## القوة الملزمة للعقد

تناولت هذه الدراسة مبدأ القوة الملزمة للعقد كأحد المبادئ الأساسية لسلطان الإرادة في نظرية الالتزامات. فالعقد الصحيح الذي تحدد التزامات أطرافه يصبح شريعة لهم، و يجب احترامه وتنفيذه بأمانة وإخلاص. 

ومع ذلك، فقد أصبح هذا المبدأ محدودًا اليوم لا يؤخذ على إطلاقه. ففي ظل تنامي حاجات الفرد واتّساع علاقاته القانونية المختلة التوازن مع تغير الظروف ومرور الزمن، يستدعي تدخل المشرّع والقاضي لإعادة التوازن الاقتصادي المفقود وتحقيق العدالة العقدية. 

لذلك تم التسليم بوجود قيود على هذا المبدأ، و لزم عليه أن يتكيف مع مستجدات الفقه وقانون العقود المقارن. 

**المبحث الأول: قوة العقد الملزمة بالنسبة للأشخاص**

* **المطلب الأول: العقد شريعة المتعاقدين**
    * المادة 106 ق.م. تعكس مبدأ سلطان الإرادة، حيث يرى أصحاب المذهب الفردي أن الإرادة هي المصدر الوحيد للحقوق والواجبات، فإذا التزم المتعاقد بمحض إرادته، فهو ملزم بالوفاء بما تعهد به. 
    * الحقيقة أن القانون هو الذي يكسب العقد قوته الالزامية. 
    * مبدا "العقد شريعة المتعاقدين" يعني أن المتعاقد لا يجوز له نقض أو تعديل العقد من جهة، وهو ملزم بتنفيذه من جهة أخرى.
* **المطلب الثاني: الزام المتعاقدين بتنفيذ العقد**
    * يتجسد الوجه الثاني للقوة الملزمة للعقد في الزام المتعاقد بتنفيذ العقد وفق الشروط التي يتضمنها ما لم تطرء حوادث استثنائية تجعل تنفيذه مرهقا. 
    * **الزامية تنفيذ العقد:**
        * يلتزم العاقد بتنفيذ العقد طبقا لما اشتمل عليه.
        * يتحلى المتعاقد في التنفيذ التزاماتهما "بحسن النية".
    * **مضمون العقد:**
        * يشمل العقد المسائل الواردة فيه صراحة من حقوق وواجبات، وتلك التي لم ترد فيه الا أنها تعد من مستلزماته.
        * **مستلزمات العقد:** 
            * يحدد العقد حدود الالتزامات التي يرتبها، ولكن إذا اغفل العاقدان بعض التفاصيل سهوا، يكون العقد ناقصا، فيتولى القاضي اكماله -حسب المادة 107 ق.م – في ضوء القانون، والعرف، و العدالة حسب طبيعة الالتزام.
    * **تنفيذ العقد بحسن نية:** 
        * حسن النية يلعب دور المحرك في العلاقة العقدية.
        * **مظاهر حسن النية:** 
            * نزاهة المتعاقد: يتمتع المتعاقد عن كل غش أو تدليس.
            * التزام بالتعاون: اطلاع واشعار المتعاقد معه بكل الاحداث التي تهم تنفيذ العقد. 
* **المطلب الثالث: نسبية الاثر الالزامي للعقد**
    * تخضع القوة الملزمة للعقد بالنسبة للأشخاص لمبدأ نسبية أثر العقد، الذي مفاده أن أثر العقد يقتصر على طرفيه. 
    * **أثر العقد بالنسبة للخلف العام:**
        * من يخلف الشخص في ذمته المالية من حقوق والتزامات.
    * **أثر العقد بالنسبة للخلف الخاص:**
        * يتأثر الخلف الخاص بالعقود التي أبرمها السلف، ويستفيد من حقوقه، لكنه لا يلتزم بالتزاماته.
    * **أثر العقد بالنسبة للدائنين العاديين:**
        * يتأثر الدائن العادي بتصرفات مدينه بشكل غير مباشر، حيث قد تزيد فرصة استيفاء حقه أو تقلل منها. 
    * **التعهد عن الغير:**
        * يتعهد أحد الطرفين في عقد بحمل أجنبي عنه على قبول التزام معين. 
    * **الاشتراط لمصلحة الغير:**
        * اتفاق بين المشترط والمتعهد ينشأ عنه على عاتق الأخير حق للمنتفع.

**المبحث الثاني: القوة الملزمة من حيث الموضوع**

* **المطلب الأول: أحكام التأويل العقد (تفسير العقد)**
    * تفسير العقد هو تحديد ما انصرفت إليه الإرادة المشتركة للعاقدين. 
    * **حالات تفسير العقد:**
        * **وضوح عبارات العقد:** 
            * لا يجوز الانحراف عنها عن طريق تفسيرها للتعرف على إرادة المتعاقدين. 
        * **غموض عبارات العقد:** 
            * يجب على القاضي تفسير العقد بالبحث عن النية المشتركة للمتعاقدين.
        * **الشك في معنى العبارة الغامضة:**
            * تعين عليه الأخذ بقواعد العدالة وحسن النية، يفسر الشك في مصلحة المدين. 
    * **تكييف العقد:**
        * إعطاؤه وصفا قانونيا صحيحا لتحديد القواعد القانونية التي تحكمه.
* **المطلب الثاني: رقابة التأويل**
    * تفرض المحكمة العليا رقابة على عمل القاضي فيما يتعلق بتفسير العقد، بوسائل مختلفة.

 **الخاتمة:** 

إن مبدأ القوة الملزمة للعقد مبدأ هام في القانون المدني، فبفضل هذا المبدأ تتأسس العلاقات القانونية بين الأفراد وتصبح ملزمة للطرفين. 

ومع ذلك، لا بد من مراعاة ظروف تطبيق هذا المبدأ والقيود المفروضة عليه لضمان تحقيق العدالة بين الأطراف.