارة أبسطٍ وأوضحٍ وأدق فإن الجهل بالقانون لايعتبر عذرا قانونيا يترتَّبُ عليه الإعفاء من تطبيق الأحكام القانونية. • شروط تطبيق مبدأ عدم جواز الإعتذار بالجهل بالقانون من البديهي جدا أنه لا يُمكن للشخص أن يدَّعي جهله للقانون إلا إذا كان القانون المراد تطبيقه على ذلك الشخص موجودًا فعلاً و ساري المفعول. و حتى تُصبح القوانين سارية المفعول وضع المشرِّع إجراءات خاص تتمثل في إصدار القوانين أولاً و نشرها في الجريدة الرسمية ثانيا. -إصدار القانون: يُعتبر الإصدار عملاً تنفيذيا لا عملاً تشريعيا، فهو من اختصاص السلطة التنفيذية المختصة بتنفيذ القوانين، و يُعدُّ الإصدار أول إجراء لتطبيق القانون الذي يكتسب قوته التنفيذية في مواجهة كافة الناس، حيث ينص الدستور الجزائري على أن رئيس الجمهورية- الذي هو أعلى سلطة تنفيذية - يقوم بإصدار القانون في ظرف 30 يومًا من تاريخ تسليمه إياه. -نشر القانون: النشر هو الوسيلة الرسمية المعتمدة من قِبل المشرِّع مخاطبة أفراد المجتمع، حيث يتمُّ بواسطة جريدة خاصة معدَّة لهذا الغرض هي الجريدة الرسمية، يتنازع التطبيق المكاني للقانون مبدآن أساسيان و هما: مبدأ إقليمية القوانين و مبدأ شخصية القوانين، إضافة إلى و فيما يلي نتناول كل منهما على النحو التالي: أ- مبدأ إقليمية القوانين: أي على حيِّزها المكاني، و على كل الأشخاص المقيمين داخل ذلك الحيِّز، ليكون هذا المقتضى دليل سيادتها على إقليمها الذي لا وجد لها إلاَّ به. و يترتب على الأخذ بهذا المبدأ على مستوى التشريع مجموعة من النتائج التالية يُمكن ذكرُ البعض منها على النحو التالي: • امتداد سلطة قانون الدولة إلى كل إقليمها و ما يحتويه من أشخاص و أموال. • عدم تطبيق القانون الوطني لدولة ما على رعاياها المقيمين خارج حدودها، احتراما لسيادة الدول الأخرى. • استبعاد تطبيق القانون الأجنبي على إقليم الدولة - و لو اقتصر على الرعايا الأجانب - و إلاَّ اعتُبِر ذلك اعتداءٌ على سيادة الدولة و على النظام العام فيها. 2- مبدأ شخصية القوانين ومبدأ العينية: و يُقصد بهذا المبدأ سريان قانون الدولة على رعاياها أي كان مكانهم، فيتبع القانون الوطني كل منهم أينما حل وارتحل، و مقتضى هذا المبدأ أن تُؤخذَ رابطة الإنتماء السياسي كأساس لتطبيق القانون، و الذي يكون على رعايا الدولة وحاملي جنسيتها و يبقى واجبا في حقهم ماداموا مرتبطين سياسيا بهذه الدولة،