اتجه مفتش الشرطة أتشوميلو فعبر ميدان السوق ، مرتدياً معطف جديد ، ومن خلفه يسير شرطي أحمر الشعر ، ومعه غربال مملوء لحافته ، بثمار علب الثعلب المصادره ، والسكون مخيم فلا أحد بالسوق ، وتطل أبواب المتاجر المفتوحة على العالم بنظرة مثل الكلاب الجائعة ، فلا يوجد بجوارها حتى الشحاتون . وفجأة يسمع أتشوميلوف صوتاً يقول : آه ، إذا فإنك تعض أيها الملعون ، أمسك أمسك أمسك ، ويتردد عويل كلب ، فيلتفت أتشوميلوف ، فيرى كلب يرقد من مخزن للحطب ، التابع للتاجر بيتشوجين ، ويقفز على ثلاثة أرجل ويتلفت ، ويطارده شخص يرتدي صديري مفتوح وبنطلون ، ويركد وراء الكلب ثم يسقط على الأرض ، فيمسك بساقي الكلب الخلفيتين ، فيتردد مرة أخرى عويل الكلب ، وتطل من المتاجر سجن ناعسة ، وسرعان ما يتجمع الناس من مخزن الحطب ، الاتجاه إلى مكان الاضطراب : فيقول الشرطي : يبدو أن هناك اضطراب يا صاحب المعالي ، فيستدير أتشوميلوف نصف دورة إلى اليسار ، متجهاً إلى الجمع ، فيرى جنب بوابة المخزن مباشرة ، الشخص المذكور في الصديري المفتوح ، وهو يرفع يده اليمنى ليرى الجمع اصبعه المدماه ، وكأن كتب على سحنته الثملة ، وقد تعرف أتشوميلوف ، إلى ذلك الشخص وهو الصائغ خريوكين ، وفي وسط الجمع يجلس المتسبب في هذه الضجة ، جرو صيد أبيض ، ذو أنف حاد وبقعة صفراء على ظهره ، ماداً يديه الأماميتين وجسده كله يرتعش ، وفي عينيه الدامعتين نظرة حزن ورعب . ويسأل أتشوميلوف وهو يقتحم الحشد : بأي مناسبة أنتم هنا ، فيشرع خريوكين في الكلام وهو يتنحنح ويقول : كنت سائراً يا صاحب المعالي ، وفجأة إذ بهذا الكلب الوغد ودون أي سبب ، وأرجو المعذرة فأنا رجل من العاملين ، فليدفعوا لي لأنني ربما لا أستطيع أن أحرك هذا الإصبع ، أسبوعاً ولا يوجد في القانون يا صاحب المعالي ، فلو أن كل واحد أخذ يعض ، فالأفضل ألا يعيش الانسان على ظهر الأرض . فيقول أتشوميلوف بصرامة : حسنًا ، أنا لن أدع ذلك هكذا ، سأريكم كيف تطلقون كلابكم ، آن أن ننتبه إلى أولئك السادة ، الذين لا يريدون أن يمتثلوا للقوانين ، عندما يدفع الغرامة ، سوف يعرف ما معنى الكلاب وغيرها من الدواب الضالة ، سأريه العفاريت الزرق . ويخاطب الشرطي قائلًا : أعرف كلب من هذا ، أما الكلب فينبغي إعدامه فوراً ، فيقول شخص من الجمع : لابد أنه كلب الجنرال جيجالوف . مفتش الشرطة والجنرال : ارتبك أتشوميلوف عند سماع اسم الجنرال ، وأمر الشرطي أن ينتزع عنه معطفه ، قائلًا : ما هذا الحر ، ثم استطرد قائلًا : شيء واحد لم أفهمه ، أفمن المعقول أن يطال اصبعك ، يبدو أنك جرحت إصبعك بمسمار ، وخطرت لك فكرة أن تحصل على تعويض ، أعرفكم أيها الشياطين ؟ فقال أحد الواقفين : يا صاحب المعالي ، كان يلسعه بالسيجارة في فمه ، ليضحك عليه فدافع الكلب عن نفسه وعضه ، إنه شخص مشاكس يا صاحب المعالي ، فرد عليه الصائغ قائلًا : أنت كذاب وأحول ، فأنت لم ترى شيءً ، إن صاحب المعالي سيد ذكي ، ويعرف من الكذاب ومن الشريف النقي الضمير أمام الله ، ليس كلب الجنرال : قال الشرطي : لا انه ليس كلب الجنرال ، ليس للجنرال كلب كهذا ، إن كلاب الجنرال أهذب سلوكيا ، فرد عليه أتشوميلوف : هل أنت متأكد ؟ ، فرد الشرطي : متأكد يا صاحب المعالي ، فرد عليه أتشوميلوف : أنا نفسي أعلم هذا ، ماذا جرى لعقولكم ، لو أن كلب كهذا ظهر في موسكو ، قد تضررت ، الشرطي يراجع نفسه: فيقول الشرطي وهو يفكر بصوت مسموع : وربما كان كلب الجنرال ، فليس مكتوب على سحنته ، في فناء منزله ، إنه كلب الجنرال . لقد بردت ، وإحمل الكلب إلى الجنرال واسأل هناك ، وقل لهم إنى وجدته وأرسلته وقل لهم أيضًا ، ألا يخرجوه إلى الشارع ، فهو كلب ربما غالي ، الكلب حيوان مهم ، وأنت أيها الغبي أنزل ذراعك ، طباخ الجنرال : فلنسأله ، ونادى عليه قائلًا : يا بروخور تعالى إلى هنا ، انظر إلى هذا الكلب أهو كلبكم ؟ ، فقال الطباخ : يا سلام ، لم يكن أبداً لدينا كلاب مثله ، هذا كلب ضال ، فلا داع للكلام الكثير ، وكفي ، فاستطرد الطباخ : ليس كلبنا ، إنه كلب شقيق الجنرال الذي وصل من مدة ، الحرباء: أنا لا أعلم ، هل جاء للزيارة ؟ ، قال الطباخ : نعم جاء للزيارة ، هبش هذا من اصبعه . فأخذ الطباخ بروخور الكلب ، ومضى به بعيداً عن الجمع ، وضحك كل من في السوق على الصائغ خيروكين ، وتوعد أتشوميلوف الصائغ ، ثم ارتدى المعطف ،