والرأي الأخير هو ما يحكم به الوجدان، فمن كان قادرا على بعض الافراد، كان قادرا على الكلي؛ لأن الكلي يوجد بوجود بعض أفراده، ولعل السيرة العقلانية فاضية بذلك، إذ لو قال أحد الآخر: (عليك ان تسافر يوم الجمعة، فإن أجابه بأني لا اتمكن من السفر يوم الجمعة)، فاذا رد عليه : ( اذن عليك ان تسافر اما الجمعة أو السبت، فان ذلك أمر معقول ولا محذور فيه. والجدير بالبحث إن الثمرة من الخلاف المتقدم، إنه إذا أتى المكلف بالفرد غير المقدور صدفة كما لو قال الأب لولده : (عليك ان تسافر)، وكانت للسفر حصتان احداهما مقدورة وهي السفر في اليقظة، وأخرى غير مقدورة وهي السفر في المنام، فلو تحققت الحصة غير المقدورة بأن رفع الولد حالة نومه ووضع في الطائرة، فعلى الرأي الثاني يكون هذا السفر مصداقا للواجب ومجزيا؛ لأن الوجوب متعلق بالجامع وهو صادق عليه، وعلى الرأي الأول لا يكون مجزيا لأن التكليف متعلق بخصوص الحصة المقدورة وهي السفر في اليقظة، يتعلق به الأمر (50).