فعاليات الترجمة في فترة ما قبل العباسيين إذ تقلت وثائق سومرية إلى اللغة الأكادية (الأكدية). وعلى كل فإن مثل هذه التعميمات على نحو جميع مظاهر الحياة الثقافية لا يمكن أن يضفى عليها، ولا يجوز أن يضفى عليها دلالة تفسيرية تتعدى الناحية الوصفية. وبالنسبة إلى الموضوع الذي تتناوله على وجه الخصوص، فإنه مع التأكد من أن ترجمة أعمال يونانية علمانية من اليونانية إلى لغات الشرق الأدنى، إن جميع النشاطات في الترجمة لها أسباب وأهداف معينة هي التي يجب أن تستقصى وتحلل في كل حالة خاصة، ومن ثم فإنه يتعين إبراز المتميزات ليس القصد من الأجزاء التالية أن تعيد مسح المجال ثانية (٢٠)، بل أن تستعرض النشاطات المختلفة للترجمات إلى العربية والتي تمت قبل العباسيين، والتي تنصب على بحث النواحي التي تختلف بها عن حركة الترجمة العباسية، ۱ - الترجمات السريانية إن النقطة التي يقتضي الانطلاق منها في ما يتعلق بالترجمات اليونانية - السريانية هي الوجهة التي اتبعتها، والوضع الذي كانت عليه لما تولى العباسيون السلطة وتم انطلاق حركة الترجمة اليونانية - العربية. فإذا تركنا جانباً الترجمات اليونانية - في أعمال سرجيوس الرائعينا الراشعيني] (Sergius of Resayna) المتوفى سنة ٥٣٦م - الذي كان كاهناً وطبيباً ومترجماً. إذ كان يعتزم أن يكتب حول جميع نواحي فلسفة أرسطو في عدد من الكتب بدءاً بالمنطق الأداة التي لا يستغنى عنها والتي هي أساس العلم كله. وكان ينوي أن يقوم بمثل عمله في الغرب الناطق باللاتينية، والذي انتهى إليه الأمر أن أياً من هذين المشروعين لم يقيض له النجاح فسرجيوس وخلفاؤه اقتصر عملهم، في ما بعد، على ترجمة الكتب الأولى القليلة من كتاب الأورغانون فحسب، أما بويتيوس فلم يكن له خلفاء مباشرون إن أكثر الأعمال التي تتناول نقل المعرفة اليونانية إلى العربية تسودها فكرة خاطئة واسعة الانتشار هي أن هذا العمل إنما تم على أساس الترجمات السريانية السابق وجودها، إن هذا بعيد عن الصحة إلى درجة كبيره فقبل العباسيين كانت الأعمال العلمانية التي نقلت إلى السريانية قليلة: ففضلاً عن الأدب الإيساغوغي والمنطقي الايساغوغي لبورفيريوس Porphyry's Eisagoge) والكتب الثلاثة الأولى من الأورغانون كان ثمة أصلاً طب وبعض الفلك والتنجيم والفلسفة العامة؛ إنه مدعاة للتأمل في هذه المناسبة أن تنعم النظر في ما انتهى إليه المشروعان اللذان تصورهما كل من سرجيوس الراشعيني ابن راشعينا وبويتيوس على ما مز بنا،