1- من دواعي التجديد في القصيدة العربية في القرن الثاني الهجري [. بينما كانت القصيدة العربية في العصر الأموي غير قادرة على فك الطوق عن أطر القصيدة القديمة وبنائها الفني متأثرة بجموح تيار التقليد وما كان يلقاه من تشجيع من الخلفاء والأمراء والقواد الذين أقاموها دولة عربية، وبمعنى أصح الوثبة، كانت قد تحققت في العصر العباسي بفضل العوامل الحضارية الجديدة التي دخلت المجتمع العباسي من أبوابه العريضة بفضل الأمم الأجنبية من فارسية ورومانية، والتي رسخت أقدامها في جسم الدولة العربية، وفي جميع مجالات الحياة الاجتماعية والسياسية والفكرية والعقائدية [. ونستطيع القول إن التيارات العقلية الجديدة التي تسربت إلى أعماق جيل القرن الثاني بتأثير الموالي استطاعت أن تكسر الطوق عن الأرستقراطية البدوية، وأن تحطم ما يعترض مسيرتها الفنية التطورية من حواجز ، ساعدها في ذلك ما أشرف عليه المجتمع العربي آنذاك من مخاض سياسي واجتماعي وفكري. ولقد كان لدخول العناصر الأجنبية وانصهارها في بوتقة الحياة الإسلامية والأدبية وذوبانها فيها، ودخولها في ميدان الصراع الفني بعقليتها وطرائق تفكيرها ما أسهم في تغذية العقل العربي بروافد خصبة مكنت عجلة التطور الشعري من السير قدما في طريق النماء. ويرى محمد عبد الستار الجواري : ( أن عامل التطور قد فعل فعله، وبرزت هنا وهناك مؤذنةً بالتحول الخطير الذي شهده الشعر في بغداد بعد ذلك، ولم يعد يحول بينها وبين الإعلان عن نفسها ما عرفناه في العصر الأموي من الحرص على المحافظة والاستمرار على القديم ، تلك الظواهر التي آذنت بالتجديد في الشعر ما يأتي: - مشاركة غير العرب في الشعر وظهور شعراء منهم فرضوا أنفسهم على الحياة الأدبية وبلغوا فيها مبلغا لفت إليهم أنظار النقاد ومؤرخي الأدب. - - تأثر الشعر بالحياة العقلية واستخدامه طريقة الحجاج والمناقشة والاستدلال. مسايرة الشعر للحياة الحضرية التي شاع فيها اللهو والشراب والغناء، له يستأهل أن يتفرغ له الشعراء ويصرفوا إليه اهتمامهم. 1 ولا ننسى في هذا المجال دور الشعوبية البارز الخطير في نهضة الشعر وسيرورة أغراضه الجديدة فيما بعد، وأكثر من ذلك فإنّ الشعوبية هي التي حددت مستقبل العراق المادي،