موجة الابتكار التكنولوجي المقبلة لا تختلف عن سابقاتها، بمعنى أن نجاحها سيظل يعتمد على كيفية تطبيق الصحفيين للأدوات الجديدة. وكافة التأثيرات الأخلاقية والتحريرية والاقتصادية المرعية لدى إنتاج محتوى إخباري تقليدي لا تزال تطبّق على هذا العصر الجديد من الصحافة. وعلى الرغم من تنامي دخول الذكاء الاصطناعي في مجال الإعلام والصحافة وغيرها من المجالات الإبداعية، فإنه ما زال يواجه العديد من الصعوبات. عدم الفاعلية عند قلّة البيانات، ففي حين يمكن للصحفيين أن يقارنوا ويتوصلوا إلى الاستجابات من خلال عدد قليل من التجارب المشابهة، فإن الذكاء الاصطناعي يتطلّب كميات كبيرة من البيانات لمعرفة ما يجب أن تكون عليه الاستجابة الصحيحة. تكون قدرة الذكاء الاصطناعي محدودة. كما أن الذكاء الاصطناعي يفتقر إلى الإبداع الذي يعد المفهوم الأساسي في الصحافة؛ لا تستطيع الخوارزميات توليد الشعور العام المطلوب لإلهام ردود أفعال القراء العاطفية، أو التعليق على حادثة ما، لذلك لا تزال المهارات التحليلية والإبداع ميزة يتفوق بها الصحفيون على الذكاء الاصطناعي. يفتقر الذكاء الاصطناعي إلى الوعي الذاتي والقدرة على شرح مخرجاته: لماذا كتب هذه القصة الإخبارية؟ أو كيف وصل إلى نتيجة معينة؟ ينبغي التفكير في تصميم الذكاء الاصطناعي بطريقة تجعله مسؤولاً أمام القرّاء. وليعرف القرّاء إن كانت القصة مؤلّفة من قِبل الذكاء الاصطناعي أو البشر. تحدٍّ آخر يواجه صحافة الذكاء الاصطناعي، ألا وهو إمكانية تسلل التحيّز قبل فترة طويلة من جمع البيانات، ويعتبر التحيز من التحديات الكبيرة أمام الصحافة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي. كما أنه لا تزال المضاعفات الأخلاقية والقانونية المتعلقة بالأخبار المؤتمتة تحظى بقليل من الإجابات وتطرح الكثير من التساؤلات المعنية بالتحقق من تبعات القرارات الخوارزمية على المجتمع. ويمتد الجدال إلى مساحات صحفية أخرى مثل المساءلة القانونية، فظهور محتوى تشهيري لن يعفي الناشر من المسؤولية حتى لو كان تمَّ الاعتماد على الذكاء الاصطناعي والأتمتة في كامل عملية التحرير والنشر. ولا قيود تضعها الحكومات على حرية نقل الخبر، والرابح في السباق من يقتنص تلك الفرص ويستحوذ على أحدث التقنيات الحديثة ويقوم بدمجها في صناعة الإعلام. وللأسف قد تتحول دول العالم الثالث إلى سوق مخترقة من كافة تلك القنوات والتقنيات الحديثة وصولاً لمعلومات سيادية من قبل وسائل الإعلام وصحافة الذكاء الاصطناعي. مع اختفاء المؤسسات الإعلامية التقليدية بشكلها الحالي وإحلالها بمراكز معلوماتية تغطي كل بقاع العالم،