أسماك الزينة كائنات عجيبة لا تجيد أي عمل في الدنياسوى أن تموت ! في الصباح تجد الحوض جميلاً أنيقاً و الأسماكتسبح سعيدة راضية تلتهم الطعام و تلتقط الحصى .جديرة بأفلام الرعب الحديثة، فتتغلب على تقززك و حزنك و تحمل هذه الجثث بالشبكة لتلقي بها في المرحاض،زجاجي لحفظ الماء لا أكثر.عندما ابتعت هذا الحوض قال لي بائع الحيوانات الأليفة في حكمة :"لا تطعم السمك لمدة ساعتين بعد وضعه في الماء لأنه يعاني من نقص الأكسجين.صحيح أنه كان يقول هذا و هو يحمل شبكة مليئة بالأسماك الميتة ليضعها في قفص القطط المنزلية التي يبيعها، لكني قلت لنفسي إنه يعرف ما يقول. و عندما عدت له لأخبره أن معظم الأسماك ماتت سألني في شك :"هل أطعمت الأسماك على الفور ؟"فقلت لا . هكذا هز رأسه متعجباً من جهلي و أكد أن هذا هو الخطأ بالذات . ابتعت منه بعض الأسماك ممتناً لوجود خبراء في هذا العالم، و عدت لأملأ الحوض من جديد و لم أنس أن أضع للأسماك الطعام فوراً، عندما طفتالأسماك - وهو عنوان فيلم شهير لكاكويانس - عدت له لأفهم .تنحنح بحكمه القرون كأن أجداده كانوا عمالقة البحار، وقال :- "هل تضيء النور في الحوض طيلة الوقت"- "نعم"- "هذا هو السبب إذن . لابد ألا يضاء الحوض أكثر من ثمان ساعات و إلا تكاثرت الطحالب"و هكذا عدت للبيت و انتزعت فيشة النور، و تحملت أن على إنني عندما أعدت وضع الفيشة في القابس وجدت أربع أسماك تطفو علي السطح و قد انتفخت و تشوهت. عدت للرجل العبقري أطلب رأيه فحك رأسه مستحضراً حكمة القرون و سألني عن ظروف الإضاءه . ثم عرف أنني أحمق أطفيء النور أكثر اليوم فقال ضاحكاً- "خطأ جسيم . السمك كالنبات يحتاج إلى النور . هذه الأسماك تطفو قرب السطح ولا تنزل للقاع أبداً"طبعاً كان السبيل الوحيد لعدم قتله هو أن أستعين بغيره .و قابلت الكثيرين من هؤلاء الحكماء الذين ينصحونني بأن أضيف الكثير من الملح لمياه الحوض و من ينصحني بألا أضع الملح أبداً .و هناك من يعطيني زجاجة صغيرة باهظة الثمن أسكب منها قطرات في الحوض، فإذا فعلت و مات السمك قال لي في جزع :الآن و قد صار الحوض جثة هامدة ملقاة على سطح البنايه، تستخدمها القطط كحمام أحياناً، عرفت الحقيقة المروعة : لا أحد يعرف شيئاً على الإطلاق . نحن محاطون بالذين يتظاهرون بالحكمة و العلم، هناك تلك الزوجة الأمريكية التي قالت عن زوجها إنه خبير في سباق الخيول . يخبرك قبل المباراة بالجواد الذي سيفوز و يخبرك بعد المباراة بسبب عدم فوز هذا الجواد ! كل هذا يتلخص تحت عنوان كبير اسمه (الحكمة بأثر رجعي).إن البورصة و المصارف تعج بهؤلاء العباقرة على كل حال . أذكر أن قريبة لي وجدت أن الناس جميعاً في مصر يحولون نقودهم إلى دولارات لأن سعرها سيرتفع.