بعدم وجود تعريف محدد ومتفق عليه من قبل الباحثين والمختصين في علم السياسة بشكل عام، وفي حقل العلاقات الدولية بشكل خاص، على الرغم من المحاولات العديدة والمبذولة من طرف المهتمين بموضوع السياسة الخارجية للتعريف بها، إضافة إلى ما تأخذه هذه الظاهرة من تشعبات وأنماط وتعدد تجلياتها من وحدة دولية إلى أخرى، ويمكن ملاحظة ذلك من خلال محاولة عرض مجموعة التعاريف المتداولة للسياسة الخارجية، التي عرفتها بتعاريف متعددة ومختلفة تعكس رؤية كل صاحب تعريف ومدرسته الفكرية ونظرته للسياسة الخارجية، وعليه أمكن لنا من خلال الاطلاع على مجمل تعاريف السياسة الخارجية، تقديم تعريف إجرائي للسياسة الخارجية على أنها “عبارة عن مجموعة الأفعال وردود الأفعال التي تقوم بها الوحدة الدولية في البيئة الخارجية بمستوياتها المختلفة سعياً لتحقيق أهدافها والتكيف مع متغيرات هذه البيئية”، ونلاحظ أن هذا التعريف يشتمل على أنماط السلوك الخارجي المختلفة التي يمكن أن تمارسها الوحدة الدولية من خلال سياستها الخارجية كما أننا نفرق في هذا التعريف بين المستويات المختلفة للبيئة الدولية، والتي عادة ما تشتمل على كثير من المتغيرات التي يتعين على صناع السياسة الخارجية اخذها في الاعتبار عند وضع هذه السياسة. وعليه فإن السياسة الخارجية ما هي إلا الخطة العلنية التي تحكم عمل الدولة مع العالم الخارجي وبما تملكه من مبدأ السيادة والإمكانيات المادية، وهي ليست مقتصرة على الدول بل تشمل الفواعل الأخرى من غير الدول بما تملكه من شخصية اعتبارية لها سياستها الخارجية الخاصة. خصائص السياسة الخارجية: الطابع الاختياري. الطابع الهادف. المفاهيم المرتبطة بالسياسة الخارجية: علاقة السياسة الخارجية بالسياسة الدولية والعلاقات الدولية: فإنه يتبين أن مفهوم السياسة الدولية يشير إلى الجوانب السياسية للعلاقات بين الدول، فالسياسة الخارجية حينما تخرج وراء حدود الدولة فإنها تلتقي بغيرها من السياسات للدول الأخرى، وهي تسعى للبحث عن إنجاز أهدافها وقيمها، والتفاعل الناجم عن ذلك يطلق عليه مصطلح السياسة الدولية ومن خلال هذا التعريف يتبين لنا بأن السياسة الدولية أشمل وأوسع من السياسة الخارجية، فالسياسة الدولية معنية بالتفاعلات التي تحدث بين مختلف وحدات ومكونات المجتمع الدولي، بالإضافة إلى شمولها فواعل من غير الدول، بينما السياسة الخارجية تعنى بالأفعال وردود الأفعال الناتجة عنها، وبذلك تشمل السياسة الدولية مجمل التفاعلات السياسية الدولية، غير أن التفاعلات التي تجري على الصعيد الدولي ليست سياسية فقط، إنما هناك أيضاً تفاعلات تشمل الجوانب الاقتصادية والعسكرية والاجتماعية والثقافية وغيرها من أنواع التفاعلات التي تكون في مجملها ظاهرة العلاقات الدولية[4]، حيث تعرف الأخيرة بأنها ذلك العلم الذي يدرس العلاقات بين الدول ، من خلال العلاقات الدبلوماسية والاستراتيجية، ومن هنا يصبح واضحاً أن ظاهرة السياسة الدولية هي جزء من العلاقات الدولية، لكن لا تقتصر العلاقات الدولية على مجرد المجموع الكمي للسياسة الخارجية للدول المتفاعلة، كما أن السياسة الخارجية تحصر داخل إقليم الدولة لتحقيق أهداف خارجية محددة، وعادة ما يكون صانع القرار على علم واطلاع بمختلف بدائلها واختياراتها، أما العلاقات الدولية فهي تقع خارج إقليم الدولة ولتحقيق أهداف عامة وشاملة، شركات متعددة الجنسيات، أفراد…. الخ)، وهذه الأطراف مجتمعة تفرز متغيرات وظواهر دولية تخرج عن نطاق سيطرة الدولة واهتماماتها القومية، كما يمكن القول أن علم العلاقات الدولية يعني بما هو كائن وفقاً للمنظور الواقعي أما السياسة الخارجية فتعنى بما يجب أن يكون وفقاً للمنظور المثالي. علاقة السياسة الخارجية بالاستراتيجية والدبلوماسية: إذ تعتمد الأولى على الإقناع بينما ينطوي عمل الثانية على استخدام وسائل اخرى قد تكون عسكرية، وكلاهما يسعى لتحقيق أهداف السياسة الخارجية بأقل تكلفة ممكنة. ومن الثابت أن الدبلوماسية هي الأداة الأولى في السياسة الخارجية للدول لا سيما في وقت السلم، واستخدام المعارك للوصول إلى الهدف السياسي[8]، أما الثانية فهي تهتم بكيفية عمله، السياسة الخارجية والسياسة الداخلية: يقصد بالسياسة الداخلية في أي دولة مجموعة من المتغيرات والقوى الداخلية التي تؤثر في سلوكية السياسة الخارجية كالنظام وطبيعة الحكم فيها ودور الأحزاب السياسية وجماعات الضغط. وبالتالي عندما تكون هذه الأخيرة مستقرة ومنسجمة فإن ذلك ينعكس مباشرة على استقرار وانسجام السياسة الخارجية، ثم أن وضعية النظام الدولي تؤثر بشكل مباشر على الوضع الداخلي إما سلبياً أو إيجابياً،