وتمثل المرحلة الثانية من التعليم بالنسبة للأطفال بعد الكتاتيب. والتعليم فيها أوسع وأشمل بالنسبة لطلبة العلم، حيث تعقد فيها حلقات العلم ومجالسه، في موضوعات علمية متنوعة على يد شيوخ وأساتذة أكفاء. فكانوا يدرسون القرآن الكريم، وممن اشتهر بتدريسه في عهد بني رستم: هود بن محكم الهواري بجامع تاهرت، وكذلك العالم: لواب بن سلام الذي كان يعلمهم قراءة القرآن وتجويده وتفسيره. كما يدرسون الحديث النبوي الشريف، ومن أشهر المدرسين : المحدث أبو عبيدة الأعرج. وكذلك تدريس اللغة العربية والنحو والأدب والشعر، كما يدرسون المذهب الاباضي. وكان يسمح للنساء بحضور الحلقات التي تقام بالمساجد حيث أقيمت لهن مقصورات خاصة بهن يجلسن فيها لاستماع الدروس. لم يقتصر التعليم على ما يلقن في المساجد والكتاتيب، ومن المنازل التي كان يدرس بها: منزل أبي ذر أبان بن وسيم كانت النساء تقصده للدراسة والتعلم فضلا عن الرجال والطلبة، وكان ابن الصغير يدرس كتابا في الحديث عند أبي عبيدة الأعرج، أحد علماء تاهرت كان يقصده في منزله. المدارس: أدت المدارس دورا هاما في تعليم وتثقيف الرستميين والنهوض بالحركة العلمية والدينية بمدن وقرى الدولة الرستمية، وقد أسست مستقلة عن المسجد وكانت حلقاتها مفتوحة لجميع الراغبين في طلب العلم والتفقه في الدين، وكان يلحق بها جناح خاص بالغرباء وعابري السبيل، 3.5. المكتبات: مكتبة المعصومة، و غيرها من الكتب العلمية. وكان الأئمة يسهرون على شراء الكتب وإعمار المكتبات، فتشير النصوص الاباضية إلى أن عبد الوهاب بعث بألف دينار لإخوانه بالبصرة لشراء الكتب والاتيان بها إلى بلاد المغرب، فنسخوا له 40 حمل بعير من الكتب وبعثوا بها إليه، فغذى بها مكتبة المعصومة، 4. أهم العلوم العقلية والنقلية التي اهتموا بها: اهتموا في مجال العلوم النقلية بعلوم التفسير، وكذلك بدراسة الفقه الاباضي باعتباره فقها جديدا يختلف عن فقه المالكية والتأليف في مجاله. وخصوصا بتاهرت و بجبل نفوسة أين يذهب الفقهاء وطلبة العلم للتكوين وتعلم الفقه الاباضي خاصة في مدينة شروس بجبل نفوسة، ومن أشهر علماء نفوسة: الشيخ مهدي النفوسي، وأبو الحسن الأبدلاني، ومن فقهاء الاباضية: عيسى بن فرناس النفوسي، أبو قدامة يزيد بن فندين اليفرني الذي قاد حركة المخالفة والانشقاق عن الاباضية وعرفت حركته بالنكارية التي انشقت عن الاباضية سنة 171ه/787م فأصبحت هناك وهبية ونكارية، كما انشق عن الاباضية ابن نصر النفوسي وعرفت بحركة النفاثية. ومن الفقهاء كذلك أبو الموفق سعدوس بن عطية بن صالح الكتامي، ومصعب بن سدمان. وبرز في وارجلان الشيخ يعقوب بن يوسف بن سهلول السدراتي عاش ق3ه/9م. فقد اهتموا بعلم الكلام الذي غذته المناظرات التي كانت تجرى بين أهل العلم منو مختلف المذاهب. وهو علم يعتمد على الرد بالحجة على الحجة وينتصر صاحب الحجة القوية، كما يحتاج علم الكلام إلى المنطق. ظهرت العديد من الفرق الكلامية، كما اهتموا بعلم النحو والأدب العربي بما في ذلك النثر والشعر، وكذلك الطب والحساب والفلك والتنجيم. ومن الذين اهتموا بالنحو أبو عبيدة الأعرج، وكان عالما بالفقه والوثائق والنحو واللغة، ابراهيم المهري أبو عبد الله عبد الملك المهر. ومن شعراء تاهرت: بكر بن حماد التاهرتي توفي سنة 296للهجرة، وسعيد بن واشكل التاهرتي. وفي التاريخ ابن الصغير المالكي.