الأدب الذي يطرح أسئلة وجودية في الرواية العربية: أحمد أبو سليم نموذجًا إياد شماسنة - شاعر وروائي فلسطيني يلعب الأدب دورًا كبيرًا في معالجة الأسئلة الوجودية، حيث يتيح للقراء استكشاف مفاهيم الحياة، والمصير من خلال قصص وشخصيات تعكس الصراعات الداخلية والتوترات النفسية. مما يساعد الأفراد على فهم أنفسهم والعالم من حولهم. يعبر الأدب عن الصراعات الوجودية عبر سرد يعكس التوتر بين الإنسان وواقعه، مما يعمق فهم القارئ للأسئلة الكبرى المتعلقة بالوجود. الرواية العربية كمجال خصب للتفاعل مع القضايا الفلسفية والاجتماعية. تعد الرواية العربية مجالًا خصبًا لاستكشاف القضايا الفلسفية والاجتماعية، تأثر بالتيارات الغربية لكنه تطور في السياق العربي ليتناول القضايا الاجتماعية والسياسية. استُخدمت الرواية العربية لاستكشاف أسئلة عن الهوية والمعنى في ظل الصراعات والأنظمة القمعية، مما يجعل الأدب الوجودي وسيلة لفحص هذه القضايا من خلال الصراع النفسي للشخصيات. 1 لمحة عن أحمد أبو سليم ومسيرته الأدبية. يُعتبر الكاتب الفلسطيني أحمد أبو سليم واحدًا من أبرز الأصوات الأدبية العربية التي تطرح قضايا وجودية وفلسفية عميقة في رواياته، من خلال أعماله المتعددة مثل الحاسَّة صفر، يبرز أبو سليم كصوت فني يلتقي فيه الأدب بالفلسفة، الأسئلة الوجودية في أعمال أحمد أبو سليم يُعتبر أحمد أبو سليم من الكتاب الذين أسسوا رواياتهم على التساؤلات الوجودية التي تشغل الإنسان في عصره الحديث، تعكس أعماله بشكل لافت محاولات استنطاق الواقع من خلال طرح أسئلة وشكوك عميقة، وعلى الرغم من أن بعض رواياته تنتمي إلى بيئة فلسطينية مثل كوانتوم، وأزواد، في رواياته، تتجسد الوجودية على مستويين رئيسيين: الأول يتناول محاولات الشخصيات اكتشاف هويتها في بيئة معقدة ومليئة بالصراعات؛ على سبيل المثال، يتعرض الوعي الذاتي للاختبار في عالم مملوء بالفوضى والحروب، من خلال هذه الروايات، بل يطرح أسئلة وجودية عميقة، تحفّز القارئ على التأمل والتفكير العميق في معاني الحياة والوجود. في هذا السياق، تتجسد هذه الرمزية بشكل خاص في شخصية "سرادق"، تظل شخصية "باباس" الأكثر تأثيرًا في الرواية، في "باباس"، 2رواية "الحاسة صفر" وإشكاليات الوعي الذاتي 2012) تدور حول شخصية رئيسية تعيش في ظل الحروب والفوضى، 179). الرواية تُبرز الصراع بين الرغبة في التغيير وقيود الواقع، كاشفة عن تناقضات "التنظيم" الذي انفصل عن أهدافه الأساسية ووصل إلى حالة من "التكلس"، ما أسهم في هزيمته بنهاية الحرب، وسط إنكار جماعي للحقائق. رفض سعيد الدوري هذا الصمت، 4ذئاب منويَّة: صراع الإنسان مع الطبيعة والوجود 2012) تدور حول شخصية رئيسية تعيش في ظل الحروب والفوضى، 179). الرواية تُبرز الصراع بين الرغبة في التغيير وقيود الواقع، كاشفة عن تناقضات "التنظيم" الذي انفصل عن أهدافه الأساسية ووصل إلى حالة من "التكلس"، ما أسهم في هزيمته بنهاية الحرب، وسط إنكار جماعي للحقائق. رفض سعيد الدوري هذا الصمت، دون حلول حقيقية للتحديات التي تواجهها. 5كوانتوم: التحولات الوجودية في عالم معاصر رواية كوانتوم لأحمد أبو سليم تعالج التوترات بين الحياة والتاريخ والمكان والزمان عبر منظور فلسفي، مستلهمةً مقولة ماكس بلانك: "لا بد من تقديم تفسير نظري مهما بلغت التكلفة". تُعيد الرواية طرح الأسئلة الوجودية حول الزمان والمكان والحياة، كوانتوم لا تسرد الواقع فقط، بل تسعى إلى تحفيز القارئ للتفكير خارج الإطار التقليدي، 6. بروميثانا: الهوية والصراع الوجودي تُعد رواية بروميثانا للكاتب أحمد أبو سليم عملًا أدبيًا بالغ التعقيد، من خلال شخصية محورية تُدعى "دحدل". تجسد هذه الشخصية الصراع الوجودي مع الذات ومع العالم الخارجي، في سردية تتشابك فيها الأسئلة الفلسفية حول الحرية والمصير، ضمن إطار من التحولات المادية والاجتماعية الضاغطة. الرواية تتناول التوتر النفسي للشخصيات وهي تبحث عن الذات في عالم مضطرب، حيث يتحول هذا البحث إلى رحلة شاقة وسط واقع يبدو مغلقًا أو فارغًا من المعنى. أحمد أبو سليم يربط هذه الرحلة الفردية بتأملات أعمق حول الهوية الفلسطينية والعربية، الشخصيات مثل "دحدل" و"محتسب الجيار" إلى جانب "حسن بدوان" و"عبدالوهاب" تُظهر تنوعًا في طبيعة الصراعات النفسية والثقافية التي يواجهها الإنسان المعاصر. هذه الشخصيات ليست فقط عناصر في بناء السرد، بل هي أدوات لاستكشاف أبعاد الاضطراب الداخلي وتحديات الهوية في سياق اجتماعي وسياسي مضطرب. بل يخفيها داخل النص، حيث تصبح الرواية مساحة للتأمل والتفاعل. يبدو أن أبو سليم قد نسج نصًا يجبر القارئ على مواجهة هذا التساؤل بشكل ضمني. بأسلوبه الغني بالرمزية والعمق، إنها نص فلسفي عميق يتجاوز الحدود التقليدية للأدب، ليصبح مساحة للتفكير الحر والتفاعل الفكري. 7يس: التشابك بين الواقع والفن تُعد رواية "يس" لأحمد أبو سليم من الأعمال الأدبية التي تتعمق في العلاقة بين الواقع والفن، من خلال شخصية "يس"، يبرز الكاتب دور الفن والإبداع كوسيلة لتقديم حلول معنوية وإجابة على تساؤلات الإنسان في عالم قد يبدو فاقدًا للمعنى، أو على الأقل لا يقدم إجابات شافية. تُثير الرواية أسئلة فلسفية تتعلق بالطبيعة الإنسانية، وبقدرة الفن على منح الأمل أو تحقيق تسلية فكرية تُخرج الإنسان من دوامة المعاناة الوجودية. يجد البطل "يس" نفسه محاصرًا بمعاناته الشخصية ضمن الإطار الأوسع للتجربة الفلسطينية، حيث فقدان الأرض والهوية يمتزجان مع الحنين والألم. يتعامل أحمد أبو سليم في الرواية مع الألم الوجودي والأسئلة الفلسفية بطريقة عميقة ومتشابكة، حيث استشهد جد "يس". تُبرز الرواية بوضوح أن "يس" ليست مجرد عمل يروي الواقع الفلسطيني، بهذا، أزواد: المأساة الوجودية في الصراع الثقافي تستمد الرواية جزءًا من أحداثها من عملية "قناص وادي الحرامية"، التي نفذها الشهيد ثائر حماد ضد حامية حاجز عسكري صهيوني بين رام الله ونابلس عام 2002، كاشفة زيف السرديات الاحتلالية التي استُخدمت لتزييف التاريخ وفرض واقع جديد بقوة السلاح. تتعامل الرواية مع مفهوم المحو الثقافي والذاكرة الجمعية من خلال مشهد محو الجنود لما كتبه المختار في السجن. حين يصر المختار قائلاً: "الرواية هنا في رأسي، تعيد "أزواد" للأدب الفلسطيني دوره الجوهري في مواجهة الدعاية الصهيونية، بل أداة للمقاومة الثقافية وإعادة كتابة السرديات المغيَّبة. تجمع الرواية بين تأمل الذات الجماعية وإعادة بناء الذاكرة الفلسطينية بأسلوب أدبي عميق، بل هي دعوة لمواجهة المستقبل بعقل واعٍ وذاكرة حية، حيث يتشابك الأدب مع النضال في رسم معالم الهوية في مواجهة محاولات المحو والإلغاء. 4. تقنيات السرد في معالجة الأسئلة الوجودية مما يعكس حالة التشتت الذهني أو الوجودي للشخصيات. 2. السرد المتعدد: من خلال تعدد وجهات النظر، يستطيع الروائي إظهار تنوع الأفكار والآراء بشأن قضايا فلسفية مثل الحرية والاختيار، مما يثري القارئ في فهم الصراعات الوجودية. 3. الراوي غير الموثوق: يساهم في خلق حالة من الشك والتشكيك حول الواقع، حيث يُمكن للروائي أن يستعرض الصراعات الداخلية والتساؤلات الوجودية بشكل عميق. 5. تداخل الواقعي بالخيالي: غالبًا ما يتم دمج عناصر غير واقعية أو سريالية لتمثيل تعقيدات النفس البشرية في مواجهتها للأسئلة الوجودية، من خلال هذه التقنيات، 4.1 الرمزية والشخصيات كأدوات فلسفية (مثل شخصية "يس" في سعيه للفن والحرية). يتم استخدام الرمزية لتمثيل الأفكار المعقدة والتوجهات الفكرية، 1. الرمزية: تُعد وسيلة فعّالة للتعبير عن الأفكار الفلسفية بطرق غير مباشرة. الرمزية تُحرك القارئ للتفاعل مع النص على مستوى أعمق من مجرد الحكاية السطحية، على سبيل المثال، من خلال هذا الصراع، يُمكن للروائي استكشاف معاني الفن باعتباره تعبيرًا عن الهوية الشخصية والحرية الفردية. يمكن أن تتصارع الشخصيات بين التزامها بالمجتمع وبين رغبتها في التحرر من القيود المفروضة عليها. من خلال الجمع بين الرمزية والشخصيات الفلسفية، حيث تتداخل الرؤى الفردية مع المعاني العميقة التي يبحث عنها الإنسان في عالمه 4.2 استدعاء الذاكرة والتاريخ كوسيلة لفهم الواقع 1. الذاكرة: تعتبر الذاكرة الشخصية والتاريخية أداة أساسية لفهم الواقع المعاصر. من خلال استرجاع الذكريات، يعيد الروائي بناء العلاقات بين الشخصيات والأحداث السابقة التي لا تزال تؤثر في حياتهم الحاضرة. هذه الذاكرة يمكن أن تكون مكللة بالمعاناة، في "أزواد يس" و*"كوانتوم"*, إنه يرتبط بتفسير الإنسان لوجوده في الزمن. تحدد اختياراتهم وتواجههم بتحديات فلسفية كبيرة. يعمق الأدب الوجودي في فهم تأثيرات الماضي على الحاضر والمستقبل، موضحًا كيفية تفاعل الشخصيات مع الواقع المعاش الذي يظل مشبعًا بمسؤوليات وذكريات تراكمت عبر الزمن. في روايته بروميثانا، يستكشف أبو سليم فكرة الهوية كمسألة فلسفية عميقة، الهوية في نظر أبو سليم ليست ثابتة أو جامدة؛ 10. الصراع الداخلي: تأملات في العزلة والإنسانية في كوانتوم، يصور أبو سليم هذا الصراع بين "المفروض" و"المطلوب" كجوهر للمأساة الوجودية، 11. الأسلوب الفلسفي والسرد غير التقليدي ما يميز أسلوب أحمد أبو سليم هو قدرته على دمج الفلسفة مع السرد الأدبي غير التقليدي. يستخدم أبو سليم تقنيات سردية متقدمة لتعميق التجربة القرائية، مثل التنقل بين الأزمنة والأماكن، مما يخلق تجربة قراءة غنية ومليئة بالتحديات الفكرية 7. الخاتمة أحمد أبو سليم هو روائي بارز يدمج القضايا الفلسفية مع هموم الواقع في أعماله. من خلال رواياته مثل "بروميثانا" و*"أزواد يس"*, يستكشف أسئلة فلسفية حول الحرية والوجود والمعنى، مستعرضة صراعات الشخصيات بين الأمل والخيبة في عالم مليء بالتحديات. هكذا، يعكس أبو سليم التفاعل بين الفلسفة والواقع في سرديته بمهارة. الحرية والقدر، يمكننا فتح آفاق جديدة لفهم الذات والواقع. ندعو إلى الاستمرار في استكشاف هذا الأدب بعين ناقدة وفضول مفتوح نحو التفاعل مع الأسئلة الكبرى التي تطرحها الروايات العربية المعاصرة. أحمد أبو سليم هو واحد من أبرز الكتاب الذين استطاعوا أن يطرحوا القضايا الوجودية والتاريخية والفلسفية في الأدب العربي، بل من خلال البحث عن معنى للوجود العربي المعاصر.