المبحث الثاني : تجريم التعذيب في الإطار الدولي يعتبر الاعلان العالمي لحقوق الانسان الصادر عام 1948م من اهم المواثيق الدولية المناهضة و المجرمة لممارسة التعذيب حيث نص على أنه : لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب ولا للمعاملة اللاإنسانية ، و تنص المادة 07 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لعام 1996م على أنه لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب". لكن هذه المواثيق كلها لم تحدد تعريفا دقيقا للتعذيب سوى الاكتفاء بتجريمه لكن في القانون الدولي الجنائي فقد أورد النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية تعريفا للتعذيب لكن ليس كجريمة مستقلة بل في سياق الجرائم ضد الإنسانية أو جرائم الحرب. والمبادئ العامة للقانون الدولي المعترف بها من جانب الأمم المتمدنة مثل هذه المبادئ قد تمت ترجمتها عمليا عن طريق مسلك الهيئات الدولية على مستوى القانون الدولي ، على المستوى الدولي نجد أنه تم تجريم التعذيب في المواثيق الدولية مثل: الإعلان العالمي لحقوق الإنسان العهدين الدوليين للحقوق المدنية والسياسية، اتفاقية مناهضة التعذيب. المطلب الأول : تجريم التعذيب في القانون الدولي الإنساني لقد عملت مختلف اجهزة و انظمة المجتمع الدولي والأمم المتحدة لضمان الحماية لمختلف الأشخاص هذا لحمايتهم من التعرض للتعذيب وغيره من مختلف المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة ، حيث وردت جريمة التعذيب في العديد من المواثيق الدولية . وقد أحصى الدكتور شريف بسيوني خمسا وأربعين وثيقة دولية قابلة للتطبيق على التعذيب في سياق القانون الدولي بمختلف فروعه. فكل من القانون الدولي العرفي الذي يعد من فروع القانون الدولي اهتم بتجريم التعذيب، و كذا القانون الدولي لحقوق الإنسان و القانون الدولى الإنساني والقانون الدولي الجنائي سنحاول هنا أخذ نبذة عن جريمة التعذيب في القانون الدولي العرفي والذي هو أساس القانون الدولي العام ثم سنتطرق إلى الاتفاقيات الدولية التي اهتمت بجريمة التعذيب كما يلي: الفرع الأول: تجريم التعذيب في إطار الاتفاقيات الدولية الخاصة بالقانون الدولي لحقوق الانسان: ونص أيضا العهد الدولي الخاص بالحقوق والثقافية لسنة 1966م على أنه لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب. و تعتبر جميع الدول الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بمثابة قانون سامي ترجع اليه كسند لقوانينها ، و من بين ابرز المعاهدات الدولية العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لعام 1966م حول حقوق الإنسان المدنية والسياسية . المادة 09 خاصة بالحق في حرية الشخص وأمنه المادة 10 خاصة بحق الأشخاص المحرومين من حريتهم في أن يعاملوا معاملة إنسانية واحترام كرامتهم الإنسانية. بأعضاء في فئة أو فئات عنصرية ، إلا أن بعضا من نصوصها تشير بوضوح إلى مجموعة من المبادئ ذات الصلة بهذه الجريمة ، وبذلك فإن هذه الاتفاقيات تعتبر الاتفاقية الرائدة في مجال خلق قواعد قانونية في هذا الشأن ، الأمر الذي جعل منها حجر الأساس في خلق قواعد القانون الدولي الإنساني . و تعتبر اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949م التي تحظر التعذيب صراحة كأحد الانتهاكات أو المخالفات الجسيمة ، وكانتهاك للمادة الثالثة المشتركة بينها بحيث جاء ذكر هذه المخالفات البسيطة ضمن نص المادة 147 من الاتفاقية الرابعة الخاصة بحماية السكان المدنيين أثناء العمليات الحربية، ومن بين هذه المخالفات " التعذيب أو المعاملة اللاإنسانية" . وإنما أشارت المادة 6 فقرة "ج" إلى كل . الأفعال غير الإنسانية الموجهة ضد أي تجمع مدني. والاحتجاز لفترات طويلة دون معرفة السبب أو إبلاغ الأهل ، بل وقد ينتج عن طريق إلحاق الأذى العقلي والمعنوي لها . حتى وإن لم تسبب الألم البدني أو العقلي ولا يشمل مفهوم التعذيب الألم البدني أو العقلي أو المعاناة التي تلازم أو تكون من آثار الإجراءات القارية لشرط ألا تشمل ارتكاب أعمال أو استعمال وسائل مشار إليها في هذه المادة ) وهو يختلف عن التعريف الوارد في اتفاقية مناهضة التعذيب في الأغراض المحددة المذكورة آنفا، ويجب أن يعامل جميع الأشخاص المحرومين من حرياتهم باحترام للكرامة المتأصلة و قد انضمت خلال سنة 2002 م ، اذ وعلى الرغم من إن هذه الاتفاقية لم تنص على تعريف واضح للتعذيب، في تجريم ومقاومة التعذيب والمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة، أو من أفعال لم تحظر كتعذيب أو سوء معاملة، أو أفعال تم حظرها . وقد نتج عن اهتمام هذا التنظيم الإقليمي بحقوق الإنسان في إصدار الاتفاقية الأوروبية لمنع التعذيب وغيره من المعاملات غير الإنسانية المرتكزة على المادة الثالثة من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان التي حرصت على معالجة ظاهرة التعذيب من جميع الوجوه والقضاء عليها نهائيا مستحدثة آلية تنفيذية رقابية تهدف إلى حماية الأشخاص المسلوبة حرياتهم من التعذيب وغيره من المعاملات المحرمة، لقد تم اصباغ جريمة التعذيب وفقا للاتفاقية الأوروبية بالتجريم المطلق ، فعلى الدول الأطراف واجبان، وكل مساس بأحكام الاتفاقية يتيح للأفراد اللجوء بشكاويهم إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ان منظمة الوحدة الإفريقية تعتبر من اخر المواثيق الدولية و التي سايرت الجهود الدولية المبذولة في مجال مكافحة جريمة التعذيب، بحيث حرم الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب التعذيب محرما بذلك كل ممارسات القاسية و المهينة، و كل شكل من أشكال الممارسات التي تمثل انتهاكا لكرامة الإنسان، بما في ذلك تحريم المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة منتهجا بذلك المنهج الذي سارت عليه جميع المواثيق الدولية ، وحظر كافة أشكال استغلاله وامتهانه واستبعاده،