قال الملك للفيلسوف: قد سمعت هذا المثل فاضرب لي مثل الرجل الذي يعمل العمل بغير رؤية ولا تثبت قال الفيلسوف : من لم يكن في عمله متأنياً وفي امره متثبتاً لم يبرح نادماً ومن أمثال ذلك الناسك وابن عرس قال الملك:وكيف كان ذلك؟ قال الفيلسوف:زعموا أن ناسكاً من النساك كان بأرض جرجان وكانت له امرأه صالحة فمكثا زمانا لم يرزقا ولدا. ثم حملت بعد الإياس فسرت المرأة وسر الناسك بذلك وحمد الله تعالى وسأله ان يكون الحمل ذكراً وقال لزوجته:أبشري فإني ارجو أن يكون غلاماً فيه لنا منافع وقرة العين أختار له أحسن الاسماء وأحضر له جميع المؤدبين. فقالت المراة:مايحملك أيها الرجل أن تتكلم بما لا تدري أيكون أم لا. ثم إن المرأة ولدت غلاماً جميلاً ففرح به أبوه وبعد أيام أرادت الخروج فقالت لزوجها : أقعد عند ابنك حتى أعود. ثم إنها أنطلقت إلى شأنها وخلفت زوجها الغلام فلم يلبث أن جاء رسول الملك يستدعيه ولم يجد من يخلفه عند ابنه غير ابن عرس داجن عنده كان قد رباه صغيراً فهو عنده عديل ولده فتركه الناسك عند الصبي وأغلق عليهما البيت وذهب مع الرسول فخرج من بعض أحجار البيت حية سوداء فدنت من الغلام فذربها ابن عرس فوثبت عليه فقتلها ثم قطعها وامتلأ فمه من دمها. ثم جاء الناسك وفتح الباب فالتقاه ابن عرس كالمشير له بما صنع من قتل الحية فلما رآه ملوث بالدم وهو مذعور طار عقله وظن أنه قد خنق ولده ولم يتثبت في أمره حتى يعلم حقيقة الحال ويعلم بغير ماظن من ذلك.