أولًا: علاقة الإنسان بنفسه: دعا القرآن الكريم الإنسان إلى الارتقاء بذاته وتنميتها، - حضه على تزكية نفسه: وذلك بتطهيرها وتنقيتها من الصفات الذميمة، وتحليتها بالأخلاق الحميدة، منها قوله تعالى: ﴿أَفَلَا ‌تَعْقِلُونَ﴾؛ وقوله سبحانه: ﴿‌أَفَلَا ‌يَعْقِلُونَ﴾ [يس: 68]، وقوله تبارك اسمه: ﴿أَوَلَمْ ‌يَتَفَكَّرُوا﴾ [الأعراف: 184] و [الروم: 8]، - حثه على تنمية فكره: وذلك بتعلم العلوم المفيدة، - توجيهه للتزود بالحكمة: وتعني وضع الشيء في موضعه، وجعل سبحانه تعليم الناس الحكمة من أعظم المهام الرسالية لنبيه ﷺ، قال عز وجل عنه: ﴿وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ﴾ [آل عمران: 164]. ثانيًا: صلة الإنسان بربه: فقد تضمن القرآن الكريم مجموعة من المبادئ التي تؤسس لعلاقة الإنسان بخالقه جل جلاله، - حسن الظن به تعالى: وهو الثقة بسعة رحمة الله تعالى، وقد قص علينا القرآن الكريم موقف النبي ﷺ مع صاحبه أبي بكر في الغار مثنيًا على حسن ظنه بربه وشدة يقينه به، - مراقبته جل جلاله: وذلك بأن يستحضر المرء علم الله به واطلاعه على أفعاله وتصرفاته؛ وقال جل جلاله: ﴿وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ ‌أَوِ ‌اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾ [الملك: 13]. قال سبحانه: ﴿اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَعَلَى اللَّهِ ‌فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾ [التغابن: 13]، وقال سبحانه: ﴿فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ ‌يُحِبُّ ‌الْمُتَوَكِّلِينَ﴾ [آل عمران: 159]. - عبادته جل في علاه: وذلك بأداء ما افترض عليه، والتقرب إليه بما رغبه فيه وحثه عليه، قال تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا ‌لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات: 56]، وقال جل جلاله: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ ‌اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة: 21]، ومن العبادات التي افترضها الله على عباده وجعلها أركانًا لدينه بعد الشهادتين: إقامة الصلاة، وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلًا، وجعل سبحانه من جنس هذه الفرائض نوافل يتقرب به المؤمن إلى ربه، ثالثًا: علاقة الإنسان بغيره: فقد اشتمل القرآن الكريم على منظومة متكاملة من الأخلاق، - الصدق: قال الله سبحانه: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾ [التوبة: 119]، والصدق يكون في الأقوال فلا يقول صاحبه إلا حقًّا، وفي الأفعال فيتقن عمله مبتعدًا عن الغش والخداع. قال تعالى: ﴿وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ ‌مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا﴾ [الإسراء: 37]، وقال جل جلاله: ﴿وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ ‌مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ﴾ [لقمان: 18]، أي: يمشون على الأرض حلماء متواضعين، قال سبحانه: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ [الحجرات: 13]. وبه تتضافر الجهود، - الإحسان إلى الناس: وهو بذل الخير والمعروف لهم، قال تعالى: ﴿‌وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ [البقرة: 195]، وقال سبحانه: ﴿وَبِالْوَالِدَيْنِ ‌إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا﴾ [النساء: 36]. وأمره باستدامة خيراتها؛ وذلك بـ: - ترشيد استعمال مواردها، قال تعالى: ﴿وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا ‌يُحِبُّ ‌الْمُسْرِفِينَ﴾ [الأعراف: 31]، وقال سبحانه: ﴿وَلَا ‌تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا﴾ [الإسراء: 26-27].