ويجب ألا تقتصر دراسة البيئة على وصف عناصرها وتوضيح علاقاتها بالأمراض والمشكلات الصحية ، بل يجب أن تكون هذه الدراسة متضمنة لأساليب حماية هذه البيئة وتطهيرها من كل مسببات الأمراض وعوامل انتشارها حتى لا تضيع الجهود التي تبذل فى اكتشاف المرضى وعلاجهم ، للقضاء على المرض ، بل يجب أن يكون مصحوباً بالقضاء على مسبباته البيئية ، وإلا عاد المرض وانتشر من جديد سواء منها ما هو خاص بالإنسان وحده ، أو ما هو مشترك بينه وبين الحيوان ومن الواضح أن دراسة الجغرافيا الطبية لا يمكن أن تقوم على أساس سليم إلا إذا كانت لدى الباحث فكرة واضحة وصحيحة عن الأمراض نفسها ، وعن علاقاتها البيئية وتوزيعها الجغرافى وتأثيرها على المستويات الاقتصادية والحضارية للشعوب وأساليب مقاومتها . ولا بد أن يشكل التوضيح الكارتوغرافى للأمراض وطرق انتشارها جانباً أساسياً في دراستها . وحتى لو كانت قلة الإحصاءات وعدم دقتها تعرقل إخراج الخرائط في صورتها النهائية الصحيحة ، ثانياً - المنهج الإقليمي : المقصود بهذا المنهج هو دراسة الجغرافيا الطبية لوحدات إقليمية معينة ، وكلما كانت الوحدة المراد دراستها صغيرة كانت الدراسة أكثر فائدة . وغيرها . أى دراسة الوحدة الواحدة أو اسم Topography ، أو الدراسة الجيوطبية Geomedical Study وقد برز هذا الاتجاه في بعض الدول المتقدمة مثل ألمانيا ، وقد عرض رئيس هذه الوحدة وهو هيلموت جوزاتس H. كما قال : ( ولا يكفى أن يسير الباحث على الطريقة التقليدية التي تركز اهتمامها على حصر أعداد المرضى والوفيات وحساب معدلات كل منها في كل ألف أو عشرة آلاف أو مائة ألف من السكان ، وحساب الفرق بين معدلات الوفيات بين الرجال والنساء ، وفى فئات السن المختلفة ، وهي كلها بيانات تنشرها الهيئات الصحية فى مختلف الدول كما تنشرها منظمة الصحة العالمية في إحصاءاتها السنوية ، بل يجب أن يوجه الاهتمام إلى التحليل الجيوطبي Geomedical الذي يمكن عن طريقه اكتشاف الدور الذى يلعبه كل عنصر من عناصر البيئة الطبيعية والبشرية في صحة الإنسان ومرضه ، ويجب أن يكون هذا التحليل شاملاً لكل عناصر البيئة الطبيعية من جيولوجيا وتضاريس ومناخ وتربة ومياه وكائنات حية وشاملاً لكل عناصر البيئة البشرية مثل تاريخ السكان ، وتركيبهم العنصري ومشكلاتهم ، ومستواهم الحضارى والاقتصادى وأحوالهم الاجتماعية وظروف حياتهم وأعمالهم وعاداتهم وتقاليدهم ودياناتهم ، وهى كلها ذات علاقات مباشرة وغير مباشرة بأمراضهم ومشكلاتهم الصحية . وأن يتضمن هذا التحليل في النهاية الجهود التي تبذل المقاومة الأمراض الموجودة فى الإقليم ولرفع المستوى الصحى لسكانه ، فعن طريق الدراسة التحليلية التى من هذا النوع يستطيع الباحث أن يكتشف وجود ويمكننا أن ندلل على هذه الحقيقة بأمثلة عديدة من مناطق مختلفة في العالم ، وقد ساعد هذا الاكتشاف على تفسير وجود هذا المرض نفسه في بلاد أخرى . حيث تبين أن سببه هو وجود نبات معين فى المراعى التى تربى عليها أبقار هذه الجزيرة وأن هذا النبات يستمد بعض العناصر السامة من التربة وينقلها إلى ألبان الأبقار التي تنقلها إلى الأطفال الذين يؤدى وصولها إليهم إلى تعطيل تأثير اليود على غددهم الدرقية (١)