اللغة Languge: تعتبر اللغة أحد أهم العناصر البشرية في دراسة الجغرافيا السياسية، فاللغة تلعب دوراً كبيراً فى توحيد الشعوب، كما أنها من أهم الروابط المعنوية فهى وسيلة التعبير وواسطة التفاهم ونقل الأفكار، وقد اختلف الباحثون القدامى والمحدثون فى تعريف اللغة وتحديد مفهومها، واتفقوا على تعريف اللغة على أنها " قدرة ذهنية مكتسبة يمثلها نسق من رموز منطوقة يتواصل بها أفراد مجتمع ما "، واللغة هي أداة الإنسان للتواصل والتخاطب مع الآخرين والتفاهم وتبادل الأفكار والآراء والمشاعر معهم، وطريقة إلى فهمهم وتحسس أذواقهم ومعرفة مذاهبهم ووسائل التأثير فيهم وإيجاد العلاقات وبناء الروابط وتحقيق سبل التعاون والتكافل، كما أنها وسيلته للتعبير عن حاجاته ورغباته وأحاسيسه ومواقفه، ولا تقتصر وظيفة اللغة على إمداد الفرد بالأفكار والمعلومات ونقل الأحاسيس إليه، بل إنها تعمل على إثارة أفكار وانفعالات ومواقف جديدة لديه وتدفعه إلى الحركة والتفكير ، وتوحى له بما يعمل على تفتيق ذهنه وتوسيع آفاقه وتنمية قدراته الإبداعية .وتشتمل اللغة على كل ما يمكن أن يعبر به الإنسان عن فكرة أو انفعال أو موقف أو رغبة معينة، فالصورة لغة والأشكال المرسومة لغـــة والحركات الجسمانية لغة والإشارات السمعية والبصرية لغة، والألحان والنغمات الموسيقية لغة، لذلك فكل أعضاء الحواس يمكن استخدامها في إيجاد لغة، ويلاحظ أن الأفراد الذين يشتركون في لغة واحدة يتقاربون ويتعاطفون فيما بينهم مما يساعد على ترابطهم وتماسكهم في مجموعة واحدة، هذا بعكس الحال لو كان لكل مجموعة بشرية من الجماعات التي تعيش فى الدولة لغتها الخاصة، وبالتالي يمثل ذلك نقطة ضعف في الكيان السياسي للدولة، وتظهر الحاجة إلى لغة مشتركة يتواصل بها الناس ويستخدمونها في معاملاتهم التجارية بدلاً من لغاتهم الأصلية (1)، ويوجد بالعالم نحو ٢٧٩٦ لغة حية، ومن أهمها تسع لغات بحسب عدد متحدثيها وهي كالتالي: الصينية (الماندرين)، الإسبانية العربية الروسية البنغالية البرتغالية الفرنسية . ويمتاز التركيب اللغوى فى قارات العالم القديم بتعقده الشديد أما الوطنيون فيتحدثون لغاتهم الأصلية، ومعروف أن القبلية منتشرة في أفريقيا ولكل قبيلة لهجتها أو لغتها الخاصة، مما ضاعف من تعقد التركيب اللغوى فى القارة، وساعد على ذلك تأخر التعليم في الدول الأفريقية، ولا تزال المشكلة اللغوية من أعقد ما يعترض الدول الأفريقية الصاعدة لأن المستعمرين عملوا على إضعاف اللغات الوطنية ونشر لغاتهم، ولذلك ظلت كثير من الدول الأفريقية بعدما حصلت على استقلالها تتحدث لغة المستعمر لها، ومن ثم تعتبر اللغة هي نقطة الضعف في بناء القومية في الجزءالأكبر من أفريقية .ويوجد في القارة الأفريقية ما يتراوح بين ٧٥٠ - ١٠٠٠ لغة ولهجة محلية، وهذا كفيل بأن يضع عقبة خطيرة في سبيل تبلور القومية وتماسك الدول وترابط القارة، وتعمل كل الدول الأفريقية التي تعاني من هذه المشاكل على دعم اللغة الرسمية، ولن تحل هذه المشكلة إلا بعد نشر التعليم وعلى نطاق واسع باللغة الرسمية وتحويل الصحف القومية إليها،وكذا برامج الإزاعة والتلفاز (1).أما في آسيا فالتعقيد اللغوى على أشده، فالهند بها ۱۸۷ لغة دع عنك اللهجات المحلية، ومن أبرز المزايا التي خلفها الاستعمار الإنجليزي للهند، هو فرض اللغة الإنجليزية على جميع سكان مقاطعات الهند، وقد سهل ذلك كثيراً على أجهزة الدولة الحكومية عملية حكم البلاد أثناء فترة الإستعمار، وبعد الإستقلال ساهمتوحيد اللغة على التوحيد السياسي للدولة الهندية.وفي قارة أوربا نجد أن الدول التى تتحدث لغة واحدة هي ألمانيا والنمسا وبعض الدول الصغيرة، أما باقى الدول فتنتشر فيها أكثر من لغة، وتعتبر كلاً من سويسرا وبلجيكا من أعقد الدول الأوربية من الناحية اللغوية ففى سويسرا أربع لغات تتساوى كل منها في الحقوق اللغوية فسويسرا دولة ناضجة من الناحية اللغوية، وقد لعبت اللغة دوراً في زعزعة الإستقرار في بعض الدول المتقدمة، فاللغة الإسكتلندية في شمال الجزر البريطانية والمرتبطة بالقومية الأسكتلندية هي سبب المتاعب الكثيرة التي تواجهها حكومة المملكة المتحدة، حيث يوجد تعاطف كبير بين سكان اسكتلندا للغتهم إذ يدعون إلى استمرار استخدام اللغة الإسكتلندية كلغة قومية، بل وينادون بأن تستخدم اللغة الاسكتلندية أولاً ثم الإنجليزية ثانياً، ويقال نفس الشئ عن أهل ويلز ولغتهم الويلش وأيرلندا الشمالية ولغتهم الأيرلندية، وهذه كلها مشكلات بدأت باللغة أو القومية وأخذت طابعاً سياسياً فيما بعد.أما في العالم الجديد فيمتاز التوزيع اللغوى ببساطته، إذ تسود اللغات الثلاث التي أتى بها الغزاة "الإنجليزية في الشمال والإسبانية والبرتغالية في أمريكا اللاتينية، ويفصل خط الحدود السياسية بين الولايات المتحدة والمكسيك هذين القسمين اللغويين عن بعضهما، وتمتاز هذه اللغات الثلاث بقوتها في مناطق نفوذها، وعلى الرغم من ذلك تسود بعض الإستثناءات في داخل التوزيع الجغرافي للغات في العالم الجديد، ومثال ذلك تسود اللغة الفرنسية في مقاطعة كويبك بكندا لتركز المهاجرين الفرنسيين في هذه المقاطعة التي بها حركة انفصالية قوية، وبالمثل يتحدث السكان الإنجليزية والفرنسية والهولندية فى جزر الهند الغربية، إلا أن هذا التركيب اللغوى في دول العالم الجديد لا يرتبط باى نوع من