الفصل الأول: تعريف القانون وعلاقته بالعلوم الاجتماعية قبل تحديد التعريف الراجح لمصطلح القانون ينبغي تحديد كلمة قانون لغة ثم اصطلاحا . - لغة: كلمة قانون من أصل يوناني، المستقيمة (kanun) ، والعصا كما هو معلوم هي وسيلة للردع، فمن خلالها يمكن إلزام الغير من القيام بعمل ما، العميق، الثابت، المنتظم، فيما بين الظواهر أو فيما بين مختلف أوجه الظاهرة الواحدة، كقانون الجاذبية في علم الطبيعة، فقد تستعمل للدلالة على مجموعة القواعد القانونية بصفة عامة، تلك القواعد التي تنظم علاقات الأفراد في مجتمع معين، وسواء كانت تلك القواعد مكتوبة أو غير مكتوبة . - كما تستعمل للدلالة على كلمة التشريع ( Législation) ، والذي يعني مجموعة القواعد القانونية الملزمة التي تضعها السلطة التشريعية بهدف تنظيم موضوع معين. مثل: قانون التأمينات، قانون الأسرة، قانون المحاماة، أو فرع مستقل من فروع القانونية، مثل: القانون المدني (Le code civil) ، أو قانون العقوبات Le code pénal) . أما التعريف الذي اتفق عليه أهل القانون فيتمثل فيما يلي :هي مجموعة القواعد القانونية العامة والملزمة التي تنظم سلوكات الأفراد داخل المجتمع على وجه ملزم، وهي مقترنة بجزاء. علاقة القانون بالعلوم الاجتماعية : يتصل القانون اتصالا وثيقا بالعلوم الاجتماعية نظرا لاهتمام هذه الأخيرة بنشاط الإنسان وعلاقاته المختلفة في المجتمع، ومن هذه العلوم : علم التاريخ، وعلم الاجتماع، وعلم الاقتصاد والسياسة، وعلم النفس . ، -1 صلة القانون بعلم التاريخ : يتصل علم التاريخ حتما بماضي المجتمعات، ولقد كان لهذه الأخيرة تجارب عديدة في مجال الأنظمة القانونية التي تنظم مختلف مجالات حياتهم، من هذا المنطلق يستعين المشرع بهذه التجارب لتجنب الأخطاء، والاعتماد على ما كان ايجابيا . -2 صلة القانون بعلم النفس : تعتبر الصلة بين القانون وعلم النفس صلة وثيقة حيث أن الأول يسترشد ويستنير بالثاني في مجالات عديدة ، حيث نجد القضاة في كثير من القضايا المطروحة يلجأون إلى المختصين في مجال علم النفس ليمونهم بيد المساعدة للوصول إلى أنسب الحلول القانونية لتلك القضايا . مثال 1: يساهم علماء النفس في دراسة إعداد الكيفيات والإجراءات المتضمنة في علم العقاب وعلم الإجرام، كموضوع إدماج المجرمين في المجتمع بعد انتهاء مدة العقوية. منها، فقد قرر قانون العقوبات الجزائري في المادة 47 منه "لا عقوبة على من كان في حالة جنون وقت ارتكاب الجريمة" . مثال 3 : يقرر قانون العقوبات في مختلف الدول معاملة خاصة لطائفة المجرمين الأحداث، فعوضا من أن يسلط عليهم العقوبات، يخصهم بإجراءات بهدف إعادة تربيتهم وتأهيلهم كعلاج نفسي، ووضعهم في مراكز خاصة بهم تدعى مراكز الأحداث، وقد وصل حرص المشرع إلى ضرورة تطبيق ذلك في قانون العقوبات إلى منع أي إجراء قد يؤثر في شخصيتهم كالحبس ومع ذلك ففي مواد المخالفات لا يكون محلا إلا للتوبيخ . ويخضع القاصر الذي يبلغ سنه 13 إلى 18 إما لتدابير الحماية أو التربية أو لعقوبات مخففة . علاقة القانون بالقواعد الاجتماعية: أصبحت اليوم القواعد القانونية غير قادرة على التكفل لوحدها بوظيفة تنظيم علاقات الأفراد داخل المجتمع، فلا يمكن للقانون أن يكتسح كل مناحي الحياة العمومية، كما لا يمكنه التوصل إلى درجة تنظيم علاقة الفرد مع نفسه فهي حياة خاصة. لذلك نجد قواعد ذات طبيعة اجتماعية، - قواعد الدين - قواعد الأخلاق - القواعد العرفية كما تتميز بالإلزامية، المخالفة حددت لها مجموعة من الجزاءات أو العقوبات. أما القاعدة الدينية فهي تلك القواعد التي نجد مصدرها في القرآن الكريم، الذي أنزله الله عز وجل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم عن طريق الوحي، - ما جاء به النبي عليه الصلاة والسلام، أو ما يسمى بالسنة النبوية الشريفة، والمتمثلة في كل فعل فعله نبينا محمد)ص( أو قول تلفظ به، أو عمل أقره، - ما جاء به العلماء عن طريق الإجماع، - ما توصل إليه أهل الحل والعقد) العلماء( عن طريق القياس. أوجه الاختلاف: - من حيث النطاق: حيث نجد نطاق القاعدة الدينية أوسع من نطاق القانون، علاقة الفرد مع نفسه بأن لا يقوم بسلوكات تعود عليه بالضرر)الكذب(، وعلاقاته مع