أذكر أنه من القرارات الأولى التي اتخذھا راشد بعد تولیه مسؤولیة الحكم تأسیس مجالس للبلدية والتجار وغیرھم من الأشخاص الموھوبین في مجتمعنا، وعندما سألته عن سبب دعوته ك ّل ھذه الوجوه الجديدة، نريد منھم أن يخبرونا كیف يريدون أن نبني ونريدھم أن يعلّموك كیف تكون قائداً، وكنت أدرك عمقه وأھمیته وعظمته كلما كبرت، ھو بحاجة لعقل غیره لاستكمال عقله ورأيه، وھو بحاجة لتعل ُّم مستمر لا يتوقّف مھما بلغ من منزلة. كبر ُت وتعلّم ُت بأن الرسول – صلى الله علیه وسلم – كان يستشیر أصحابه؛ وھو الذي يأتیه الوح ُي من السماء. كبر ُت وتعلّم ُت بأن أصعب ما يمكن أن يفعله الحاكم ھو تجاھل نصیحة صادقة. كبر ُت ورأي ُت حكاماً وحكومات عربیة لم يھتموا بالاستماع لرأي شعوبھم وتطلّعاتھم بشأن الكیفیة التي يريدون بھا أن ُتبنى دولھم. كبر ُت وشاھد ُت قاد ًة كباراً لدول عظیمة كان خطؤھم التاريخي الأكبر الذي أطاح بھم ھو مستشاروھم المنافقون. أحاطوا أنفسھم بمن ُيس ِمعھم فقط ما يحبّون سماعه؛ وما زل ُت أرى الخطأ ذاته يتكرّر حتى يومنا ھذا. إ ّن أسوأ ما يمكن أن يفعله القائد أو الحاكم ھو الاختیار السیئللمستشارين. ھل تستطیع إطلا َق المشروع الفلاني ومتابعته حتى النھاية؟ كنت أبدي تبرّمي لاحقاً وأھمس له: لماذا قل َت لفلان إنه قائد. ھو قلیل الكفاءة ولا يستحق ھذه الكلمة؛ فیأخذ نفساً عمیقاً ويرد عل ّي بأن من أھم صفات الحاكم الناجح أن يحیط نفسه بقادة أقوياء، ونحن نبحث عنھم دائماً،