المقدمة (الفهم) حيث يوجد كذات فردية (شخص) حاملة لوعي خاص ومتفرّد. وبعد الوجود التفاعلي، يُنظر إليها من موقع الأنا كغير. طرح العديد من القضايا الإشكالية لعل أبرزها قضية وجود الغير في علاقته بوجود الأنا؛ هل للأنا من حيث هي ذات القدرة على الوعي بذاتها وإدراك بنيات وجودها في معزل عن الغير أم أن الغير هو شرط أساسي لوجودها واستمرار وجودها ؟ هذه هي المفارقة التي يضعنا أمامها النص في بعده المعرفي الذي يحيل على المجال النظري لمجزوءة الوضع البشري، وبالتحديد ضمن مفهوم الغير. ــ كيف تتحدد العلاقة الوجودية بين الأنا والغير؟هل وجود الغير ضروري لوجود الأنا أم هو وجود افتراضي ومحتمل؟ ما الذي يمكن أن يجعل من وجود الغير يكتسي طابع الضرورة ؟ وهل يستطيع الفرد أن يحيا منعزلا ؟ وهل بإمكان الأنا أن تحقق وعيها دونما حاجة الى الغير ؟ ما هي الأبعاد والرهانات الكبرى لإشكالية وجود الغير ؟ العرض (التحليل) ذلك أن لا إنسان من دون مجتمع أنساني". ولعرض هذه الأطروحة استند صاحب النص إلى جملة من القضايا والأفكار والمفاهيم التي تأخذ نسقا حجاجيا متماسكا؛ أضاف فكرة ثانية مفادها أن الإنسان كفرد يكون ضعيفا أمام الطبيعة، ويكون عاجزا عن ضمان استمراريته مما يجعل مسالة الوجود مع الغير ضرورة حيوية تضمن للإنسان البقاء. أي انه فرد إنساني يحمل مجمل خصائص الأنا. وأطروحة النص تلخص العلاقة بين المفهومين؛ فضلا عن توظيفه لبعض الروابط اللغوية والمنطقية كمؤشرات على البنية الحجاجية لعل أبرزها روابط النفي الذي يهدف من خلالها إلى دحض فكرة وجود إنسان من دون مجتمع إنساني. من هنا يمكن أن نحدد الأهمية الفلسفية للنص في كونه يعالج واحد من أهم إشكالات الوجود التفاعلي للإنسان (إشكال وجود الغير). أما قيمته فتتجلى في بعده الإنساني المحض حيث سمح لنا أن ننظر إلى الوجود الإنساني كوجود مركب يستلزم حضور الغير كشرط لبقاء واستمرارية الإنسانية جمعاء. ولئن كانت هذه هي قيمة الأطروحة يبدو أن صاحب النص قد تطرق إلى مسالة ضرورة وجود الغير انطلاقا من رؤية طبيعية نفسية أكثر منها فلسفية، من هنا يمكن إعطاء رؤية أخرى للإشكالية من خلال التساؤل التالي : هل الوعي بالذات وبالوجود يستلزم ضرورة حضور الغير أم أن الذات تعي ذاتها ووجودها بمعزل عنه ؟ وقصد إعطاء أبعاد فلسفية لهذه القضية، نستحضر موقف الفلسفة الوجودية مع جان بول سارتر J. فالغير هو الوسط الذي لا غنى عنه. في إطار تقديمه لهذه الأطروحة استدل سارتر بمثال الخجل؛ وعلى الرغم من هذا الجانب الايجابي، فإن هناك جانبا سلبيا حين تصبح حرية الذات مهددة أمام نظرة الغير، فإن الفيلسوف الفرنسي ديكارت Descartes سيعتبر أن وجود الغير ليس ضروريا لتحقيق وعي الذات واثبات وجودها، ومنطلقه في هذا هو تحليل تجربة "الشك"؛ فألانا يظل في غنى كامل وتام عن وجود الغير من حيث هو يعيش انغلاقا ذاتيا غير خاضع لأي سلطة. وأعرف أني موجود، التركيب وهو ما عززه سارتر،