-1-جاء في لسان العرب ان النفي هو إخراج الإنسان من بلده وطردُه. وعُرف عن العرب نوعان من النفي: نفيُ الزاني، «كان الزاني الذي لم يُحصن يُنفى من بلده الذي هو فيه الى بلد آخر، ونفيُ المخنّث يعني ان لا يُقرّ في مدن المسلمين. «ففي هذه الرواية التي يوردها لسان العرب ان النبي (صلى الله عليه وسلم) أمر بنفي رجلين اسمهما هيت وماتع وكانا مخنثين في المدينة». بالمعنى السياسي؟ أو هل يحدث اليوم، ان تحكم سلطة عربية على سياسي يعارضها بنفيه وطرده؟ والجواب في حدود علمي هو: لا. سياسيون وكتاب ومفكرون وعمال عرب تركوا بلدانهم الى بلدان اخرى، وهذا أمر آخر نابع من التوق الى الهجرة. تحركها رغبة دفينة في انتقال الشخص من مرحلة الإنسان – الجماعة، الى مرحلة الإنسان – الفرد. إنها رغبة الخروج من التقليد المقيِّد الى التجديد المحرِّر. والحق ان معظم المهاجرين العرب قد يفضلون، اليوم، وأن يعيشوا أحراراً. الخطر الضيق، لكن الأخلاقي والخلاق، كان المخنّث والزاني ينفيان بوصفهما يمثلان مرضاً، أما المعارض، فلم يكن يُنفى، وإنما كان يُقتل غالباً. فقد كان يُنظر إليه بوصفه يمثل خروجاً على السلطة القائمة بأمر الله ورعايته. وقتله مرجأ الى حين، وأظهر من جديد الطاعة لولي الأمر. غير ان هذا كان نادراً جداً. الأولى هي نفي الشاعر طرفة بإفراده، «إفراد البعير المعبّد»، والثانية هي نفي ابي ذر الغفاري الى الرّبذة في الصحراء. وفي العصر الحديث، مارست سلطات الاستعمار في البلدان العربية النفي السياسي. أما الدولة الوطنية التي قامت بعد الاستعمار، فلم تلجأ الى النفي، ذلك انها لم تتأسس على اختيار حر، هي الجماعات الموالية. في الطائفة، في الرأي، وتختلف مكانة الأقليات بين بلد عربي وآخر. ففي بعض البلدان العربية ليس لها أي حضور سياسي، ولا يقتصر الأمر على الأقليات الدينية. فالأقليات الإتنية سارت هي كذلك في طرق المنفى،