وقامت الثورة في جزيرة قبرص ، وكانت وجهتها مصر والأراضي المقدمة ، ولكن اطماع البنادقة حولتها إلى فتاريخها في الحقبة الوسيطة من التاريخ هو في الواقع تاريخ تطور التجارة في حوض البحر المتوسط . حتى غدت الشريك الأوروبي البارز في نشاط اوروبا التجاري في العصر الوسيط . التي اجتمعت في أسواقها متاجر الشرق وانت مختلف أنواع السلع والبضائع من أوروبا ، ووقد اليها التجار من فرنسيين واسبان وايطاليين ، ارستقراطية » . ذلك بحكم موقعها الجغرافي الذي يكشف عن عظمتها . ثمهي في موقع متوسط بين الشرق والغرب ، فضلا عن كونها أحد موانى البحر المتوسط . وقد كسبها كل هذا ميزات حسدتها عليها كثير من بلدان أوروبا . فنيها كان يرمو التجار الوافدون من الثغور المصرية والشامية ، ومن بلاد الشرق الأقصى ومعهم الانسجة الحريرية والتوابل والكافور والعاج واللؤلؤ والعطور وغيرها . ومن البندقية كانت هذه البضائع تنقل إلى المانيا وفرنسا وانجلترا والأراضي الواطئة وغيرها من بلدان الغرب . وكانت البندقية تجنى من وراء ذلك ارباحا طائلة مينات والمهم أن عملية الاستيراد والتصدير هذه جعلت من البندقية جزءا هاما في تاريخ دولة المماليك ، كما جعلت من دولة المماليك في مصر والشام هي الأخرى جزءا هاما في تاريخ البندقية والتجارة الدولية في العصور الوسطى واذا عدنا قليلا الى الوراء ، نجد أن تاريخ البندقية جمهورية مستقلة بشئونها ، يرجع في الأصل الى تمركز بعض الجاليات الرومانية منذ القدم ، وهي التي كانت قد لجات اليها هربا من الجرمان وغزواتهم المديرة الكاسحة التي أحدثت بأوروبا ما احدثته من فوضى ونهار في أوائل العصور الوسطى . بالقضاء على الدول والممالك الجرمانية التي قامت على انقاضي الدولة الرومانية القديمة ، والقضاء على مقاومتها - انتقلت تبعية البنادقة الى الدولة الرومانية الشرقية أي الدولة البيزنطية . ثم وقعت بعد جستنيان اغارات اللومبارديين في النصف الثاني من القرن السادس ، بيزنطه على ايطاليا ، ولكن البندقية لم يصبها ما أصاب بنيه ايطاليا ، وبذك اصبحت في مأمن من تيار الفتح اللومباردي. وكان عدد البنادقة في زيادة مستمرة في جهات الأضحال والمستنقعات حتى منتصف القرن السابع ، تلك الجهات التي ثم يبسط اللومبارديون مسلطانهم عليها ، ذلك وتحت تأثير التنظيم الكنسي الذي عمل الأساقفة اللاجئون على فرضه في أقليم البنادقة ، صارت البندقية بحكم وضعها الجغرافي ، وبحكم العناصر التي كونتها ، وفي ظل المؤثرات التي أثرت فيها ، والظروف والتطورات التي مرت بها - وحدة سياسية مخالفة لما نشأ في باقي أجزاء ايطاليا من الوحدات أنها عقدت في سنة ٧١٦ م معاهدة مع ملك اللومبارديين تحددت بمقتضاها حدود البندقية ، Paulatis ثم ظهر بعد ذلك على مسرح السياسة الايطالية عامل جديد لايتل أثرا عن الحوادث الكبرى السالف الاشارة اليها ، وذلك حينما قرر البابا (٧٥٢ Stephen II الروماني ستيفن الثاني. م الاستعانة بشخص بين . القصير في أواسط القرن الثامن ضد خصومه ، مما أدى الى تدخل الفرنجة في شئون ايطاليا حتى زالت مملكة اللومبارديين في أواخر ايام شارلمان (۷۶۸ ولقد استنادت البندقية من تلك العلاقة التي نشأت بين البابوية والدولة الفرنجية ، لأنها أصبحت حلقة الوصل بين البلدين ، اذ فتحت ميدانا واسعا للنشاط التجاري في بلاد الفرنجة . والذي بنت عليه شهرتها في العصور الوسطى ولما كانت سلطة الفرنجة ايام شارلمان قد امتدت الى ايطاليا وغيرها من البلاد " فقد اعترفت البندقية بنوع من السيادة الامبراطورية شارلمان غير أن تلك السيادة لم تدم طويلا ، بل كانت سببا الصراع وحروب طويلة عادت البندقية بعدها لتبعتيها القديمة للدولة البيزنطية ، وهي تبعية قد زال مع الزمن معناها ومغزاها . وفى أثناء حروب البنادقة ضد سلطان الدولة الفرنجية كان مركز المقاومة في جزيرة ريالتو Rialto وهي احدى المدن الجزرية التي تكونت منها جهات البندقية . واستمرت تبعية البندقية لبيزنطة حتى أواخر القرن العاشر الميلادي ، ومع أن هذه التبعية كانت تبعية اسمية ضئيلة ، حتى أصبحت تعتبر نفسها ندا للدولة البيزنطية. واخذت تطالب بامتيازات الجالياتها التجارية في القسطنطينية فقد دابت البندئية على مواجهتها معتبرة نفسها دولة مستقلة قائمة بذاتها. وعقدت معاهدات تجارية كثيرة . فقد استمرت البندقية تنمو كقوة تجارية كبرى . فمنذ سنة ۸۲۹ م كانت علاقتها بمصر قوية متينة ، حتى أنها استطاعت أن تحصل من الرالي على اذن بنقل رفات القديس مرقس من الاسكندرية على مراكب بندقية العليا ومن دلائل عظمة البندقية أن اسطولها التجاري كان قد بلغ ستين سفينة ، فضلا عن اعتماد بعض الدول المجاورة لها ، ومن بينها بيزنطة ، هذا ولما كان القرن الحادي عشر في أوروبا مملوءا بحوادث ظهور النورمان ، وتكوين الدولة النورمانية ، وكان هدفهم أن يجعلوا من البحر الأدرياتي بحرا لجيوشهم واسطولهم ، ولهم في جنوبي ايطاليا والبلتان ، وحاضر روبرت دویستار النور اندى في أواخر القرن الحادى عشر مدينة دورازو لتحقيق ذلك المشروع. وكان واضحا أنه اذا استولى النورمان على دورازو الفتح الطريق أمات الى عاصمة الدولة البيزنطية . ورأى الكسيس الاستنجاد بالامبراطور الألماني هنرى الرابع ضد النورمان واطماعهم في بلاده. ولكن حال دون تلبية الاغاثة ذلك الصراع الذي نشب بین هنرى الرابع والبابا الروماني جريجورى السابع حول المسائل العلمانية. ا م ا ك ومن هنا بدأ التطور في تاريخ البندقية، ومن هنا أيضا يظهر أثر الفورمان في القرن الحادي عشر في تاريخ البندقية وشعبها نتيجة لتضارب المصالح . ونشابتها ، وان اختلفت الأسباب . وكانت البندقية تعلم جيدا أن اطماع النورمان التي لم تكن تقف عند حد ، بمعنى أن يكون لهم جالية في احياء معينة من المدن البيزنطية ، وليس لبيزنطة عليهم من سلطان ، تماما مثلما فعلوا عندما ساعدوا الصليبيين الغربيين في الاستيلاء على المدن والموانى المصرية والثانية أثناء الحركة الصليبية محال وقد دايت البندقية على مساعدة الامبراطورية البيزنطية ضد النورمان تحقيقا لمصالحها الخاصة . والنتيجة أنها أفادت من وراء ذلك فائدة حربية . ومادية . تلك هي حالة البندقية وما وصلت اليه في الفترة التي أخذت فيها أوروبا تفكر في الحروب الصليبية. وتاريخ البندقية في أثنائها وموقفها منها تاريخ معروف ، فكانوا يشتركون . مع الصليبيين اذا وجدوا في ذلك مصلحة لهم . ولكنهم سرعان ما يتحولون . عنهم ويسارعون الى التفاهم مع المسلمين وفقا لما تمليه عليهم مصالحهم الخاصة، ولم يكن يعنيهم الباعث الديني الا بالقدر الذي يحقق مصالحهم . فقد غلبت الصفة التجارية البحتة على مسلكهم وتصرفاتهم ، بل واذا عدنا الى الصراع الدائر بين البندقية والنورمان خلال تلك الفترة من الزمن ، الذي أعاد الى الذكرى موضوع الاستيلاء على الشامي الأدرياتي . موقنا تطلب من زعمائها كثيرا من الحذر . ذلك انه اذا مالت البندقية الى الصليبيين من بني جنسها بحكم أنها دولة مسيحية مثلهم ، كان معنى ذلك أنها تفقد تجارتها النامية مع البلاد الإسلامية في مصر والشرق الأدنى ، كما أنها تجلب على نفسها عداوة بيزنطة وأباطرتها . ثم أن تكونيها السياسي وقوتها البحرية لم تكن قد بلغت درجة الكمال بعد . اذ كان النورمان من ناحية الشاطيء الأدرياتي ، والمجربون من ناحية والماشيا والشواطئ البلقانية أصحاب الموانى المتحكمة في الشاطيء الأدرياتي . رات البندقية أن تقف موقف المحايد من الجانبين المسيحى والاسلامي اثناء الصراع الحليبي بان تتاجر مع كل منهما ، وأن تساعد الصليبيين بمتاجرها بشرط الا يطلب وواضح أن هذه السياسة كانت ذات شقين متناقضين ، غير أن الدريلات الأخرى بايطاليا مثل جنوه وبيزا كانت قد شاركت الصليبيين فعلا منذ البداية في عدائهم نحو المسلمين . منشيت البندقية أن يؤدى ذلك الى شل الحركة التجارية في كل تلك البلاد ، وأن تحرم البقية مما قد يفتحه الصليبيون من بلاد المسلمين. لذا تركت البندقية سياسة الحياد بعد أن وضح لها أن الفرنج سيفتحون بلادا وأسواتا ، خاصة وأن الحملة الصليبية الأولى قد حققت أغراضها بالاستيلاء على بيت المقدس ، تذهب بعض البنادقة على مراكب بندقية بقصد الاشتراك في هذه الحروب. وكان هدنهم من وقولهم بجانب الصليبيين تجاريا بحنا . وقد أبحرت الحملة سنة ۱۰۹٦ م ، وكشفت النقاب عن موقفها بمحارية جالية الجنوبية هناك . بمعنى ان البندقية دخلت الحروب الصليبية بهدف احتلال المكان التجاري الأول شرقي البحر المتوسط ، وصات حملة البندقية الى شواطىء الشام سنة ١٠٠ أم وشاركت فعلا في حصار حينا . علما سقطت هذه المدينة في ايدى الفرنج في نفس العام ، وهكذا بدأت الحلقة الأولى من المحطات التجارية التي أسستها البندقية لنفسها في شواطيء البحر المتوسط . مع الاعتماد على صداقة الصليبيين ومردتهم كلما دفت الظروف الى ذلك . فأخذ الامبراطور حنا كومنين ( ١١١٨ - ١١٤٣ م ) بضيق على مصالح البنادقة في القسطنطينية سنة ١١٢٢م ، ومع أن البندقية قد ردت على هذا الموقف ان أغارت على الجزر البيزنطية الهامة مثل جزيرة رودس ، فان حنا كومنين اضطر الى مصالحة البندقية ليضمن وقوفها إلى جانبه ضد النورمان الذين كانوا عدوا مشتركا لكليهما . وجعلت الدولة البيزنطية تعتمد على البندقية في احتياجاتها العسكرية ، ولقد انتهى الخطر النورمايي بصنه مؤقته بصلح عقد في سنة ١١٥٤ م . وكان هذا أمرا طبيعيا متوقعا ، فيها كانت الأحوال ، ذلك أن الامبراطور البيزنطي كان يريد أن يمتد نفوذه الى ايطاليا في الشمال والجنوب كخطوة أساسية للتمهيد لفكرة الامبراطورية الواحدة . ولم تنته الاخطار بانتهاء حكم مانويل كومنين ، لأن الامبراطورية الغربية والامبراطور فريدريك بارباروسا كان صاحب السلطة الكبرى في ايطاليا . كما انضمت الى العصبة اللومباردية سنة ١١٦٧ م وقع أحداث التي أدت. يد الامبراطور اندرونيق الأول كومنين ( ۱۱۸۳ - ١١٨٥ م ) . وتلا ذلك سلسلة مصادرات لأملاك اللاتين الغربيين بالقسطنطينية حتى أن من تبقى منهم استفانوا بالبندقية والملك وليم الأول ملك صقلية . وقد أعاد اسحق للبنادقة امتيازاتهم بالعاصمة البيزنطية وغيرها من المدن البيزنطية ، كما وعد بتعويض اللاتين جميعا الذين أضروا تعويضاً ماليا كافيا وطردهم من بيت المقدس في أكتوبر من ينس العام . وذلك من حيث تأجير مراكبها لنقل الجند المليبيين الى الشام . فقد هدم صلاح الدين دولة الصليبيين بعد موقعة حطين واستعادة البيت المقدس حتى لم يبق منها سوى بضعة ثفور ضعينة متهالكة ، ممتدة على الساحل الشامي . ومع ذلك ، مما لم تصل اليه يد صلاح الدين .