فدارات في لسانهم كما دارت كلمة دأب بمعنى السنة والسيرة. ودلوا بها على محاسن الأخلاق والشيم. وأقرب منه أن تكون الكلمة انتقلت من معنى حسي، إلى معنى ذهني، وهو الدعوة إلى المحامد والمكارم، شأنها في ذلك شأن بقية الكلمات المعنوية التي تستخدم اولاً في معنى حسي حقيقي، ثم تخرج منه إلى معنى ذهني مجازي. ولا نمضي في عصر بني أمية، حتى نجد الكلمة تدور في المعنى الخلقي التهذيبي، فقد وجدت طائفة من المعلمين تسمى بـ "المؤدبين"، فكانوا يلقنونهم الشعر والخطب وأخبار العرب وأنسابهم وأيامهم في الجاهلية والإسلام وأتاح هذا الاستخدام الجديد لكلمة الأدب، أن تصبح مقابلة لكلمة العلم الذي كان يُطلق حينئذ على الشريعة الإسلامية، وما يتصل بها من دراسة الفقه والحديث النبوي، وإذا انتقلنا إلى العصر العباسي، فقد سمى ابن المقفع رسالتين له تتضمنان ضروباً من الحكم والنصائح الخلقية والسياسية، سمّى أبو تمام ت 232 هـ / 846م) الباب الثالث من ديوان الحماسة، وينطبق هذا المعنى تمام الانطباق على كتاب الأدب، كما ينطبق على كتاب "الأدب"، أي في القرنين الثاني والثالث للهجرة، وما تلاهما من قرون كانت الكلمة تُطلق على معرفة أشعار العرب وأخبارهم، وأخذوا يؤلفون بهذا المعنى كتباً سموها كتب أدب، وهو كتاب يجمع ألواناً من الأخبار والأشعار والخطب والنوادر ، مع ملاحظات نقدية وبلاغية كثيرة. واختيار من خطبة شريفة، و"زهو الآداب" لـ الحصري.