إن نظام المواريث في الإسلام هو جزء من نظام شامل وفلسفة متكاملة وضعت من قبل العلي الخبير بشكل دقيق يكفل العدل التام بين بني البشر حتى مع العلاقات الاجتماعية غاية في التعقيد التي تجمعهم بعضهم ببعض فما هي فلسفة الميراث في الإسلام وبم تمتاز عن الفلسفة الغربية العلمانية في نفس الموضوع. النقطة الجوهرية الثانية في تنظيم الإسلام للميراث وهي تحقيق العدل وهذا عين التنظيم للميراث في الإسلام فلأي فرد في المجتمع المسلم رجلا كان أو امرأة حقوقا وعليه واجبات وقد تم تحديد كل قسم منهما بما هو في طاقته وعلى قدر ما بسطه الله له في الخلق فكلف الرجل بالسعي للرزق والعمل الشاق والإنفاق من ماله على زوجه وأبناءه وهي أمور فوق طاقة المرأة وإن قامت بها فهي تكون شاقة عليها جدا ومهلكة لها بدنيا ونفسيا في نفس الوقت الذي جعل على المرأة الحمل والإنجاب ورعاية المولود والصبر عليه وعلى متطلباته وهي أمور لا يقدر عليها الرجل ولا يطيقها حتى وإن كان يتحملها جسديا خلق الله الرجل وجعله جسديا أكبر من المرأة وأكثر احتياجا منها للغذاء. وإلا فلا يختلف معي أحد من قراء المقال أنه لم يسبق أن سمع أو رأى حملة تدعو مثلا للمساواة في نصيب الغذاء بين الرجل والمرأة لأنها بلا شك دعوة سخيفة غاية في السخف فلا تستطيع المرأة أكل ما يأكله الرجل ولا يطيق الرجل أن يعيش على الكمية التي تتناولها المرأة فإن حدث وساوينا بينهما في المأكل سنجد أن أحدهما يقعد جائعا يشكو الضعف وقلة التركيز وأخرى ترمي كل يوم جزءا من الطعام لأنها لا تحتاجه أو تعيش في سمنة من فرط ما تأكل من طعام زيادة عن حاجتها. كذا الحال في المواريث ولكن ما يكون لنا بديهي في المسائل البسيطة السابق ذكرها يصبح أكثر تعقيدا بكثير في نظام المواريث المرتبط ارتباطا تاما بتوزيع المسؤوليات والواجبات في الحياة بين الرجل والمرأة بل وبين الرجل في حالاته المختلفة كأب أو ابن أو جد أو قريب أو غريب والمرأة في حالاتها المختلفة كأم أو أبنة أو جدة أو قريبة أو غريبة فكلما اتسعت دائرة العلاقات الاجتماعية كلما زاد التعقيد في المسؤوليات والحقوق ولا يستطيع فك هذه الشفرة المعقدة وتوزيع الثروات بشكل يضمن العدالة التامة بين الجميع سوى المولى عز وجل خالق الرجل والمرأة والعليم بما هو عدل وما هو ظلم. إن ما يسمونه هذه الأيام مساواة فإنما هو قمة الظلم فالرجل الذي يرث في أكثر الحالات أكثر من المرأة هو المطالب بالإنفاق في كل الحالات فهو كأب مكلف بالإنفاق على زوجته وابنته النساء دون أن يأخذ من مال زوجته إلا برضاها وهو كابن مكلف بالإنفاق على أمه وأخته النساء إن مات أبوه بالإضافة إلى الإنفاق على زوجته وابنته إن كان متزوجا والرجل كعم مكلف بالإنفاق على بنات أخيه المتوفي إن لم يكن لهن أخ قادر على العمل والإنفاق والجد مكلف مع العم أو منفردا في نفس الحالة هذا في الوقت الذي يعطي فيه الإسلام الحق كاملا للمرأة في مالها دون تكليف بشيء إلا عن رضا وطيب خاطر أو إن كانت وحيدة تماما لا أهل لها ولا أهل لزوجها وحتى في هذه الحالة جعل نفقتها على بيت مال المسلمين ولا تنفق هي إلا في الضرورة وللضرورة. إن فلسفة النظام العلماني الذي ينطلق من فلسفة تعتبر الإنسان حيوانا ناطقا لا تلقي بالا لميزان العدل بين البشر وإنما يوزع الحقوق والمسؤوليات بشكل يخل تماما بالفروق الفطرية والطبيعية بين الناس فحتى عندما تتوفر المادة لا تجد معها راحة البال ولا السكينة بل تجد الإجهاد والإرهاق البدني والنفسي ولا تحتاج لدليل على ذلك إلا بأن تتحدث مباشرة مع النساء اللاتي يعشن هناك لتجد كم المعاناة الشديدة التي تعيشها المرأة هناك في كل المجالات وكم الظلم والقهر الشديدين الواقعين عليها عندما يتم المساواة بينها وبين الرجل في أمور لا طاقة لها بها ولا تجد في نهاية الأمر إلا قشورا لا تسمن ولا تغنى من جوع من أمثال المساواة في الميراث وكم تتمنى المرأة هناك أن يذهب مالها كله في مقابل رجل حقيقي يهتم بها وينفق عليها ولا يتركها لتواجه هذا العالم الشرس بكل ما حباها الله من رقة في القلب ورقة في البدن.