التقرير الأوروبي" لدراسة درجات التعصب والتمييز في ثماني دول أوروبية هي: ألمانيا، الذي قام به على مواطني تلك الدول، إلى أن التعصب يصل إلى أعلاه في المجر وبولندا، كما توصل المسح كذلك إلى أن ما يقرب من نصف الأوروبيين يؤمنون بأن هناك الكثير من المهاجرين في بلادهم. كما يعتقد نحو 17 في هولندا، مقارنة بـ 70 في بولندا، في أن اليهود يسعون دوما لاستغلال المعاناة التي تعرضوا لها أيام الحكم النازي لتبرير تصرفاتهم. وأكثر من نصف الأوروبيين في الدول الثماني يرون أن الإسلام دين غير متسامح. ظهرت تلك النتائج قبل تزايد موجات الهجرة والنزوح من مناطق النزاعات في الشرق الأوسط إلى أوروبا، وهو يبرهن على أن مكون العنصرية أصيل في الفكر الأوروبي، وإن كانت درجته أقل وقتها. بل وزاد الدعم لها في ضوء الأحداث الإرهابية، وما آلت إليه دولة الرفاه الأوروبية من تراجع أثر في أفكار وتوجهات المواطنين، ووصل الأمر إلى أن الدولة التي يمكن عدّها مثالا على النموذج الديمقراطي الأوروبي، صعدت فيها الأفكار المتطرفة بشكل لافت، 5. وهو ما يسئ إلى مدي تغلغل الاستراتيجيات الفكرية اليمينية المتطرفة داخل أعتق الدول الديمقراطية الأوروبية وما تبعها بطبيعة الحال في الدول الأخري. ثالثا - تداعيات التطرف القومي في أوروبا: خاصة الانتخابات الفرنسية القادمة، في ظل تقدم ماري لوبان في استطلاعات الرأي بشكل ملحوظ. جدير بالذكر في هذا السياق أن الجهود التي تبذلها النخب الأوروبية الحاكمة، والأحزاب الديمقراطية التقليدية في مواجهة الفكر المتطرف، أو انتقاد أفكارها بعموميتها المفرطة، ولأن النخب والأحزاب التقليدية لا تقدم البديل، فإن خطابها المضاد يظهر ضعيفا في مواجهة الأفكار المتطرفة. وفهمه للديمقراطية والليبرالية والتكامل بشكل كامل. مفادها فشل ذلك الرهان، وقد بدأت بالفعل تأثيرات صعود التطرف القومي في الظهور، بل في أوروبا بأكملها، وقد استطاعت تلك الحركة تنظيم مظاهرات أسبوعية لرفض وجود الجاليات المسلمة في أوروبا، في السياق ذاته، برز العديد من مظاهر الاستقطاب في المجتمعات الأوروبية ضد المسلمين بشكل خاص، مع نحو 50 سياسيا آخر من الائتلاف الحاكم وحزب الخضر المعارض، وفي ظل ذلك الزخم من الأحداث المتتالية، ونظرا لاستغلال الأحزاب المتطرفة لكل تلك الأحداث والتطورات لترسيخ دعائم وجوده في الداخل الأوروبي، خلال السنوات القادمة، وهما: السيناريو الأول: وصول الأحزاب المتطرفة إلى الحكم في الدول الأوروبية التي سيشهد أغلبها انتخابات برلمانية في عام 2017. وقد بدأت بوادر هذا الأمر تظهر فيما حققه "الحزب الشعبي" اليميني في إسبانيا في نهاية يونيو 2016، حيث استطاع الفوز بالأكثرية (بواقع 137 مقعدا من 350) في الانتخابات البرلمانية. والسويد، وغيرها. أن يغير ملامح وسمات القارة الأوروبية التي اكتسبتها على مر السنوات، منذ نهاية الحرب الباردة، بحيث ستبدأ أفكار التكامل الأوروبي في التلاشي تدريجيا، وسيتهدد الاتحاد بالانهيار القوي خلال سنوات قليلة، والعنف، وغلق الحدود أمام اللاجئين. بل وستلقي مثل تلك السياسات تأييدا كبيرا إذا تزامنت مع إصلاحات اقتصادية تزيد من ثقة المواطن الأوروبي في قرارات تلك الأحزاب واختياراتها. السيناريو الثاني: تراجع الأحزاب المتطرفة، بحيث لا تحصل الأحزاب المتطرفة على نسبة أصوات مرتفعة داخل البرلمانات الأوروبية بما يقيد إمكانياتها لتشكيل الحكومات مستقبلا، ومن ثم السياسي للدولة. ولعل المؤشر المبدئي على ذلك أنه لا يزال هناك 63 من الفرنسيين لا يؤيدون الجبهة الوطنية بقيادة لوبان، بحسب استطلاعات الرأي. وبالمثل يؤكد ساسة سويديون أن 87 من السويديين لم يصوتوا لحزب "ديمقراطيي السويد" اليميني المتطرف. ثمة احتمال وسيط يقع بين السيناريوهين السابقين، وإيطاليا، نظرا لتطور دور اليمين بقوة فيهما. لأن التطورات المتلاحقة التي يتعرض لها تسهم بقوة في تأجيج تلك النزعات الانفصالية داخل الدول.