ولكن سرعان ما أدركت أن دراسته في الجامعة أصعب بكثير مما توقعت. وفي الوقت ذاته أردت أن أفعل شيئا له علاقة بالفن الذي يمثل شغف طفولتي الأكبر، لذا بدأت التخطيط لعلامتي التجارية من أكتوبر 2021 حتى أغسطس 2022، وفي النهاية أطلقت مجموعتي الأولى في موش بيتس. كان لدي الكثير من الأسباب التي دفعتني لبدء عملي الخاص، منها مثلا عدم رغبتي في العمل بدوام كامل من 9 صباحا إلى 5 مساء، فقد كنت دائما أتخيل أن يكون لدي عملي الخاص، خاصة أن رواتب الخريجين الجدد مثلي تكون منخفضة. لذلك قررت تأسيس مشروعي الخاص بينما لا أزال في الجامعة، لكي أتمكن من تحقيق الاستقلال المادي بمجرد تخرجي. لطالما كنت مهتما بالفن والموضة والتصميم، ودائما ما أضيف لمستي الخاصة إلى كل شيء. شجعتني جدتي وأمي دوما على تطوير الجانب الإبداعي، ولكن ما دفعني إلى بدء تأسيس علامتي التجارية كان الشعور العميق داخلي بأن رؤيتي الخاصة للموضة مختلفة، وأردت إظهار ذلك عبر كل قطعة ملابس. لإضافة الجودة إلى عملي، حضرت دورتين للأزياء في تصميم الأحذية وتشريح القدم والباترون. كما ساعدتني برامج البودكاست كثيرا، فقد كنت أستمع إلى برامج حول كيفية بدء مشروع تجاري والمهارات القيادية اللازمة لذلك. فمجموعتي الأخيرة مثلا مستوحاة من الطبيعة، وتمزج بين الطبيعة والحياة الواقعية معا. إحدى قطع المجموعة عبارة عن بنطلون جينز اسمه "سيركيولار ويفز"، وهو مستوحى من حركة الأمواج التي تتبع عادة نمطا منتظما من الصعود والهبوط، وهو الأمر الذي يمثل إيقاعا نابضا وكأن الأمواج تتراقص. أفضل جزء في عملي (وأسوأ جزء كذلك) هو التحكم في كل شيء دون أن يخبرك أحد بما ينبغي فعله. هناك مزايا لكونك رئيس نفسك، فأنت من يقرر ماذا تفعل ومتى تفعل وإلى أين توجه الموارد. لذا تكون في موضع توتر ووحدة طوال الوقت. رحلة رائد الأعمال لا تتسم بالوحدة فحسب، ففي الأعوام الأولى للمشروع، تتحمل وحدك مسؤولية التفكير والقرارات حتى تبني فريقا يساندك. في السنة الأولى كنت أفعل كل شيء، بداية من الإنتاج وحتى خدمة العملاء. دائما ما أبحث وأترقب وأجرب كل شيء دون مساعدة أحد. وستشعرك بالوحدة لدرجة إعادة النظر في قرار التخلي عن الوظيفة التقليدية. أهدافي تتعلق بنمو العلامة التجارية. على المدى البعيد نستهدف التوسع إلى الأسواق والعملاء الدوليين، أما على المدى القصير فنخطط لإطلاق أربع علامات تجارية فرعية، مع الإعلان عنها بحاول نهاية العام الجاري أو مطلع العام المقبل. أشارك في كثير من الأنشطة الخيرية خلال وقت فراغي، ولا أقول هذا من باب التفاخر بل لتشجيع مجتمع رواد الأعمال على الإسهام في الأنشطة الإنسانية ومساعدة المحتاجين. أعمل على تجميع المنتجات ذات العيوب البسيطة وإصلاحها، ثم تجهيزها لتبدو جديدة وتوزيعها على المحتاجين، ليشعروا أنهم اشتروا منتجات جديدة بالفعل. كما أجمع المال لترميم البيوت وتوفير مضخات المياه والطعام ونحو ذلك، وأعتقد أن هذا جزء مهم من واجبنا تجاه المجتمع خاصة في الأوقات العصيبة. أعتقد أني كنت سأفتتح شركة في مجال اللوجستيات، ويرجع ذلك إلى المشكلات التي واجهتها في بداية تأسيس الشركة بخصوص خيارات التوصيل للعملاء، من واقع خبرتي في تأسيس علامة تجارية محلية، يمكن القول إن الشركات الناشئة المصرية تمثل قوة لا يستهان بها. كثير من العملاء والمستهلكين يتجهون الآن لشراء المنتجات المحلية بدلا من العلامات التجارية العالمية لسعرها وتوفرها في الأسواق، وهذا ما يفتح فرصا عظيمة أمام رواد الأعمال لتأسيس علامات تجارية جديدة تقدم خيارات بديلة. إلا أن بعض الناس في مصر لا يقبلون فكرة ارتفاع أسعار المنتجات المحلية، رغم أنها توفر نفس جودة المنتجات العالمية وتلتزم بنفس معاييرها، لذا فإنها لن تكون رخيصة لكنها لن تكون كذلك باهظة الثمن. ضعف التواصل وسوء تنظيم الأعمال الداخلية تعد من الأشياء التي أود تغييرها في سوق الشركات الناشئة. كثير من شركات الملابس المصرية ليس لديها سياسة استرداد أو تبديل، وحين تحاول التواصل معها بخصوص الطلب لا تجد ردا. ولهذا السبب يحتمل ألا يقبل العملاء على الشراء من تلك العلامات التجارية مجددا في المستقبل. نصيحتي لرواد الأعمال الجدد ألا يستسلموا أبدا. موش بيتس لم تكن أول تجربة بالنسبة لي، بل خضت قبلها أربع تجارب باءت كلها بالفشل. ولكن بدلا من الرضا بدور الضحية واختلاق الأعذار قررت التريث لحظة للبحث عن سبب المشكلة، والذي اكتشفت أنه سوء التخطيط وقلة دراسة السوق. لذلك أجريت أبحاثا وافية على السوق قبل البدء في تأسيس العلامة التجارية الجديدة. خطوة مهمة أخرى هي طرح الأسئلة الصعبة على نفسك: هل يتقبل الناس أفكارك؟ هل يدفعون أموالهم لشراء منتجاتك؟ هل تحتاج السوق إلى هذا المنتج فعلا، أم أنه ذوقك الشخصي فحسب؟ من خلال طرح مثل هذه الأسئلة ستتمكن من معرفة طبيعة عملك والعواقب التي تعترض طريقك للنجاح.