وبالمقابل ازدهر شعر المدح بفعل ازدهار الحياة الاقتصادية وتطور الحياة الاجتماعية، فأقبل الشعراء يمجدون الخلافة وأصحاب السلطة، أما الغزل فقد مال أصحابه إلى التهتك والإكثار من الإباحية والفحش في الألفاظ وكثر الشعراء الماجنين في العصر العباسي، كالبحتري وأبي تمام وابن الرومي وأبي فراس الحمداني، فكل هؤلاء جاء غزلهم صادرة عن وجدان صحيح فيه الصدق والبراءة والمحافظة على آداب الشعر العربي، أما الفخر فقد تحوّل فيه إلى العصبية العنصرية أو القومية، وكل هذه المواضيع كانت معروفة في العصور السابقة وساعد الشعراء العباسيون على قوتها، كما ساعدت البيئة العباسية على ازدهار فنون جديدة كانت من قبل غير معروفة أو ضعيفة، ومن تلك الفنون شعر المجون نتيجة الزندقة وتفشي الفساد، وشعر الخمر الذي ارتقى على يد أبي نواس، وساعد في انتشاره الثقافة التي تيسرت للعباسيين فعمقت من تجربتهم، وبعد أبي نواس استمرت الخمريات فنا شعريا راقيا اشتهر فيه ابن المعتز ومعز الدولة البويهي والغرائي وسواهم. ومن الفنون الشعرية التي حافظت على رواجها وتطورت في العصر العباسي فن الوصف التي شمل الطبيعة المطبوعة والطبيعية المصنوعة،