شكل اتساع استخدام الطائرات المسيرة بدون طيار (Unmanned Aircraft System UAS) في الحروب والنزاعات الدائرة في الشرق الاوسط نقطة تحول لافتة في استراتيجيات الحرب الحديثة بصورة عامة والحرب الجوية بصورة خاصة . ومن يملك ناصية هذه التقنية فلا شكّ أنه سيكون هو المُسيطر على أجواء المعركة ومسار الحرب . حيث إنّ العمل على تصنيع أو تجميع الطائرات بلا طيّار أو شرائها لا يُكلِّف كثيرًا من المال، ففي الوقت الذي يُكلِّف شراء طائرة حربيّة تقليديّة عشرات الملايين من الدولارات. ولما كان مستوى التطوّر التكنولوجي في المجال العسكري سيُستخدم في المستقبل المنظور كمعيار لتحديد حجم القوّة العسكريّة التي تملكها الدولة. فإنّ التمييز بين الدول لن يتمّ على أساس عديد أفراد الجيش، بل على أساس مدى التقدّم أو التخلّف في تصنيع نوع جديد من الأسلحة التي من ضمنها الطائرات بلا طيّار. على أن التكنولوجيا الحديثة إستطاعت أن تُفرز عاملاً جديدًا في تغيير مواقع الدول في سلّم القوى الدوليّة، هو عامل الطائرات بلا طيّار الذي من شأنه قلب الآية والسماح لدولة مزدهرة فيها صناعة الطائرات بلا طيّار باحتلال مركز دولي مرموق والتأثير في النظام الدولي من دون أن تكون مُتفوِّقة عسكريًا بمعايير الدول الكُبرى أو مصافِها. ويستطرد مايكل نايتس في تحليله قائلا” : ثمة دلالات على البراعة في “تصميم الهجوم بالأسلحة”، ” ومن المفيد هنا الاشارة الى ان تصميم مسارات تقرب وهجوم الطائرات المسيرة بدون طيار ، وقد نجم عن هذا الهجوم المنسق ضرب ما لا يقل عن (18) موقع في منشأة بقيق، ويعتقد أن قدرات التصليح ومعالجة الاضرار السعودية قد تمتد إلى أربعة أو ستة أشهر أو حتى اثني عشر شهراً، ومن الجدير بالذكر أنه لم يتم ضرب أي قطاع للطاقة بمثل هذه القوة منذ القصف الدقيق الذي قام به التحالف الأمريكي على العراق عام 1991. واليوم فان ( 86 ) بلدا بات يمتلك تكنولوجيا الطائرات بلا طيار ذات الاستخدام التجاري او العسكري. بالإضافة لاستخدام الطائرات بلا طيار لأغراض متعددة مثل مكافحة الحرائق ومراقبة خطوط الأنابيب وفي المهام الصعبة والخطرة وفي حالات الكوارث الطبيعية. وبسبب هذه الاستعمالات المتعددة لها فمن المتوقع أن تصل قيمة سوق الطائرات بدون طيار لأغراض استهلاكية إلى خمسة مليارات دولار بحلول عام 2021. وفي طليعتها الولايات المتحدة الأميركية التي عدّتها سبيلاً إلى «الحرب الشاملة على الإرهاب» واليوم تصنف الطائرة بلا طيّار كطائرة مُتعدِّدة المهام في العمليات العسكرية الحاليّة والمستقبليّة ، وتتميَّز الطائرات بلا طيّار العسكريّة بعدّة خصائص، وضع تقارير متواصلة عن الأحوال الجويّة فوق مسرح العمليّات العسكريّة. التحكم الجوي الأمامي الذي يُمكِّن الطائرة بلا طيّار من القيام بثلاث مهمّات أساسيّة (العزل الجوي، وإنذار القوات العسكريّة بشكل مُسبق للتعامل معها. قيادة عمليات المقاتلات الاعتراضيّة وتوجيهها. عمليات الإنقاذ والاستطلاع البحري توفير المعلومات اللازمة لمراكز العمليات العسكريّة والقوات البريّة في الشرق الأوسط يتم تشغيل الطائرات بدون طيار من قبل العديد من الجهات الحكومية وغير الحكومية. وقد استُخدمت الطائرات التجارية الصغيرة على وجه التحديد بكثافةٍ وبتأثيرٍ عالٍ في النزاعات التي تدور حالياً في كل من سوريا والعراق وغزة واليمن. ونظراً إلى تسارع وتيرة استخدام الطائرات الصغيرة المسيّرة في النزاعات الدائرة في مختلف أنحاء العالم ولا سيما بين الجماعات غير التابعة لسلطة الدولة والتنظيمات الإرهابية، فقد لقيت مؤخراً تكنولوجيا الأنظمة الجوية المضادة للطائرات بدون طيار أو المضادة للطائرات المسيّرة – أي الأجهزة المستخدمة للكشف عن تلك الطائرات و/أو اعتراضها – اهتماماً ملحوظاً حتى أصبحت اليوم معتمدة على نطاق واسع. فعلى الرغم من إمكانية التصدي للطائرات الكبيرة بدون طيار بواسطة التقنيات التقليدية المضادة للطائرات، إلا أن التصدي للطائرات الصغيرة المسيّرة ينطوي على تحديات متعددة. وهي غير قابلة للكشف بشكل عام بواسطة رادارات الدفاع الجوي المصممة أصلاً للكشف عن الطائرات الكبيرة والسريعة. وحتى عندما تكون بعض الأنظمة التقليدية المضادة للطائرات فعالة ضد الطائرات الصغيرة بدون طيار، إلا أن تكلفتها المرتفعة – مقارنة بالتكلفة المنخفضة للغاية للطائرة غير المأهولة – لا تجعلها حلاًّ مستداماً. فعلى سبيل المثال، تصل تكلفة صاروخ “باتريوت” واحد ما يقرب من مليون دولار في حين يبلغ سعر الطائرة التجارية الصغيرة بدون طيار أقل من 500 دولار وقد يصل احيانا” الى 200 دولار . ويتوفر اليوم في الأسواق أكثر من مائتي نوع من الأنظمة الجوية المضادة للطائرات بدون طيار أو المضادة للطائرات المسيّرة، تعدّ عمليات الاستحواذ على التكنولوجيا المضادة للطائرات بدون طيار وتطويرها الفئة الأسرع نمواً في الإنفاق المتعلق بهذا النوع من الطائرات ضمن أحدث ميزانية لوزارة الدفاع الأمريكية. يتمثل الاستعمال الأكثر شيوعاً للأنظمة الجوية المضادة للطائرات بدون طيار أو المضادة للطائرات المسيّرة، علماً بأن هناك اهتمام متزايد بالنظام المحمول والمتنقل الذي يمكن استخدامه لحماية الوحدات البرية والمواكب. وتشمل الاستخدامات المدنية الحالية حماية الأجواء في المطارات، أجهزة الاستشعار العاملة بالأشعة تحت الحمراء، تشويش الصلات اللاسلكية، وأنظمة الشِّباك أو التشابك الأخرى. استخدام الصقور لاعتراض الطائرة او التقاطها . وفي بعض الحالات مثبتة على طائرات بدون طيار تهاجم المركبة المتطفلة على طريقة المعارك الجوية التي كانت رائجة اثناء الحرب العالمية الأولى. ولذلك لا بد لهذا الحقل أن يتغلب على مجموعة من التحديات الجمة في المرحلة المقبلة. وفي كل الاحوال ومع استمرار اتساع استخدام الطائرات المسيرة بدون طيار للأغراض العسكرية والتجارية ، ومع ذلك ، فللاعتبارات نفسها، مما يُمكّن حتى الجماعات الصغيرة غير الخاضعة لسلطة الدولة (التنظيمات الارهابية)من تنفيذ عمليات متطوّرة في مجال الاستطلاع والمراقبة والضربات،