قالت: بلغني أيها الملك السعيد أنه كان في قديم الزمان وسالف العصر والآوان رجل تاجر بمص يقال له شمس الدين وكان من أحسن التجار وأصدقهم مقالاً وهو صاحب خدم وحشم وعبيد وجوار ومماليك ومال كثير وكان شاهبندر التجار بمصر وكان معه زوجة يحبها وتحبه إلا أنه عاش معها أربعين عاماً ولم يرزق منها بنت ولا ولد فقعد يوماً من الأيام في دكانه فرأى التجار وكل واحد منهم له ولد وولدان أو أكثر وهم قاعدون في دكاكين مثل آبائهم وكان ذلك اليوم يوم جمعة. وفي الليلة التسعين بعد المئتين قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن شمس الدين قال لزوجته: أنت سبب حزني فقالت له: لأي شيء؟ فقال لها: إني فتحت دكاني في هذا اليوم ورأيت كل واحد من التجار له ولد أو ولدان أو أكثر وهم قاعدون في الدكاكين مثل آبائهم فقلت لنفسي: إن الذي أخذ أباك ما يخليك وليلة دخلت بك حلفتيني أنني ما أتزوج عليك ولا أتسرى بجارية حبشية ولا رومية ولا غير ذلك من الجواري ولم آت ليلة بعيداً عنك والحالة انك عاقر والنكاح فيك كالنحت في الحجر فقالت: اسم الله على أن العاقة منك ما هي مني لأن بيضك رائق. وبعد ذلك رجع إلى دكانه وقعد فكان في السوق نقيب الدلالين وكان رجلاً حشاشاً يتعاطى الأفيون والبرش ويستعمل الحشيش الأخضر وكان ذلك النقيب يسمى الشيخ محمد سمسم وكان فقير الحال وكانت عادته أن يصبح على التاجر في كل يوم فجاءه على عادته وقال له: السلام عليك فرد عليه السلام وهو مغتاظ. فقال له: يا سيدي أنا عندي معكر البيض فما تقول فيمن يجعل زوجتك تحبل منك بعد هذه الأربعين سنة التي مضت، فأخذها وتوجه إلى بياع الحشيش وأخذ منه المكرر الرومي والحبهان والزنجبيل والفلفل الأبيض والسقنقور الجبلي ودق الجميع وغلاهم بالزيت الطيب وأخذ ثلاث أوراق حصا لبان ذكر وأخذ مقدار قدح من الحبة السوداء ونقعه وعمل جميع ذلك معجوناً بالعسل النحلي وحطه في السلطانية ورجع بها إلى التاجر وأعطاها له وقال: هذا معكر البيض فينبغي أن تأخذ منه على رأس الملوق بعد أن تأكل اللحم الضاني البيتي وتكثر له الحرارات والبهارات وتتعشى وتشر بالسكر المكرر. فأحضر التاجر جميع ذلك وأرسله إلى زوجته وقال لها: اطبخي ذلك طبخاً جيداً وخذي معكر البيض واحفظيه عندك حتى أطلبه ففعلت ما أمرها به ووضعت له الطعام فتعشى، وأقامت الداية عنده ثلاثة أيام حتى عملوا الحلاوة ليفرقوها في اليوم السابع ثم رشوا ملحه ودخل التاجر وهنأ زوجته بالسلامة وقال لها: أين وديعة الله؟ فقدمت له مولوداً بديع الجمال صنع المدبر الموجود وهو ابن سبعة أيام ولكن الذي ينظره يقول عليه أنه ابن عام،