هو الذي يصوغ علاقاته الشعورية، ويسلك به وجهة في الحياة دون أخرى. وأكثر ما يؤثر فيه من هذين ما يساوق استعداده النفسي، فلمأجـد بقـدرالكـدتكتسب المعـالي سأحمل روحـي عـلى راحـتي فإما حـياة تـسر الصـديـق لا تحسب اد تمرا أنت آكله إذا غامرت في شـرف مروم والسلبي تعجبه المأثورات الدالة على القناعة، وأحبه إليه هذه الأبيات: دع الأيام تفـعـل مـا تـشـاء وإن ضاق رزق اليوم فاصبر إلى غد دع المقادير تجــري في أعنـتها يغـير االله من حـال إلى حـال وما يشاكلها من المسليات التي تطيب خاطره، والمرء الذي يركن إلى التكيف مع كل واقع تعجبه المأثورات الشعبية التي تدل على ذلك، والكريم الأ ِنف الذي يأبى الضيم، ولا يقبل أنصاف الحلول تعجبه المأثورات الدالة على أن النفع وطب نفسا إذا نـزل القـضاء عسى نكبات الدهر عنك تزول ولا تبيـتن إلا خــالي َ الـبال ما بين غمـضة عـين وانتباهتها 166 )1( ذيبالأخلاق، وأن مرارة العواقب ما ينبغي أن تحمل على إتيان ما ينال منها؛ ويكون ما وعى من تلك المأثورات مثبتا له على قراره، ويصنع علاقته بما يعدل عنه وما يعدل إليه. إن ق َدر على تجاوز كثير منها، بعد أن يعيد صياغة نفسه، إما بالنقلة إلى مجتمع جديد، وإما بالقراءة التي تستنبت في عقله وشعوره ثقافة غير ثقافته، نبتت معهما كانتزاع الروح من البدن: فيه غير قليل من المشقة، وإن تفاوت الناس فيه كما يتفاوتون في شدة سكرات الموت، وقد فطن سيدنا عمر -  - إلى ما تصنع ثقافة المأثورات في العقول، وبتشبيب القلوب صقلها وتقويتها واستثارا. وقال أحد ملوك بني أمية لمؤدب أولاده: "روهم الشعر، فقد كان الشعر في زمان عمر وزمان بني أمية، فمن رواه اكتسب منه ثقافة، تقوده إلى اد والنجدة، وانظر - إن شئت دليلا لذلك- إلى قول الأحيمر السعدي، مفضلا أن يسرق على أن يسأل أو يقعد في بطالة؛ فيما كـان يأخذ به نفسه من الغزو والغارات: أق ِّليعلياللـوم، فإنلمتشتهيالنومفاسـهري ذريني ونفسي، تستعين به النساء في قضاء حاجان؛ إذ ليست له همة تتصرف به في بلوغ ما هو خير مما رضي لنفسه، ليأخذ ما يرمى به من الأسقاط، ويعد أغنى لياليه الليلة التي يدعوه فيها صديق موسر إلى طعام. فهم يتطلعون إلى غارته تط ُّلع أهل المسافر إلى أوبته. أما الأول فيقبحه ويصوره صورة تنفر منها النفس، ومباينة أخلاق الرجولة، لأا تدعوه إلى أن يكون على حال، وهو إنما يريد أن يكون مثل الثاني الذي صوره صورة تحببه إلى النفس. يترتب عليها قبول فعله أو رفضه، فمن ثم كان حرص الشعوب على الآداب وتخليدها؛ لأا وسيلتها إلى صياغة شعور الناشئة وعقولها، وكان عمر -  - يقف بالمرصاد للمأثورات التي تستنبت الكسل والتواكل، أو يمكن أن يفهم منها ما يكون سببا فيهما، فقد وجد مرة أبا هريرة -  - يحدث بحديث من أحاديث المبشرات، فدفعه في صدره حتى سقط على قفاه، وقال له: "دع الناس يعملون". وروى أبو بكر -  - قال: قال لي رسول االله - -: "اخرج فناد في الناس: "من شهد أن لا إله إلا االله وأني رسول االله وجبت له الجنة"، فقال عمر: "ارجع إلى رسول االله - - فقل له: "دع الناس يعملون؛ فإني أخاف أن يتكلوا عليها"، فرجعت إلى رسول االله - -، فلما قل َّ نظراء عمر في الفقه، على وجه ترتب عليه الكسل والتواكل، والإعراض عن عمارة الأرض، وكان أكثر الشعوب تقبلا لهذا الفهم الشعوب التي هي أميل إلى الكسل والسلبية، وأقرب بطبعها إلى الزهد غير الإيجابي. وتفكير كتفكير العجائز، تستنبتها في شعورنا وعقولنا مأثورات ومعارف جديدة، وأكثر ما يعين على ذلك قرءاة نتاج الشعوب في طور الفتوة والإقبال، فلا تزيد إلا خبالا، وإن كانت أقرب إلى قلوب الشعوب الكسلة؛ لأا تعفيها من العمل الذي تشنؤه،