حرصت القوانين في كافة الدول على اختلاف أنظمتها القانونية و الاجتماعية والاقتصادية على صيانة الحياة الخاصة لكل المواطنين و ذلك بالنص في دساتيرها و تشريعاتها على كفالة هذه الحماية من المساس بها تطبيقا للمبادئ العالمية التي تكرس مبدأ حرية الإنسان في العيش في هدوء وسكينة و أمان و المجسد في حقه بعدم المساس وهذه المبادئ نادت بها الكثير من المواثيق الدولية كالإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر 1948 و الذي ينص في المادة 12 منه على انه لا يجوز تعريض احد لتدخل تعسفي في حياته الخاصة او في شؤون اسرته او مسكنه او مراسلاته ولا لحملات تمس شرفه و سمعته و لكل شخص حق في ان يحميه القانون من مثل ذلك التدخل أو تلك الحملات".و قد حذا المشرع الجزائري حذو التشريعات المختلفة كالتشريع الامريكي الذي اصدر قانونا لحماية الحياة الخاصة سنة 1974 (1974 Privacy act of) و الذي يعدحماية لكل فرد من الاعتداء على حياته الخاصة والتشريع الفرنسي الذي اصدر القانونرقم 17 لسنة 1978 والخاص بالمعالجة الالكترونية للبيانات الاسمية السابق الاشارة اليه و التشريع الكندي بإصداره القانون Quebec لعام 1994 الذي يحمي الخصوصية بصفة عامة و يحرص على حماية البيانات الشخصية بصفة خاصة. 1 فقد عمل على صيانة حرمة الحياة الخاصة في مختلف المجالات تطبيقا لما جاء به الدستور الجزائري في المادتين 39 و 63 حيث نجد ان المادة 39 من الدستور تنص على أنه لا يجوزانتهاك حرمة حياة مواطن الخاصة وحرمة شرفه و يحميها القانون".كما نصت الفقرة الثانية من نفس المادة على أن سرية المراسلات و الاتصالات الخاصة بكل أشكالها مضمونة " و المادة 63 تنص على انه يمارس كل واحد جميع حرياته في اطار احترام الحقوق المعترف بها للغير في الدستور لا سيما احترام الحق فيالشرف و سر الحياة الخاصة وحماية الأسرة و الشبيبة و الطفولة" و قد جسد المشرع الجزائري تطبيق هذه المبادئ و عمل على زجر كل من تخول له نفسه انتهلكها بنصهفي المادة 394 مكرر 2 من قانون العقوبات كما رأينا سابقا على تجريم نشر المعطيات المخزنة أو المعالجة أو المرسلة بواسطة منظومة معلوماتية وحيازتها والإتجار بها.بحيث أن عبارة البيانات المخزنة المذكورة في نص المادة 394 مكرر 2 من قانون العقوبات ترمي إلى حماية تلك المعطيات أو المعلومات المخزنة في جهاز الحاسب بقصد معالجتها الكترونيا و يدخل فيها المراسلات عن طريق البريد الإلكتروني أو البيانات الموجودة ببنوك المعلومات و التي تخص اسرار الأفراد كالبيانات الموجودة بالبطاقات الإلكترونية للمؤمن له اجتماعيا . إلى غيرها من المعلومات الخاصة بالأفراد و المعالجة الكترونيا خاصة بعد اتجاه الدول إلى سلوك سياسة الحكومة الإلكترونية، مما جعلها عرضة لانتهاكات عن طريق الجريمة المعلوماتية، بحيث ظهرت صور جديدة لانتهاك حرمة الحياة الخاصة بالتلاعب بهذه البيانات بتغييرها أو حذفها أو انتحال شخصية صاحبها لتحقيق أهداف إجرامية. لذلك احاطها المشرع بهذه العناية بنصه أيضا في قانون العقوبات على تجريم مجموعة أخرى من الأفعال في المادة 303 مكرر في قانون العقوبات المعدل بالقانون 23/06 الصادر في 2006/12/20 التي تنص على انه " يعاقب بالحبس من سنة (06) أشهر إلى (03) سنوات وبغرامة مالية من 50.000 دج كل من تعمد المساس بحرمة الحياة الخاصة للأشخاص بأية تقنية و ذلك :بالتقاط أو تسجيل أو نقل مكالمات أو احاديث خاصة أو سرية بغير اذن صاحبهابالتقاط أو تسجيل أو نقل صورة لشخص في مكان خاص بغير اذن صاحبهاو قد نصت الفقرة الثانية من هذه المادة على معاقبة جريمة الشروع في ارتكاب الجنحة المنصوص عليها في هذه المادة بالعقوبات ذاتها المقررة للجريمة التامة.كما نصت المادة 303 مكرر 1 على انه يعاقب بالعقوبات المنصوص عليها في المادة السابقة ( أي المادة 303 مكرر من قانون العقوبات كل من احتفظ أو وضع او سمح بأن توضع في متناول الجمهور أو الغير أو استخدم بأي وسيلة كانت التسجيلات أو-صور أو الوثائق المتحصل عليها بواسطة أحد الأفعال المنصوص عليها في المادة 303 مكرر من هذا القانون وعاقبت الفقرة الثالثة من هذه المادة على الشروع في هذه الجريمةيستخلص من نص المادتين السابقتين أن المشرع الجزائري ادرك خطر المساس بحرمة الحياة الخاصة عن طريق المعلوماتية بنصه على عبارة باية تقنية) مما يفهم منه أن انتهاك حرمة الحياة الخاصة عن طريق الحاسبات تقع تحت طائلة التجريم في المادة 303 مکرر و عبارة (باية وسيلة في المادة 303 مكرر 1 مما يفيد اعتبارها جرائممعلوماتية ماسة بحرمة الحياة الخاصة تجب مكافحتها.و قد نص المشرع الجزائري على مجموعة من العقوبات التبعية في حالة ارتكاب احد الجرائم المنصوص عليها في المادتين 303 مكرر و 303 مكرر 1 وفي المادة 303 مكرر 2 بأنه " يجوز للمحكمة أن تحظر على المحكوم عليه من أجل الجرائم المنصوص عليها في المادتين 303 مكررو 303 مكرر 1 ممارسة حق أو لكثر من الحقوق المنصوص عليها في المادة 9 مكرر 1 لمدة لا تتجاوز خمس (05) سنوات. كما يجوز لها أن تأمر بنشر حكم الإدانة طبقا للكيفيات المبينة في المادة 18 من قانون العقوبات ويتعين دائماالحكم بمصادرة الأشياء التي استعملت في ارتكاب الجريمة .