من حيث إن الطعن استوفى اوضاعه الشكلية. و حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، ذلك أن من نتائج إعلان مصر الحرب ضد ألمانيا هو قطع كل علاقة مع رعاياها وتصفية العلاقات القائمة لا إلغائها أو فسخها. وفي نطاق هذا العرف الدولي صدر الأمر العسكري رقم 158 سنة 41 مؤكدًا الأمر رقم 6 سنة 1939 مع شيء من المغايرة والبيان - وأنه يبين من استعراض نصوص هذين الأمرين أن الحظر الذي أمر به الشارع بشأن المعاملات والالتزامات المالية القائمة والتي لم يتم تنفيذها حتى صدور الأمر العسكري الأول لم يقصد تعطيل هذه الالتزامات أو فسخها وإلغائها بصفة مطلقة. وإنما قصد منع تنفيذها تنفيذا عينيًا لمصلحة رعايا الرايخ الألماني لا أكثر وهو ما يتحقق به أمن الدولة وسلامتها - ولو أراد الإلغاء أو الفسخ لنص على ذلك صراحة الأمر الذي يفيد قيام هذه الالتزامات وتصفيتها بحالتها ما دام تنفيذها عينا أصبح ممنوعا أو ممتنعا وهو ما يقضي به العرف الدولي في أحوال الحرب - ويؤكد عدم إلغاء هذه العقود أن الشركة المطعون عليها لم تتمسك بذلك من بادئ الأمر ولم تدع أن التصفية كانت لحسابها ولم تعترض هي أو اتحاد المصدرين على ما أمرت به وزارة المالية والحراسة الألمانية من تصفية هذه العقود - بل قدمت البيان اللازم عنها - أما ما اتجهت إليه الحراسة الإيطالية من رأي مخالف فهو اتجاه خاطئ. ومن ثم يكون تطبيق القواعد العامة في هذا الخصوص مخالفا للقانون فيما أمر به من تشريعات خاصة بالأمرين العسكريين 6 سنة 39 ، 158 سنة 41 فضلا عن أن الأحكام العامة للقانون لا تقتضي في حالة الحرب اعتبار العقود القائمة مفسوخة من تلقاء نفسها ما لم تنص علي ذلك التشريعات الخاص. وحيث إن الحكم المطعون فيه أسس قضاءه على أن قيام الحرب مع ألمانيا قد أنقطت معه العلاقات التجارية والسياسية بين البلدين فأدي ذلك إلى استحالة تنفيذ شركة التزاماتها بشحن القطن، الأمر الذي يستتبع حتما سقوط الالتزامات المقابلة لبيوت الغزل الألمانية المتعلقة بالوفاء، ويعتبر العقد في هذه الحالة مفسوخا لاستحالة تنفيذه وفقًا لحكم المادة 179 مدني قديم الذي وقع التعاقد في ظله ويقع الفسخ بقوة القانون حيث ينقضي الالتزام على أثر استحالة تنفيذه كما ينقضي الالتزام المقابل له لتخلف سببه ويصبح كأنه لم يكن ويعود العاقدان إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد وتعود الأقطان التي لم تشحن لملكية شركة ويحق لها التصرف فيها دون أن يتعلق بها حق للمشتري أو المحل الذي لا يستحق عمولة طبقا لعقده الحاصل في 11 نوفمبر سنة 1937 إلا في حالة شحن البضاعة وسداد الثمن. أما فيما يتعلق بفروق الأسعار المدرجة للتذكرة في النموذج والتي لم يتخذ للآن قرار بشأنها فيجب على المراجعين أن يبينوا في تقاريرهم مطابقة المبالغ الخاصة بها مع تحديد ما إذا كان المصدرون قد قاموا بتصفية هذه العقود لحسابهم أم قاموا بتغطية هذه المشتروات لدى مصدرين آخرين وما إذا كانت هذه الأقطان معدة للشحن - وقد أبلغ الاتحاد هذه التعليمات إلى المطعون عليها فحررت الكشف المؤرخ 8 مايو سنة 1945 علي أساسها فاستندت الحراسة على توقيعها عليه وإقرارها بصحة الحساب الوارد به لمطالبتها بفروق الأسعار والسمسرة باعتبارها مستحقة لبيوت الغزل الألمانية والمحل ولما كانت تشريعات الحرب لم تنص على إجراءات أو أوضاع قانونية معينة فيما يتعلق بمثل هذه العقود المبرمة بين المصدرين والبيوت التجارية الألمانية فإنه يتعين إخضاع هذه العقود لحكم القانون العام فتعتبر مفسوخة بحكم القانون بالنظر لاستحالة تنفيذها وهو ما انتهت إليه الحراسة العامة على أموال الإيطاليين، أما إقرار شركة للكشف المرسل منها بنتيجة التصفية فإنه لا يغير من مركزها القانوني لأن وضعه أصلا بهذه الطريقة كان بصفة مؤقتة بناء على تعليمات واردة إليها من اتحاد مصدري الأقطان وتعليمات وزارة المالية التي قبلت أن تدرج به فروق الأسعار على سبيل التذكرة، دون أن تبت في الموضوع من الوجه القانونية كما فعلت الحراسة الإيطالية، ويضاف إلى ذلك أن الاتفاق الخاص بتسوية الديون مع ألمانيا لم يعالج العقود التي لم يتم تنفيذها بسبب الحرب إذ اعتبرت مفسوخة لاستحالة تنفيذها. ومتى كانت هذه العقود لم تنظم بأوضاع خاصة في تشريعات الحرب أو الاتفاقيات الدولية فإنه يجب إخضاعها للأحكام العامة فتعتبر مفسوخة بحكم القانون لاستحالة تنفيذها. ومن ثم تعتبر التصفية التي أجرتها المطعون عليها لحسابها باعتبارها صاحبة البضاعة تتحمل نتائجها من خسارة ويعود لها ما تجنيه من ربح وتكون الدعوى على غير أساس" - وهذا الذي قرره الحكم المطعون فيه يتفق والقواعد القانونية الصحيحة. ذلك أن العقود التي تناولها كشف الحساب المؤرخ 8 مايو سنة 1945 لم تكن قد نفذت حتى قيام الحرب وترتب عليها قطع العلاقات التجارية والسياسية بين مصر وألمانيا ثم صدر الأمران العسكريان 6 سنة 39 و 158 سنة 1941 حائلين دون تنفيذ هذه العقود ومرتبين البطلان على كل ما يخالف أحكامهما. وقد اعتبر الحكم المطعون فيه قيام الحرب وانقطاع العلاقات والمواصلات وصدور التشريعات الاستثنائية قوة قاهرة وسببا أجنبيا يستحيل معه تنفيذ هذه العقود ومتى صار تنفيذ التزام أحد الطرفين مستحيلا بعد انعقاد العقد التبادلي بسبب أجنبي، فإنه ينقضي واجب هذا الطرف في تنفيذه وينفسخ العقد حتما وبقوة القانون، ويعود كل طرف إلى حالته قبل التعاقد وذلك عملا بالأحكام العامة في القانون التي أجملتها المادة 179 مدني قديم والتي تطبق علي العقود كافة، وهي تنص على أنه إذا انفسخ العقد بسبب عدم إمكان الوفاء تنفسخ أيضًا كافة التعهدات المتعلقة به - وأما ما تقوله الطاعنة من أن تشريعات الحرب لم تفسخ هذه العقود التي لم تنفيذ بعد وإنما قصدت وقف تنفيذها مؤقتا والتي تطبق علي العقود كافة وينفسخ العقد حتما وبقوة القانون ومتى صار تنفيذ التزام أحد الطرفين مستحيلا مع الإبقاء على كيانها فليس له سند يؤيده - ولم ينص الأمران 6 سنة 39 و 158 سنة 41 على وقف تنفيذ تلك العقود بصفة مؤقتة - بل جاءت عباراتهما في حظر تنفيذ تلك العقود مطلقة غير موقوتة. وما كانت طبيعة الحرب لتدعو إلى التوقيت بأجل طال أو قصر - وليس في عرف القانون الدولي ما يناهض وجهة نظر الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص. فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بانفساخ هذه العقود وبعدم إلزام المطعون عليها بالمبالغ التي تضمنها كشفها المؤرخ 8 من مايو سنة 1945 لا يكون مخالفا للقانون، ومن ثم يتعين رفض الطعن.