مضى عامان على معركة "سيف القدس" في أيار/ مايو 2021، حيث شَكَلَت منعطفاً مهماً في تاريخ القضية الفلسطينية، حيثُ استطاعت المقاومة الفلسطينية تحقيق انتصارٍ على جيش الاحتلال، على الرغم من فارق القدرات العسكرية والتقنية بين الجانبين، كما أعادت الاعتبار للقضية الفلسطينية والقدس. بعد تصاعد اعتداءات قوات الاحتلال والمغتصبين في القدس والضفة المحتلة، في محاولة منه للاستفراد بالمسجد الأقصى وتهجير أهالي حي الشيخ جراح من بيوتهم، كانت كتائب القسام ترقب المشهد عن كثب. ففي الرابع من مايو لعام 2021م، أطلقت الكتائب التحذير الأخير على لسان قائد هيئة الأركان محمد الضيف "أبو خالد"، وجاء فيه: "إن لم يتوقف العدوان على أهلنا في حي الشيخ جراح في الحال فإننا لن نقف مكتوفي الأيدي وسيدفع العدو الثمن غالياً". هاتف محمد الضيف قائد سلاح المدفعية وأكد على جاهزيتهم لإطلاق الصواريخ وضبط الساعة السادسة مع كلمة أبو عبيدة " الناطق العسكري باسم القسام"، دقت الساعة السادسة مساء الخامس من مايو ، ولم ينسحب المستوطنين من القدس ولم يهتم الاحتلال لمهلة المقاومة، وجهت كتائب القسام رشقة صاروخية نوعية تجاه مواقع العدو في القدس المحتلة، إيذاناً ببدء معركة "سيف القدس"، الأمر الذي شكل مفاجأة صادمة لحكومة العدو، التي أخطأت تقدير موقف المقاومة وطريقة تفكيرها. وفي الوقت نفسه، استهدفت قناصة القسام منظومة أبراج الرصد والمراقبة للاحتلال على أعتاب غزة، وتحطيم عدد منها بفعل إصابتها بشكل مباشر ودقيق، ليخرج أنظمتها عن الخدمة، والتي كان لها أثر بالغ على تحركات الاحتلال طوال أيام معركة سيف القدس ضمن عملية أسمتها "عملية الإعماء". تميزت هذه المعركة بتطور كبير غير مسبوق، الأداء للمقاومة، وكثافة نيرانها، وتوسع دائرة استهدافها للعدو، حيث وصلت الصواريخ إلى عمق الكيان الصهيوني و قدّمت أسلحة جديدة وأظهرت إمكانات أربكت إسرائيل إلى حد كبير، خصوصا في ما يتعلق بالصواريخ وقدرتها التفجيرية، حيث كشفت المقاومة عن صاروخ عياش 250، حيث استخدم لأول مرة في قصف مطار رامون. رسخت المقاومة معادلات جديدة في تاريخ الصراع، فكانت تل أبيب على الطاولة من أول يوم في الحرب، ووجهت المقاومة تحذيرات للاحتلال في حال تمادى وقصف بيوت المدنيين في غزة فستكون تل أبيب تحت النار، وقصف تل أبيب أسهل من شربة ماء، وبالفعل نفذت المقاومة ما هددت به بعد قصف الآمنين، وسقطت عليها رشقة مكونة من مئة وثلاثين صاروخ، طراز A. اصابة صواريخ المقاومة مواقع حساسة للاحتلال من بينها محطة الطاقة في عسقلان، ومطارات وقواعد عسكرية مهمة للاحتلال، ورغم فرض رقابات عسكرية إلا أنه ظهر مقاطع مسربة للقصف، وهذه الفيديوهات تظهر القصف. أقرت الاحتلال بتراجع قدرة القبة الحديدية على اعتراض الصواريخ الفلسطينية، وذلك أمام تحسن القدرة الصاروخية لفصائل المقاومة الفلسطينية واختراقها منظومة القبة. واللافت في هذه المعركة دخول فلسطينيي الداخل إلى الحرب وانتفاضتهم بوجه المحتل، ما شكل مفاجأة للاحتلال. في تمام الساعة الثانية فجر الجمعة واحد وعشرون من مايو ، أعلنت غزة انتصارها بقوة مقاومتها وبسالة شعبها، بعد أن لقّنت العدو درساً قاسياً، ووجهت له ضربة موجعة ستترك آثارها المؤلمة على مستقبله. بعد عامين على اندلاع معركة سيف القدس تستكمل كتائب القسام المقاومة وأعلان معركة طوفان الأقصى.