كلية الأديان والعلوم الإنسانية ورقة بحثيّة مُعدّة لمادّة (الإسلام وأهل الكتاب) إشراف: الدّكتور طارق إدريس بيروت-2024 عزرا ابن سرايا: (480-440 ق. وانحدر من فِينْحَاسَ بْنِ أَلْعَازَارَ بْنِ هارُونَ الذي كان رئيس الكهنة الأول. معروف بعزرا الكاهن أو عزرا الكاتب كما ورد في سفر عزرا في الكتاب المقدّس لليهود، أما في السبعونية اليونانيّة فقد عُرف اسمه بـ (اسدارس)، يُختصر اسمه في بعض الأحيان بـ Azaryahu أي "الذي يساعده الربّ"، وفي أدبيّات الحكماء ورد اسمه كـ "عزرا الكاتب". يُشار إلىيه على سبيل المجاز باسم "الزّهور التي تظهر على الأرض" مما يدلّ على فصل الرّبيع في التّاريخ الوطني اليهودي. عزرا والعودة من سبي بابل: يشير سفر عزرا إلى عودة المجموعة الأولى من اليهود بقيادة زربابل من السّبي البابلي إلى أورشليم لإعادة بناء بيت المقدس، ولم يذهب معهم عزرا حينها بل بقي في بابل لمواصلة التعلّم من أستاذه باروخ بن نريه الذي كان عجوزًا لا يقدر على السّفر إلى أرض إسرائيل، وقد كان عزرا موظّفًا في بلاط إمبراطور الفرس (أرتحشستا) ومستشاره في شؤون الطّائفة اليهوديّة أيّام السّبي البابلي وقد استطاع من خلال كسبه لثقة الإمبراطور أن ينال عفوه عن اليهود وسماحه لهم بالعودة إلى القدس وإقامة حكم ذاتي في فلسطين حيث يقيمون مجتمعهم على أساس التّقاليد العبرانيّة ويوالون الفرس ويعودون لهم في سياساتهم وعلاقاتهم الخارجيّة، وبحسب الكتاب العبري ففي السنة السّابعة لحكم ارتحشستا سلّم الملك لعزرا رسالة أمر فيها بالسّماح لكلّ من أراد في مملكته من شعب إسرائيل وكهنته واللّاويّين أن يرجعوا مع عزرا إلى أورشليم ، وفي الطّريق إلى أورشليم استراح عزرا ومن معه على نهر أهوا لثلاثة أيّام وهم يقومون بالصّلاة والصّيام متضرّعين لله بحمايتهم في سفرهم الذي سيستغرق 4 أشهر بعد أن رفض عزرا أن يرسل معه الإمبراطور حراسة من الرجال متكلًا بذلك على الإله: (وَنَادَيْتُ هُنَاكَ بِصَوْمٍ عَلَى نَهْرِ أَهْوَا لِكَيْ نَتَذَلَّلَ أَمَامَ إِلهِنَا لِنَطْلُبَ مِنْهُ طَرِيقًا مُسْتَقِيمَةً لَنَا وَلأَطْفَالِنَا وَلِكُلِّ مَالِنَا. لأَنِّي خَجِلْتُ مِنْ أَنْ أَطْلُبَ مِنَ الْمَلِكِ جَيْشًا وَفُرْسَانًا لِيُنْجِدُونَا عَلَى الْعَدُوِّ فِي الطَّرِيقِ، لأَنَّنَا كَلَّمْنَا الْمَلِكَ قَائِلِينَ: "إِنَّ يَدَ إِلهِنَا عَلَى كُلِّ طَالِبِيهِ لِلْخَيْرِ، فَصُمْنَا وَطَلَبْنَا ذلِكَ مِنْ إِلهِنَا فَاسْتَجَابَ لَنَا. (عزرا 8: 21-23). وَأَجَابَ شَكَنْيَا بْنُ يَحِيئِيلَ مِنْ بَنِي عِيلاَمَ وَقَالَ لِعَزْرَا: «إِنَّنَا قَدْ خُنَّا إِلهَنَا وَاتَّخَذْنَا نِسَاءً غَرِيبَةً مِنْ شُعُوبِ الأَرْضِ. فَلْنَقْطَعِ الآنَ عَهْدًا مَعَ إِلهِنَا أَنْ نُخْرِجَ كُلَّ النِّسَاءِ وَالَّذِينَ وُلِدُوا مِنْهُنَّ، وَالَّذِينَ يَخْشَوْنَ وَصِيَّةَ إِلهِنَا، وفي اليوم الأوّل من الشّهر السّابع (تشرين الأوّل) قرأ عزرا ومساعدوه على مسمع من بني إسرائيل كامل التّوراة من الصّباح وحتّى منتصف النّهار، وعزّز تعلّم التوراة في الحقبة الجديدة من التاريخ اليهودي التي بدأت ببناء بيت المقدس الثّاني، ووضع الأسس لبقاء الشعب اليهودي من خلال دراستهم للتوراة والتمسك بتعاليمها ووصاياها بشكل منظّم. مكانة عزرا في الدّيانة اليهوديّة: في النظرة الربانيّة يُعتبر عزرا مساويًا لموسى كونه كان وسيلةً لنقل التّوراة، وإذ أنّ اليهود كانوا مقبلين على الاستماع لشريعتهم معلنين ولاءهم لها فقد اعتبروا عزرا زعيمًا لهم حتّى أولئك المتأخّرين عنه فهو بحسبهم كان مؤسّس نظم اليهوديّة المتأخّرة التي وُضعت في القرن الخامس ق. م وقد لقّبوه بالكاهن والكاتب إذ فسّر وصايا الله وعهده لبني إسرائيل تفسرًا عميقًا، وكان أوّل كاتب بهذا المعنى وتوالى الكتّاب بعده وما يقوم به الربّانيّون اليوم هو ما قام به الكتّاب في تلك الحقبة، كما يعتقد اليهود أنّه هو من جمع أسفار الكتاب المقدّس ونظّمها وحمل الأحرف الآراميّة مربّعة الشّكل إلى فلسطين المعروفة بالخطّ الآشوري والتي مهّدت لنشوء الأبجديّة العبرانيّة الحاليّة. من آثاره في الدّيانة اليهوديّة: 1- كتب أسفار عزرا، نحميا، أمّا سفر عزرا فتم تأليفه بين عامي 460 - 440 ق. وفيه سجلّات أنساب واسعة هدفها إقرار حقّ الكهنوت لنسل هارون. ولغة السَفر في الأصل خليط بين الأرامية والعبرانيّة وقد سهّل إنشاء الكنيست عمليّة الانتقال من عصر الأنبياء الذي كان قد شارف على نهايته إلى عصر الحاخامات وبذلك ضمن بقاء الشّعب اليهودي في وقت حسّاس وحاسم جدًّا من تاريخه. فقد أدرك أعضاء الكنيست الذي ترأسه عزرا حاجة حلول قوّة روحيّة جديدة مكان النبوّة في ذلك العصر الجديد فاهتموا اهتمامًا بالغًا بالتّوراة ودراستها وفهمها وبدأ عصر حكمة توراتيّة توسعيّة خلال حقبة بيت المقدس الثاني أثرت على الكثير من بني إسرائيل وأسفرت عن نشر معرفة التوراة وشريعة الله بينهم. التي شهدت بروز التأكيد على تعلم التوراة بطريقة أكثر تركيزا وأوسع نطاقاً. ومن الإجراءات التي اتخذها الكنيست ولا زال أثرها لليوم كذلك: إنشاء الكتاب المقدس اليهودي الكنسي في شكله الحالي والذي يتضمن ٢٤ كتابا. تزامن التقويم القمري اليهودي مع التقويم الشمسي لضمان وقوع عيد الفصح في الرّبيع كما أمر الله في التوراة،