1) لم تظهر المصادر الأدبية واللغوية في التراث العربي فجأة، بل مرت - شأن الثقافة بعامة بمراحل وأطوار من الإعداد والتمهيد، وهي مراحل الرواية والجمع والتدوين للمعارف المختلفة، متأثرة في الوقت نفسه بمراحل تطور وسيلة التدوين نفسها، وبالأدوات اللازمة للكتابة، فمن البديهي أن غياب الورق يحد من حجم الكتابة والتدوين، وأن عدم معرفة الكتابة من شأنه أن ينشط حركة الرواية، حيث يستعين الإنسان بقوته الحافظة في اختزان المعلومات واسترجاعها عندما يقتضى الأمر، فإذا توافرت المعرفة بالكتابة وتوافرت وسائلها كان التدوين ثم التأليف. وتجمع الدراسات الحديثة على أن العرب قد عرفوا الكتابة منذ العصر الجاهلي، بخاصة في مراكز التحضر المختلفة آنذاك، في الشمال الشرقي لشبه جزيرة العرب، وفي الحجاز أيضاً في مكة والمدينة فيقال إنه عند مجيء الإسلام كان في مكة سبعة عشر كاتباً، وإن كان المظنون أن عددهم في هاتين المدينتين كان أكبر من ذلك . بل إن الكتابة سربت في ذلك العصر هوناً ما إلى بعض القبائل في البوادي، فقد كان أكثم بن يفي حكيم قبيلة تميم - يعرف الكتابة ). وكذلك كان الشاعر الجاهلي المسمى بالمرقش الأكبر يعرفها). وحين نزل القرآن الكريم دعا العرب إلى ضرورة استخدام بما يعرفونه ويقدرونه. الكتابة في بعض المعاملات ان ها ادرات و انداي يدي إلى أجل مس ال نا عَلَمَهُ الله ) . هذا فضية عن قسمه في أكثر من آية بالكتابة وأدواتها ن القم وَمَا تَطْرُونَ ) ( وَالغُور وك منظور فِي رَةٍ منشور ) .