تقول إيران إنها "لم تتخل أبدا عن سيادتها" على الجزر الثلاث أيام الوجود البريطاني، وملكيتها للجزر الثلاث "غير قابلة للتفاوض لأنها جزء لا يتجزأ من الأراضي الإيرانية منذ القدم"، وإن ما تسميه "سوء الفهم" في هذه القضية لا يمكن أن يُسوَّى إلا "بالتفاوض المباشر وغير المشروط بين البلدين"، وما يصدر عن الإمارات في هذه القضية "تدخل في الشؤون الإيرانية مرفوض بالكامل".وتضيف طهران أنها عندما وقعت الاتفاقية مع الشارقة 1971 لم تكن هناك دولة اسمها "دولة الإمارات"، وبعد أن تشكلت هذه الدولة فإنها قبلت كل المواثيق والاتفاقيات الموقعة سابقا وتعهدت باحترامها، ومن ضمنها اتفاقية عام 1971 الموقعة مع إيران الشاه.أما الإمارات فتقول إن الجزر "إماراتية الانتماء بحكم القانون والتاريخ"، وإن إيران تخلت عن ميراث الشاه في كل شيء وتغيرت تغيرا جوهريا وأصبحت جمهورية إسلامية لها نزعة ديمقراطية، إلا في قضية الجزر فقد نظرت إليها نظرة قومية وحافظت فيها على ما فعله الشاه من "احتلال غير شرعي ولا إسلامي".بل إن أبو ظبي ترى أن إيران الإسلامية تشددت أكثر من نظام الشاه الذي قبل في اتفاقية 1971 تقاسم السيادة على جزيرة أبو موسى، وهو ما أخلت به إيران بعد الثورة بـ"احتلالها" جميع الجزيرة 1992، وإن إجراء طهران المناورات في منطقة تعتبرها الإمارات مياها إقليمية لجزر تابعة لها يكرس هذا "الاحتلال" الذي تشبهه باحتلال إسرائيل للأراضي العربية بفلسطين والجولان السوري.وتصف موقف طهران بأنه حصل فيه تراجع خلال العقدين الماضيين، فقد كانت قبل نظام الثورة الإسلامية مستعدة للتحكيم الدولي أما بعد قيامه فإنها صرحت برفض ذلك، إذ تقول وزارة خارجيتها إنه "لا إمكانية للجوء إلى التحكيم لحل النزاع"، كما أكد الرئيس الإيراني الأسبق هاشمي رفسنجاني بأن "إحالة القضية للمحاكم الدولية لن تجدي نفعا".وتستدل الإمارات على ملكيتها للجزر الثلاث بأن جميع الوثائق والمراسلات الرسمية البريطانية تقضي بأن الحكومة البريطانية كانت -منذ احتلالها المنطقة في القرن التاسع عشر وحتى "احتلال" إيران الجزر سنة 1971- تقر بالسيادة العربية على هذه الجزر، وكذلك مراسلات شركة النفط الأنكلو/إيرانية في عبدان سنة 1935.عرضت أبو ظبي نزاعها مع إيران من جانب واحد على الأمم المتحدة قائلة إنها ستتجنب المواجهة مع دولة إسلامية جارة، وإن ملفها سيظل مدرجا على جدول أعمال مجلس الأمن -الذي رفع إليه في ديسمبر/كانون الأول 1971- حتى يتم إيجاد "تسوية عادلة وشاملة ودائمة" للنزاع عبر "الحوار المباشر في أي من البلدين بعد الاتفاق على أسسه وإطاره،ورفضت طهران على الدوام الذهاب بالقضية إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي، كما عارضت في البداية الدخول في مفاوضات ثنائية ومباشرة مع الإمارات قائلة إن المسألة تعني إمارة الشارقة فقط، ثم غيرت موقفها لاحقا ودخل الطرفان في جولات تفاوضية لحل القضية بدأت في أبو ظبي عام 1992 لكنها لم تصب أي نجاح.وحين قبلت طهران وساطة أطراف صديقة للجانبين قامت كل من سوريا وقطر (عام 1995) بجهود دبلوماسية خلال تسعينيات القرن العشرين لكنها كلها انتهت إلى الفشل، الذي تعددت أسبابه بدءا من اختلاف توصيف الطرفين لحقيقة الإشكال؛ ففي حين يقول الجانب الإيراني إن الأمر مجرد "سوء تفاهم" يصفه الطرف الإماراتي بأنه "احتلال إيراني حقيقي" لجزء من أراضيه.ولكن المفارقة هي أن الإمارات ظلت الشريك التجاري الأول لإيران طوال عقود النزاع، فقد بلغ حجم التجارة بين البلدين -حسب إحصاءاتهما الرسمية- نحو 6. وكان حجمه في العام الذي قبله 9. والتراجع الحاصل فيه سببه العقوبات الدولية المفروضة على طهران وليس نزاع الجزر. وتمرّ عبر الإمارات الغالبية العظمى من تجارة إيران مع دول الخليج.