للعلوم والمعارف أثر أي أثر فى رقي الأمم، وكان العلم والتعليم عند العرب شيئًا غير مألوف، ومن يعرف القراءة والكتابة منهم أقل من أن يُذكر؛ فكانوا حقًا أمة أمية لا تقرأ ولا تكتب حتى جاء الإسلام، وحث على العلم والتعلم فأخذوا منهما بحظ غير منزور. وغاية ما كانوا عليه من معرفة هو ما دعت إليه الضرورة من مثل أمراض الإبل التي كانت عونًا لهم فى حياتهم، ومن غزل الصوف والوبر الذي كانوا يصنعون منه ملابسهم وخيامهم، ومن معرفة بعض الأمراض التي كان يتعرض لها سكان الصحاري، وكان الكي بالنار هو الدواء الغالب عندهم. وكان لهم معرفة بأوقات مطالع النجوم ومغاربها وعلم بأنواء الكواكب وأمطارها؛ يعرفون العارض الممطر من العقيم على حسب ما أدركوه بفرط العناية، وطول التجربة لاحتياجهم إلى معرفة ذلك فى أسباب المعيشة لا على طريق تعليم الحقائق، ولا على طريق التدريب فى العلوم وكانوا يجيدون علم القيافة والفراسة والريافة، ولهم فى ذلك شأن واضح وأخبار فى غاية الغرابة. ومن هذا العرض الموجز يتبين لنا أن العلوم والمعارف لم يكن لها عند العرب فى جاهليتهم شأن يمتد به.