حيث إن دائرة النقض بالمحكمة الاتحادية العليا أحالت هذا الطلب إلى الدائرة الدستورية للفصل في دستورية المادتين 61 و 62 من قانون الإجراءات المدنية لإمارة أبوظبي اللتين أجازتا الحكم بالفائدة وذلك على ضوء المادة السابعة من الدستور ووفقاً للمادة 99/3 منه والمادة 33/4 من قانون المحكمة الاتحادية العليا. فإذا فرض جدلاً توافق رأي المحكمة الدستورية من حيث الموضوع مع ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه أصبحت دائرة النقض ملزمة به ويتعين عليها رفض الطعن المقدم في حكم منعدم قررت هي بنفسها انعدام ولاية المحكمة التي أصدرته. وحيث إن هذا النعي لا يصادف محله ذلك وليست هذه المحكمة في دائرتها الدستورية جهة طعن لها وإذ عهدت المادة سالفة الذكر في فقرتها الرابعة للمحكمة العليا بولاية بحث دستورية القوانين والتشريعات واللوائح عموماً إذا ما أحيل إليها هذا الطلب من أي محكمة من محاكم الاتحاد أو الإمارات الأعضاء أثناء دعوى منظورة أمامها مؤكدة ما جاء بحكم الفقرة الثالثة من المادة التاسعة والتسعين من الدستور المؤقت للإمارات العربية المتحدة، وإذ أحالت محكمة النقض طلبها هذا في حدود ما رسمته المادة سالفة الذكر أثناء دعوى منظورة أمامها فإن طلبها هذا يكون مقبولاً شكلاً ويتعين رفض ما جاء في هذا النعي. وحيث إن هذه المحكمة حينما تفصل في موضوع طلب التفسير المقدم تحرص على أن تنبه الأذهاب إلى أن الفصل يجري محدوداً في نطاق لا يجوز تجاوزه ألا وهو أمر طلب بحث دستورية المادتين 61، 62 من قانون الإجراءات المدنية لإمارة أبوظبي، فقد حثت المادة 150 من الدستور السلطات الاتحادية على الإسراع في استصدار القوانين المشار إليها فيه، لكي تحل محل التشريعات والأوضاع الحالية وخاصة ما يتعارض منها مع أحكام الدستور ونها أن تكون الشريعة الإسلامية مصدراُ رئيسياً للتشريع حسبما قررته المادة السابعة منه وليست هذه مهمة القضاء. وحيث إنه وفي النطاق المتقدم تحديده يتبين من الإطلاع على البيان الصادر عن المجلس الأعلى للإمارات العربية المتحدة أنه أعلن عن سريان الدستور المؤقت للإمارات العربية المتحدة ابتداء من الخامس عشر من شوال سنة 1391 هـ الموافق اليوم الثاني من شهر ديسمبر سنة 1971 تحقيقاً لإرادة شعب الإمارات، كما أعلن عن قيام دولة الإمارات العربية المتحدة كدولة مستقلة ذات سيادة جزءاً من الوطن العربي الكبير، ومن أجل ازدهارها وتقدمها في كافة المجالات وتوفير الحياة الأفضل لجميع المواطنين، وكان لزاماً إزاء هذ الإعلان مراعاة الوضع الناشيء عن قيام هذا الاتحاد مع قيام الاختلاف بين الإمارات المكونة له من حيث قوانينها واللوائح والمراسيم والأوامر والقرارات المعمول بها عند نفاذ هذا الدستور والتدابير والأنظمة السائدة فيها، ومما لا ريب فيه أنه يترتب على تغيير ذلك كله أو إلغائه فجأة إشاعة الفوضى الشاملة والإطاحة بكل عناصر الأمن والاستقرار في الجماعة بما يؤخر ازدهارها وتقدمها في المجالات القانونية ويأتي بعكس النتيجة المرجوة من قيام هذ الاتحاد. فتراه أحياناً يفصح عن ذلك صراحة كما حدث مثلاً في مجال الوحدة الاقتصادية والجمركية حيث نص في الفقرة الأولى من المادة الحادثة عشرة من الدستور المعلن عن أن "تشكل إمارات الاتحاد وحدة اقتصادية وجمركية وتنظم القوانين الاتحادية المراحل التدريجية المناسبة لتحقيق تلك الوحدة". واستمراراً في طريق هذا النهج أورد ف مقدمة الدستور المؤقت بياناً تفصيلياً للهدف من قيام الاتحاد والسياسة المتأنية المرسومة لهذا الغرض، بالإعلان عن رغبة حكم الإمارات في إرساء قواعد الحكم الاتحادي خلال السنوات المقبلة على أسس سليمة تتمشى مع واقع الإمارات وإمكانياتها في الوقت الحاضر وتطلق يد الاتحاد بما يمكنه من تحقيق أهدافه وتصون الكيان الذاتي لأعضائه، ووعد الحكام شعب الاتحاد في الوقت ذاته بالحياة الدستورية الحرة الكريمة، مع السير به قدماً نحو حكم ديمقراطي نيابي متكامل الأركان في مجتمع عربي إسلامي متحرر من الخوف ولقلق. ومن أجل ذلك كله وإلى أن يتم إعداد الدستور الدائم للاتحاد، وحيث إن البين من المواد 148 وما بعدها أن المشرع الدستوري قد فرق بين طائفتين من التشريعات خص كل طائفة منها بحكم مغاير، أما الطائفة الأولى فهي مجموعة التشريعات المعمول بها عند نفاذ الدستور، وهذه الطائفة يحكمها نص المادة 148 يقوله "إن كل ما قررته القوانين واللوائح والمراسيم والأوامر والقرارات المعمول بها عند نفاذ هذا الدستور في الإمارت المختلفة الأعضاء في الاتحاد ووفقاً للأوضاع السائدة فيها يظل سارياً ما لم يعدل أو يلغّ وفقاً لما هو مقرر في هذا الدستور". وبيّنها الدستور في المادتين 149 و 150، ثم بين تدرجها وحكم تطبيقها في المادة 151 منه بقوله "لأحكام هذا الدستور السيادة على دساتير الإمارات الأعضاء في الاتحاد وللقوانين الاتحادية التي تصدر وفقاً لأحكامه الأولوية على التشريعات واللوائح والقرارات الصادرة عن سلطات الإمارات وفي حالة التعارض، وترتيباً على ذلك فإن كل ما قررته القوانين واللوائح والمراسيم والأوامر والقرارات المعمول بها عند نفاذ هذا الدستور تظل سارية وتكتسب قوتها الملزمة طوال فترة سريانها من أحكام الدستور نفسه طالما أنها لم تعدل أو تلغّ وفقاً لما هو مقرر في أحكامه فإذا لم يتناولها التعديل أو الإلغاء يتعين احترامها وتطبيقها ولا يجوز لأي سلطة في الدولة إهدارها أو الامتناع عن تطبيقها بحجة أنها لا تتمشى مع روح بعض النصوص الدستورية إذ أنها في منأى من تطبيق أحكام المادة 151 من الدستور وذلك للشرعية التي أسبغتها عليه أحكامه تحقيقاً لطمأنينة المجتمع واستقراره بل أن تعطيل المادة 148 من الدستور أخذاً بتلك المبررات يعتبر تعطيلاً لحكم من أحكامه حرمته المادة 145 منه. إذ بعد أن أورد نص المادة الثامنة منه من أن المحاكم الاتحادية تطبق الشريعة الإسلامية والقوانين الاتحادية وغيرها من القوانين المعمول بها نص على أنه "مع مراعاة ما هو منصوص عليه في هذا القانون، 62 من قانون الإجراءات المدنية لإمارة أبوظبي اللتين أجازتا الحكم بالفائدة موضوع طلب التفسير القائم صدرتا بمقتضى قانون الإجراءات المدنية ذي الرقم 3 لسنة 1970 والذي كان معمولاً بأحكامه قبل نفاذ الدستور في 2/12/1971 م وما زالت أحكامه قائمة لم تعدل أو تلغّ حتى الآن فإن هذا القانون وطبقاً للمادة 148 من الدستور يعتبر دستورياً ويتعين على الجميع إلتزام أحكامه السارية حتى الآن ومنها نص المادتين 61، 2 على أنه لا يجوز أن يزيد سعر الفائدة التي تحددها المحكمة عن السعر الذي اتفق عليه الأطراف أو تعاملوا به في أي مرحلة قبل رفع الدعوى أو إذا لم تتفق الأطراف على سعر الفائدة فللمحكمة أن تحدد سعراً لذلك على ألا يزيد عن 12 بالمائة في المعاملات التجارية، وعلى ذلك فإذا زاد الأطراف في اتفاقهم على السعر الموضح في البند الثاني من المادة 62 تعين على المحكمة النزول بالزيادة إلى الحد المسموح به قانواً وهذا يؤدي بالضرورة إلى بطلان كل فائدة مركبة أياً كانت وسيلة احتابها سداً للتحايل على زيادة حدها المبين فيها وهو الأمر المتمشي مع روح الدستور والقانون. حكمت المحكمة بقبول الطلب شكلاً وفي الموضوع بدستورية المادتين 61،