يعتبر العمل العسكري من أهم جوانب الثورة، فالنجاح السياسي هو ثمرة النجاح العسكري. وللوقوف على جزء من هذه الحقيقة قامت هذه دراسة المتواضعة بتتبع جل العمليات العسكرية، فقد ظهرت العمليات بشكل أقوى من جديد مع نهاية الثلاثي الأول من سنة55، ومن أهم تلك العمليات : العملية الفدائية بقسنطينة أمام الكازينو البلدي في 30 أفريل55، جعلت من الجماهير الشعبية تنجذب للثوار، وفي نفس الوقت كان فيها ترهيب للمعمرين، وحملهم على التفكير في المغادرة، أما العمليات الفدائية فقد أعطت الثقة لمن يريد الانضمام إلى الجبهة بأن الثورة قادرة على تطهير الصفوف ، وبثت الرعب في نفوس المناوئين والذين يفكرون في الانحياز للاستعمار، لأن الثورة قادرة على تصفية الخصوم، وفي مثال على ذلك : عملية كازينو قسنطينة الثانية في 30 جوان 1956 ، وعلى رأسهم " موريس بابان " لقد انحازت الجماهير كلية لما ضرب الثوار بقوة في ناحية الميلية، وأحسوا أن الثورة ثورتهم، صارت مركزا حقيقيا للثوار. لقد أدى نجاح هذه العمليات إلى التطور السريع للثورة وهياكلها التنظيمية، فما كانت تنتهي سنة 55 حتى كان التنظيم قد وصل إلى سطيف والعلمة جنوب الناحية الأولى كما أدى نجاحها إلى ازدياد الثقة في النفس وبروز قيادات ميدانية ذات كفاءة عالية، وفرض الحقيقة الواقعية على جيش الاستعمار، وغيرهم من الذين لم يدخلوا الكليات العسكرية العالمية الكبرى، ولكنهم تعلموا من العمليات 233 العسكرية في الميدان، وللجماهير الشعبية التي وضعت كل ماتملك في كفة، أي صراع داخلي على شكل ما وجد في المنطقة الأولى، إلا ما عرف عن الثلاثة الذين أعدموا بتهمة خيانة الثورة بالانتماء إلى MNA ، وقد ازدادت المنطقة تنظيما بتأسيس المجالس الشعبية في المناطق المحررة بعد هجومات أوت 55، ثم صار هذا التنظيم معمولا به في الولايات الأخرى بعد أن اعتمده مؤتمر الصومام. لقد أصبحت المنطقة الثانية تشكل خطرا حقيقيا على الاستعمار، ولذلك عمدت الادارة إلى إحداث منصب جديد خاص بالمنطقة الثانية دون غيرها، أسند إلى " بابان" تحت اسم _ مفتش عام للإدارة مكلف بمهمة خاصة في عمالتي قسنطينة وعنابة" كما يجدر بنا أن نشير إلى عمليات 20 أوت 1955 التي كان لها الأثر البالغ على المناطق الأخرى، فكثفت عملياتها ضد الاستعمار ومؤسساته وقطعت الشك باليقين، إذ أدركت الإدارة الاستعمارية أنها الحرب، 234 لقد أقنعت العمليات العسكرية المختلفة العالم الحر، وبينت الوجه الحقيقي للثوار كونهم أصحاب حق، للإحاطة بالموضوع من جميع جوانبه. كما لايفوتني أن أنبه المهتمين بالبحث في قضايا الثورة التحريرية، أنه ثمة مواضيع تحتاج إلى بحث ودراسة، منها: العمل الفدائي في عنابة وقسنطينة، هجومات 20أوت وأثرها على تطور الثورة، المجاس الشعبية في الدواوير أثناء الثورة، التضامن الدولي بعد هجومات 20أوت. فالثورة لاتزال مادة خام تحتاج إلى أقلام من المدرسة الجزائرية،